مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_أحمد_كامل_أسئلة_عن_سقوط_نظام_الأسد_ومستقبل_سورية
السؤال الأول: من أسقط النظام؟
سقوط النظام جاء نتيجة سلسلة طويلة من الحركات الاحتجاجية الشعبية والإعلامية والثقافية والسياسية والعسكرية، التي قادها ملايين السوريين على مدار أكثر من خمسين عاماً. بدأت هذه الحركات عقب وصول نظام الأسد إلى السلطة عام 1970م، وظهرت أولى الاحتجاجات ضده في مدينة حماة عام 1973م. هذه الاحتجاجات قُوبلت بعنف شديد من قبل النظام، وتكررت في مناسبات مختلفة، وصولاً إلى الثورة الكبرى عام 2011م.
مع انطلاق الربيع العربي، خرجت عشرات الآلاف من المظاهرات في مختلف المدن السورية، وشارك في بعضها مئات الآلاف، كما في مظاهرات حماة ودير الزور. رفعت هذه المظاهرات شعار الحرية، الذي فُسِّر في وثائق الثورة والمعارضة على أنه يعني إسقاط النظام وإقامة نظام حر، مدني وديمقراطي.
استمرت هذه المظاهرات على مدار 13 عاماً في موجات متعاقبة، تخمد في مكان وتشتعل في آخر. حتى بعد أن اضطر المتظاهرون للدفاع عن أنفسهم عبر حمل السلاح نتيجة عنف النظام بعد ثمانية أشهر من بدء الثورة، استمر النشاط السلمي إلى جانب العمل المسلح. توِّجت هذه الجهود بالهجوم الأخير الذي قادته فصائل المعارضة يوم 27 نوفمبر 2024م، واستمر 11 يوماً، وأسفر عن هروب بشار الأسد وسقوط النظام دون معارك كبيرة، وغالباً دون استخدام كثيف للسلاح.
الهجوم الأخير قادته هيئة تحرير الشام بمشاركة فصائل أخرى، منها الجيش الوطني السوري وفصائل الجنوب (درعا والقنيطرة)، وبدعم شعبي واسع، إضافة إلى انضمام أعداد كبيرة من الجنود وعناصر الشرطة والأمن المنشقين عن النظام.
السؤال الثاني: من هو قائد هيئة تحرير الشام؟
أحمد الشرع، المعروف بلقب ’’أبو محمد الجولاني‘‘، هو قائد هيئة تحرير الشام. يتميز الشرع بإصراره على إسقاط النظام بكل الوسائل. أَسَّسَ تنظيم جبهة النصرة، الذي اتُّهم بكونه فرعاً لتنظيم القاعدة، مما أدى إلى إدراجه على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية.
رغم إعلان الشرع مراراً فك ارتباط الجبهة بتنظيم القاعدة، إلا أن ذلك لم يرفع اسمه من اللوائح السوداء. لاحقاً، ذابت جبهة النصرة في إطار جديد باسم ’’جبهة فتح الشام‘‘، الذي انضم بدوره إلى هيئة تحرير الشام.
أظهرت الهيئة في السنوات الأخيرة سلسلة من الخطوات المطمئنة للأقليات والنساء والمسيحيين، مما دفع جهات دولية كبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى إعلان استعدادها لمراجعة موقفها تجاه الهيئة بناءً على أفعالها المستقبلية، وربما رفعها من قوائم الإرهاب.
ورغم منصبه البارز، لم يتعرض الشرع لمحاولات اغتيال جدية من قبل الولايات المتحدة، التي سبق أن استهدفت قيادات الصفوف الأولى والثانية والثالثة في التنظيمات التي تصفها بالجهادية، بما في ذلك هيئة تحرير الشام.
السؤال الثالث: هل انتقلت سورية من حكم شمولي علماني إلى حكم شمولي إسلامي؟
من المستبعد أن يقبل السوريون حُكماً شمولياً جديداً بعد تجربتهم الطويلة مع الاستبداد الأسدي. فقد دفعوا أثماناً باهظة في سبيل الحصول على حريتهم، وكان شعار ثورتهم الأبرز هو: ’’سورية بدها حرية‘‘.
يتجلى تمسّك السوريين بفكرة الحرية في تعاملهم مع تجربة هيئة تحرير الشام في حُكْمِ إدلب. ورغم الضغوط، أبدى سكان إدلب حساسية كبيرة تجاه أي مساس بحرياتهم، واستمروا في المظاهرات والمطالبات طوال فترة حُكْم الهيئة.
إذا كان من الصعب على هيئة تحرير الشام فرض حُكْم شمولي على إدلب التي تضم ثلاثة ملايين نسمة، فإن تحقيق ذلك في سورية كاملة، التي تستعد لاستقبال ملايين العائدين من الخارج لتصبح ذات تعداد سكاني يبلغ 25 مليون نسمة، يبدو مستحيلاً.
السؤال الرابع: هل سورية قابلة لتقبل الديمقراطية؟
في كل فرصة أتيحت للسوريين للتعبير بِحُريَّة، اختاروا الاعتدال والوسطية. ففي الانتخابات الحرة قبل نظام الأسد، اختاروا شخصيات مثل سعد الله الجابري، وفارس الخوري، وشكري القوتلي. وفي انتخابات المعارضة بعد عام 2011م، اختاروا أسماءً كبرهان غليون وعبد الباسط سيدا وجورج صبرا.
الأحزاب التي حازت ثقة السوريين دائماً كانت معتدلة وبعيدة عن التطرف، مثل حزبي الشعب والكتلة الوطنية. وهذا يبرهن على أن السوريين يتطلعون إلى قيادة وطنية معتدلة تدعم قيم الديمقراطية والتعددية.
السؤال الخامس: كم تحتاج سورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟
لا توجد إجابة دقيقة عن الوقت اللازم لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في سورية، لكن ما يهم السوريين حالياً هو أن النظام قد سقط بأقل الخسائر الممكنة، دون أعمال انتقامية واسعة أو اعتداءات على الفئات الأضعف، ودون بوادر لحرب أهلية.
يدرك السوريون أن هذه البداية لمسيرة طويلة تتطلب جهداً كبيراً للوصول إلى الانتخابات الحرة النزيهة وترسيخها كنهج دائم. وهم على استعداد لبذل هذا الجهد، آملين أن يحظوا بالدعم الدولي لتحقيق ذلك.
يُذكر السوريون العالم بأن الثورة الفرنسية، رغم عنفها، احتاجت 72 عاماً لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، فإن السوريين يؤمنون بأنهم قادرون على تحقيق أهداف ثورتهم في وقت أقل، مستندين إلى عزيمتهم وإصرارهم على بناء دولة ديمقراطية تقوم على الحرية والتداول السلمي للسلطة.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_أحمد_كامل_أسئلة_عن_سقوط_نظام_الأسد_ومستقبل_سورية