مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_زهير_سالم_في_التحليل_السياسي_الطائفي
التحليل السياسي يتجلى بأشكال متعددة في مجتمعاتنا، حيث يصبح عبئًا يثقل كاهل الإنسانية ويعيق التقدم. العصبية الباطلة للدين، والقوم، والطائفية، والمذهب، والعشيرة، والمدنية، هي من أشد أنواع الشر الذي ينبغي للإنسان العاقل أن يتجلى عنه. يتجلى ذلك بوضوح في مواقف بعض القضاة الذين يفضلون حكم مصلحة دينهم أو طائفتهم على العدالة، مما يُظهر غياب القيم الإنسانية الأساسية.
في هذا السياق، تأتي أهمية التحليل السياسي كأداة لفهم الأحداث السياسية وأبعادها، بعيدًا عن الأبعاد الطائفية التي قد تعمق الشرخ بين المجتمعات. إن إدراكنا لحقيقة أن الجذور الطائفية هي مجرد أعراض، يتطلب منا اتخاذ خطوات جادة لكسر دائرة العدوى. في هذه الرسالة، نهدف إلى تسليط الضوء على المخاطر الناجمة عن العصبية وكيف يمكننا تجاوزها نحو مجتمع أكثر تماسكًا وعدالة.
التحليل السياسي: العصبية وأثرها على المجتمع
العصبية للباطل بكل أشكاله، باطلة.
العصبية الباطلة للدِّيْنِ وللقوم وللطائفة
وللمذهب وللعشيرة وللمدينة وللفئة ..
كل أولئك من الشر النتن الذي يجب أن يتسامى الإنسان العاقل الرزين عنه.
العصبية الذميمة للدين
وحتى لا أسبق فمن العصبية الذميمة للدِّيْنِ، أن يقضي القاضي حين يختصم عنده رجلان، هذا على دِينه وذاك مخالف له في الدِّيْنِ، للذي على دينه، مهما كانت شواهد القضية وشهودها. أثبت هذا لئلا يعترضني معترض فيقول: إن العصبية للدِّيْنِ حق وخير لا شَرَّ فيه.
وفي مثل هذه العصبية نزل قوله تعالى: ’’وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً‘‘ تعني لا تدافع عن تابع دينك أو مذهبك أو طائفتك أو ابن عشيرتك أو مدينتك إن كان ظالما أو خائنا، وللخيانة مَعَانٍ وتلبسات كثيرة.
رسالتي هذا الصباح:
أن التحليل السياسي محاولة جادة لتبيين أسباب الحدث السياسي، وأبعاده، واستشراف مستقبله، وتداعياته..
وكل أولئك لا يمكن أن يكون بالبعد الطائفي منفردا، مهما يكن واقعه.
كثير من إذا قلتّ له: هذه طائفية!! يقول لك: لستُ الأول فيها، ولست أول من أوقد نارها، وطالما كنت ضحيتها، ومن حق الملسوع أن يخاف من الحبل يظنه أفعى، ومن احترق لسانه من الحساء، نفخ في الزبادي..!!
معالجة الطائفية
في معالجة الجذام والجرب وأمثالها؛ المهم كسر دائرة العدوى أكثر من البحث عن مسببها الأول.
في المعركة ضد الطائفية كن كمن قيل فيه: في اللهب ولا يحترق. مهمة الانقاذ من هذا الداء الوبيل صعبة وعسيرة..
قراءة المشهد السوري
اليوم الأعزاء الذين يقرؤون المشهد السوري في السويداء بعيون الطائفية، وعقل طائفي، هم جزء من مشهدنا السوري الوبيل بكل أبعاده..
التحذير من الأنا الفردية
أنا أعلم أن هؤلاء لا تنقصهم الحجج، ولا الشواهد، ولا الذرائع، ولا بعض المستمسكات؛ ولكنهم تنقصه الرؤية المستشرفة المستخلصة المنقذة، التي تنقذ السفينة بكل من فيها. والذي يعلم أن الثقب في الموضع الخاص، يعني غرق السفينة كلها – صلى الله وسلم على معلم الناس الخير- يتكئ أحدهم على أريكته؛ ويلقي الكلام على عواهنه:
” فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا”
ويقول لك: ولو كنت في هذه الدنيا وحدك، وجب عليك أن تحمل السلاح وتقاتل، ولو كنت وحدك!!
تأثير العقلية النابذة
من العصبية أن يدفع ابن الحارة القبلية عن نفسه شر ابن الحارة الشمالية: ويا خيل الله اركبي.
هذه العقلية النابذة المفرقة التي تسيطر عليها الأنا الفردية والفئوية بكل تراتبيتها؛ هي التي دمرت دولنا ومجتمعاتنا..
مع الأسف أنها ما زالت..
نعم ما زالت!!
اتقوا الله في عقولنا بل في عقولكم.!!
الخاتمة:
في ختام هذه الرسالة، نجد أن التحليل السياسي هو خطوة ضرورية لفهم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا اليوم. إن العصبية بأنواعها المختلفة تمثل عائقًا كبيرًا أمام التقدم والتعايش السلمي، مما يستدعي منا أن نتجاوزها. يجب أن نكون واعين لخطورة الانغماس في أبعاد طائفية أو فئوية، وأن نعمل على تعزيز قيم العدالة والمساواة. إن القضية ليست مجرد صراعات على السلطة أو الدين، بل هي مسألة وجودية تتعلق بمستقبل الإنسانية جمعاء. لن نتمكن من بناء مجتمعات قوية ومستقرة إلا من خلال نبذ العصبية والعمل معًا من أجل مصلحة الجميع. إن هذه الدعوة ليست مجرد كلمات، بل هي دعوة حقيقية للتفكير النقدي والتعاون. لنجعل من إنسانيتنا القاسم المشترك الذي يجمعنا، ولنحافظ على عقولنا من أن تكون رهينة للأفكار الضيقة.
_______
أ.زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي.
هذا التحليل السياسي يُعَبِّرُ عن رأي كاتبه ولا يُعَبِّرُ بالضرورة عن رأي الموقع.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_زهير_سالم_في_التحليل_السياسي_الطائفي