مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_العلاقات_السورية_الأمريكية_(7-7)_(1865 -2004م)_مصر_تتصدى_للتحالفات_الأمريكية_في_المنطقة
تعتبر فترة الخمسينيات من القرن العشرين مرحلة محورية في تاريخ سورية، حيث شهدت تدخلات أمريكية متعددة بهدف زعزعة الاستقرار السياسي. كانت الولايات المتحدة تسعى لدعم مشاريعها الاستراتيجية، مثل خطة آيزنهاور، التي استهدفت تقويض المد الشيوعي وتعزيز النفوذ الغربي في المنطقة. في ظل هذه الأوضاع، تفاقمت التوترات بين القوى الإقليمية، خاصة بين مصر والعراق. كما تزايدت محاولات السيطرة على سورية من خلال دعم الأنظمة الموالية في المنطقة. هذا السياق المعقد يعكس التفاعلات المتشابكة بين القوى الكبرى، وتأثيرها على المصالح الوطنية السورية.
العلاقات والتدخل الأمريكي في الشؤون السورية
مصر تتصدى للتحالفات الأمريكية في المنطقة(1865-2004م)
لما كانت السي آي إيه مخترقِة لمجلس قيادة الثورة المصرية، كما يؤكد ذلك ’’مايلز كوبلاند‘‘ في كتابه لعبة الأمم، فقد تدخلت مصر وأعلنت شجبها للتدخل الأمريكي في الشؤون العربية، وإن ما ستقدمه من مساعدات هو عبارة عن رشوة للأقطار المشتركة معها في الحرب الباردة لتقويض القومية العربية، رغم أن مصر نفسها كانت منذ حركة محمد نجيب وحتى الآن تتلقى المساعدات الأمريكية،
توتر العلاقات المصرية العراقية
وبسبب هذه السياسة المصرية تجاه مشروع آيزنهاور، توترت العلاقات المصرية العراقية، باعتبار أن العراق ولبنان أيدا المشروع، وكانت مصر قد تكفلت بالقضاء على المد الشيوعي في سورية والعراق، وهذا أفسح المجال لها لتلقي المساعدات الأمريكية حيث منحتها أمريكا قرضاً من خلال صندوق النقد الدولي، لبناء السد العالي،
الاستراتيجية الأمريكية
ومن المعلوم أن هذه المساعدات تقع ضمن الاستراتيجية الأمريكية التي تقول: ’’إننا نستخدم برامجنا الاقتصادية والعسكرية، لدعم القائمين فعلاً أو نأتي بالنظام الذي يقدم وعداً بدعمنا‘‘،
التدخل العسكري والتوتر الإقليمي
لذلك ركزت الولايات المتحدة على دعم دور الزعيم الفرد الموالي لها باعتباره أقدر على معالجة الآثار المحلية والإقليمية المترتبة على سياسته، وحين يسقط هذا الزعيم فإن الولايات المتحدة، تركب موجة السخط النابعة من الشعب ضد نظام الحكم السابق، فكانت استراتيجية الولايات المتحدة لإيقاف المد الشيوعي في سورية، إضافة لاستراتيجياتها السالفة الذكر، بشن حرب سِرِّيَّة بالوكالة من خلال مؤيدي حلفائها. وإخضاع سورية للهيمنة المصرية.
حلف بغداد
بريطانيا العجوز التي بدأت تتطلع للعودة إلى المنطقة بعد أُفول نجمها وسحب الولايات المتحدة البساط من تحتها دعت إلى قيام حلف بغداد عام 1955م، ليكون مركزا لقاعدة عودتها إلى المنطقة، لكن الولايات المتحدة عارضت هذا الحلف بشكل خفي، لعزمها في أن تحل محل بريطانيا ومحل فرنسا في الشرق الأوسط والعالم بشكل عام،
التحركات العسكرية الأمريكية
وقد أدركت بريطانيا ذلك فاقتنعت بعدم قدرتها على منافسة الولايات المتحدة الأمريكية، فآثرت السير خلفها، وكانت الولايات المتحدة، ضمن استراتيجيتها لتقويض الحِلْف، أن دخلت في اللجنة العسكرية لهذا الحِلْف في آذار عام 1957م،
حيث بدت وكأنها تريد مهاجمة سورية، على أساس أن هذا الانضمام يتيح لها بالاتفاق مع دول الحِلْف على مهاجمة سورية، بحجة أنها تهدد أمن المنطقة،
التأثيرات على سورية
خاصة بعد أن اقترب الأسطول السادس من الشواطئ السورية، وتمركز قوات تركية على الحدود السورية، وكان هذا التصرف من أمريكا والحلف الجديد لدفع سورية للاقتراب من مصر والابتعاد عن العراق تمهيداً للسيطرة عليها، وإدخالها ضمن متطلبات السوق الرأسمالية العالمية الذي تقوده الولايات المتحدة،
الأزمات الاقتصادية
لأنه لا فائدة للولايات المتحدة بالتدخل العسكري في سورية، باعتبار أن ذلك سيفسح المجال لزيادة التدخل البريطاني في المنطقة،
وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة، التي ترغب بالانفراد بالسيطرة، وتقويض أي قوى منافسة لها في المنطقة، إضافة لما سببه هذا الحلف من عدم استقرار حكومي في سورية منذ قيامه عام 1954م وحتى الوحدة مع مصر عام 1958م،
التدخل الأمريكي المتزايد
لكن هذا لا يعني أن هذا الحلف هو وحده الذي أثار تدخل الولايات المتحدة في سورية، لأن تدخلها ازداد أكثر مع سقوط الشيشكلي منذ عام 1954م، خاصة عندما قبلت سورية بالصين لتشارك في معرض دمشق الدولي،
حيث احتجت الولايات المتحدة على قبول سورية لمشاركة الصين الشعبية، باعتبارها لا تعترف بها في ذلك الوقت،
ردود الفعل الشعبية
فكان هذا الاحتجاج قد أثار مشاعر الشعب السوري الذي طالب بطرد السفير الأمريكي من دمشق، أيضاً كان رفض الحكومات السورية المتعاقبة لمبدأ آيزنهاور فقامت البضائع الأمريكية بمضاربة البضائع السورية في أوروبا، وفسخت المصانع التركية والعراقية المعتمدة على القطن السوري عقودها مع سورية،
التأثيرات السلبية على الاقتصاد
كما قاطعت معظم الدول المرتبطة بالولايات المتحدة، معرض دمشق الدولي، وأعلنت شركة نفط العراق الأنجلو أمريكية تقليص إنتاجها، ووقف العمل في بناء أكبر خطوط النفط عبرها، وطردت آلاف العمال السوريين، كما رفض البنك الدولي – الذي تسيطر عليه أمريكا وحلفاءها – تقديم القروض إلى سورية أو التعامل معها، فكان كبح جماح الوحش اليساري الذي صنعته الولايات المتحدة من خلال ما يسمى بالأحزاب القومية العربية، من خلال سيطرة الولايات المتحدة على الدولة ذاتها من خلال بعض أعضاء النظام المصري المخترق له من قبلها،
الزيارة الأمريكية
وما يؤكد ذلك أنه في نهاية عام 1957م زار الموفد الأمريكي ’’نورمان توماس‘‘ سورية، والتقى بالحوراني، قائلاً إنه: اتفق مع عبد الناصر، على حل مشكلة تزايد السكان في مصر، وإن الهلال الخصيب يواجه مشكلة نقص السكان، وقد أيد الحوراني هذا الرأي على أساس أنه سيزيد من فرص التنمية في سورية، وكان لهذا الموفد الدور الأول في استئناف المساعدات والقروض الأمريكية لمصر، بعد لقائه بعبد الناصر،
كما أن هذا الموفد قد أيد الوحدة المصرية السورية، وكان قد زار مع مرافقيه مكتب حزب البعث في دمشق وألقى محاضرة شجع فيها البعثيين للسعي إلى الوحدة مع مصر، وهذا ما دفع الحوراني ليناصب كلا الحزبين الرئيسيين (الشعب والوطني) العداء، وإثارة الفتن داخلهما.
محاربة القوى اليمينية
ثم عملت الولايات المتحدة على التخلص من القوى اليمينية التي قد تعترض قيام الوحدة بين سورية ومصر، حيث شجعت بعضها للقيام بانقلاب، ثم كشفت المؤامرة من خلال عملائها أيضاً، فكان انقلاب المقدم هشام العظم بالاتفاق مع السي آي إيه، في نيسان عام 1957م، لكن تم الكشف عن العملية قبل بدء التنفيذ.
الاعتراضات على السياسة الأمريكية
وبعد قيام الوحدة في شباط عام 1958م، اتهم الحوراني عبد الناصر بأنه متآمر على الشعب السوري والفلسطيني، وأنه مرتبط بالولايات المتحدة، وبرر قوله أن الرئيس المصري السابق محمد نجيب طلب مساعدة من الاتحاد السوفيتي عام 1953م، واعترض على البند الرابع من اتفاقية الجلاء في تشرين الأول عام 1954م، المتعلق بالسماح لبريطانيا باستخدام قاعدة قناة السويس في حالة حدوث اعتداء سوفييتي على تركيا أو أي دولة في الشرق الأوسط،
التوجهات الأمريكية الجديدة
وكانت موافقته لهذا البند ستجعل مصر تحصل على وعد بالجلاء وتقديم المساعدات الأمريكية التي تُقَدَّر بـ 20 مليون دولار، إضافة إلى 20 مليون دولار أخرى كمساعدات عسكرية، وأن الولايات المتحدة من خلال السي آي إيه قد سعت لإبعاده لهذا السبب وعقدت اتفاقية بنفس الشروط مع القيادة المصرية الجديدة بعده، كما أن نظام الوحدة قد أثار مشكلة الأكراد في سورية بغية إشغال الشعب العراقي والسوري عن الوحدة بينهما، وفي سبيل تحقيق مصالح الغرب باسم القومية الكردية والإنسانية، فالغرب هو الذي أنشأ لهم المنظمات والمكاتب الكثيرة في كافة أنحاء أوروبا، وهذا يتوافق مع الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط الرَّامية إلى تقسيمه إلى كانتونات طائفية وعِرْقية.
يتبع…..
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_العلاقات_السورية_الأمريكية_(7-7)_(1865 -2004م)_مصر_تتصدى_للتحالفات_الأمريكية_في_المنطقة
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_العلاقات_السورية_الأمريكية_(7-7)_(1865 -2004م)_مصر_تتصدى_للتحالفات_الأمريكية_في_المنطقة
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_العلاقات_السورية_الأمريكية_(7-7)_(1865 -2004م)_مصر_تتصدى_للتحالفات_الأمريكية_في_المنطقة