مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_تاريخ_العلاقات_السورية_الأمريكية_(3-7)_أمريكا_تدفع_بالعقيد_أديب_الشيشكلي_لتنفيذ_الانقلاب_ على_الحناوي
تُعتبر سورية نقطة محورية في الصراع الإقليمي والدولي، حيث شهدت تاريخًا معقدًا من التدخلات الأجنبية، وخاصة من الولايات المتحدة. بعد نجاحها في الإطاحة بالجنرال سامي الحناوي، دفعت واشنطن بالجنرال أديب الشيشكلي ليكون حاكمًا لسورية في 19 كانون الأول عام 1949. جاء هذا الانقلاب في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى ضمان مصالحها في المنطقة، حيث أبدى الشيشكلي استعداده لقبول السلام مع إسرائيل وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سورية.
ومع تصاعد التوترات السياسية، أقدم الشيشكلي على حل الأحزاب السياسية وفرض قيود صارمة على المعارضين، مما ساهم في تعزيز السيطرة الأمريكية. وفي ظل هذه الديناميكيات، تشكلت حكومة معروف الدواليبي في عام 1951، التي اتبعت سياسة حيادية وعارضت المساعدات الأمريكية المشروطة، مما أثار استياء الولايات المتحدة. يمثل هذا التاريخ تجسيدًا للصراع بين القوى العظمى وتأثيراتها على السياسات الداخلية للدول، مما يعكس التحديات المستمرة التي تواجهها سورية في سعيها نحو الاستقلال والسيادة.
تاريخ التدخل الأمريكي في سورية: من الشيشكلي إلى الدواليبي
أمريكا تدفع بالعقيد أديب الشيشكلي لتنفيذ الانقلاب على الحناوي
جحت الولايات المتحدة مجدداً بالإطاحة بخصمها اللدود سامي الحناوي، ودفعت بالجنرال أديب الشيشكلي لِيُنَفِّذ انقلابه الأول علي الحناوي في 19 كانون الأول عام 1949م ’’أي بعد انقلاب الحناوي بنحو ثلاثة أشهر‘‘ ليكون حاكماً لسورية، وكان هذا على علاقة بـ ’’مايلز كوبلاند‘‘، فكان انقلابه الأول في مصلحة الولايات المتحدة.
حيث أكد على استعداده لقبول السلام مع إسرائيل، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سورية، والتفاوض لإجراء اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا، والسعي للتوصل إلى اتفاقية مع الولايات المتحدة، بشأن المساعدات العسكرية، بعد أن رفض الرئيس هاشم الأتاسي مشروع النقطة الرابعة الذي أطلقه الرئيس الأمريكي ’’هاري ترومان‘‘ ومفاده: ’’إمداد الدول الأقل نمواً بالمساعدات التكنولوجية، والعسكرية وفي إطار دعم هذه الدول وتقويتها اقتصادياً، لتتمكن من مواجهة واستئصال النفوذ السوفياتي الشيوعي‘‘، إضافة لرفض هاشم الأتاسي الاشتراك في مشروع القيادة الشرق أوسطية التي لَمَّحت إليه الدول الغربية.
القمع السياسي
وعندما قامت الجماهير السورية بالتظاهر تنديداً بالعدوان الأمريكي على كوريا عام 1950م، أقدم الشيشكلي على حل الأحزاب السياسية، وشن حملة اعتقالات ضد كل معارضيه ومعارضي سياسته.
الإعلان الثلاثي
كما أن الولايات المتحدة قد أصدرت في 29 أيار عام 1950م، بالاتفاق مع بريطانيا وفرنسا الإعلان الثلاثي الذي تضمن تعهد هذه الدول الثلاثة بتأمين الوجود الإسرائيلي، وبتحقيق التوازن في سباق التسلح بين الدول العربية من جهة، وإسرائيل من الجهة المقابلة، والتعهد بالتصدي لأي محاولة لتعديل الوضع القائم (تعديل اتفاقية سايكس – بيكو) أو تغيير في الحدود التي أرستها اتفاقية الهدنة بين العرب وإسرائيل عام 1949م،
توسع النفوذ الأمريكي
وكما زاد أعداد رجال السفارة الأمريكية في دمشق عقب الانقلاب الأول للشيشكلي، كما زاد عدد رجال الأعمال الأمريكيين في سورية، ووقعت سورية عدداً من الاتفاقيات التجارية مع الشركات الأمريكية مثل شركة باكتيل، وشركة نفط العراق البريطانية.
حكومة معروف الدواليبي
وعندما شكل معروف الدواليبي في تشرين الثاني عام 1951م حكومة أعلنت أنها ستتبنى الحياد، وستشتري السلاح من الدول الشيوعية لكسر الاحتكار الغربي، ومعارضة تدخل الجيش في السياسة، وأن رئيس الوزراء نفسه سيتولى وزارة الدفاع إضافة لرئاسة الحكومة، ونادت بالإصلاحات، كما رفضت المساعدات الأمريكية المشروطة بتوطين مليون فلسطيني في سورية، وتفضيلها للاتحاد السوفياتي على الأمريكان إن تعلق الأمر بمسألة اللاجئين وبالتنازلات لإسرائيل، وهذا أدى إلى استياء الولايات المتحدة التي وصفت رئيس الحكومة بأنه أكبر زعيم عربي معاد للأمريكان.
ختاما:
تظل العلاقات السورية الأمريكية معقدة ومتقلبة، حيث تعكس الصراعات التاريخية بين القوى العظمى وتأثيراتها على السياسات الداخلية. من انقلاب الشيشكلي إلى حكومة معروف الدواليبي، سعت الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، مما أدى إلى تغييرات جذرية في المشهد السياسي السوري. كانت التدخلات الأمريكية في سورية تهدف إلى تعزيز النفوذ الغربي، إلا أن النتائج كانت غالبًا عكسية، حيث أثارت مشاعر المقاومة والرفض بين السوريين.
ومع استمرار التوترات الإقليمية والدولية، يبقى السؤال حول كيفية تحقيق سورية لاستقلالها وسيادتها في ظل التأثيرات الخارجية. إن فهم هذه الديناميكيات التاريخية يسهم في تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها سورية في سعيها نحو الاستقرار والتنمية المستدامة. في النهاية، تبرز ضرورة تعزيز الوعي الوطني والعمل على بناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة التحديات، لتحقيق مستقبل أفضل لشعب سورية واستعادة مكانتها في المجتمع الدولي.
يتبع…..
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_صفحات_مجهولة_من_تاريخ_العلاقات_السورية_الأمريكية_(3-7)_أمريكا_تدفع_بالعقيد_أديب_الشيشكلي_لتنفيذ_الانقلاب_ على_الحناوي