الخميس, يناير 9, 2025
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفأمريكا مُنْخَرِطَة في الحرب على غَزَّةَ مع إسرائيل

أمريكا مُنْخَرِطَة في الحرب على غَزَّةَ مع إسرائيل

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_أمريكا_مُنْخَرِطَة_في_الحرب_على_غَزَّةَ_مع_إسرائيل

لا يمكن الآن وبَعْدَ استخدام أمريكا لحق النقض ’’الفيتو‘‘ ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غَزَّةَ أن نقول إن دولة الاحتلال الإسرائيلي وحدها التي تَشُنُّ الحرب على قطاع غَزَّةَ، وتغتال الأطفال والنساء هناك، وتُهَجِّرُ أكثر من 1.8 مليون فلسطيني من القطاع في ظروف إنسانية صعبة جداً بشهادة كل المنظمات الأممية، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تُقَدِّمُ نفسها بوصفها النموذج الديمقراطي الأعلى تقدماً وحامية حقوق الإنسان في العالم؛ ثَبُتَ أنها شريك أساسي في هذه الحرب الوحشية القذرة، وفي قتل أكثر من 40 ألف فلسطيني جُلَّهُم من الأطفال والنساء والشيوخ، وفي هدم كل البُنَى التحتية بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمساجد ومؤسسات القطاع الرسمية والمدنية، ومحطات تحلية المياه والكهرباء في القطاع.. لا شيء يستطيع أن يُبَرِّئُ أمريكا من كل ذلك لأنها لا تُبَرِّئُ نفسها، هذه هي الحقيقة التي ينبغي على المجتمع الدولي، إن كان ثُمَّة مجتمع دولي أساسا، أن يَعِيَهَا تماما ويتحرك ضمنها فهذه الحرب تبدأ وتنتهي من واشنطن قبل تل أبيب.

إن هذا التورط الأمريكي في هذه الحرب المُخْزية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غَزَّةَ؛ وبأسلحة أمريكية، من شأنه أن يُعِيْدَ ترتيب الكثير من الملفات بمنطقة الشرق الأوسط، وتُعيد التوازنات فيها وتفتح مسارات لعلاقاتٍ أكثر استراتيجية باتجاه الشرق، في لحظة تعي فيها أمريكا تماماً أن العالم يشهد متغيرات جذرية ويُعاد رسم تحالفاته وموازين قواه من جديد، بل إن هذا ’’الفيتو‘‘ الظالم الذي استخدمته أمريكا قد يكون هو أحد أسباب صَلْف ووحشية الجيش الإسرائيلي في تعامله مع أهل غَزَّةَ.

ورغم أنَّ ما أقدمت عليه أمريكا ليس مفاجئاً ولا غريباً في السياق التاريخي للوجود الإسرائيلي في المنطقة، فمنذ نشأتها لم تكن لتستطيع البقاء دون حمايةٍ من دولة ’’عظمى‘‘، فبدأت بغطاء بريطاني ثم انتقل الغطاء والحماية لأمريكا التي انتقلت لها الحركة الصهيونية إلا أنَّ الإدارات الأمريكية السابقة لم تنخرط في دعم القتل وارتكاب جرائم الحرب وهتك القيم الإنسانية بهذه الصورة التي نراها اليوم.

كما أن المساعدات العسكرية والاستخباراتية التي قَدَّمَتْهَا وتُقَدِّمُهَا واشنطن لتل أبيب في حربها الهمجية وغير الإنسانية على غَزَّةَ تضع الولايات المتحدة تحت طائلة العديد من القوانين المحلية والدولية، ويمكن أن تجعل القادة الأمريكيين شركاء في المسؤولية عن أي جرائم حرب يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حملته ضد الفلسطينيين في القطاع المُحاصَر.

وتُعَدُّ الولايات المتحدة حالياً أكبر داعم للجيش الإسرائيلي بتقديمها مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات كل عام، وبسبب هذا الدعم وتبادل المعلومات الاستخباراتية المستمر بين الطرفين، فإن الحملة الدموية التي تشنها إسرائيل على قطاع غَزَّةَ تؤجج قضايا قانونية وسياسية خطيرة بالنسبة للولايات المتحدة، باعتبار أن هذه الأخيرة لديها قوانين ومعايير داخلية تمنع استخدام مساعداتها بطرق تنتهك قوانين الحرب، فإن استخدام إسرائيل للمساعدات العسكرية والاستخباراتية التي تحصل عليها من الولايات المتحدة سَيُشَكِّلُ انتهاكا للقوانين والمعايير الأمريكية وقد يُعَرِّضُ المسؤولين الأمريكيين للمسؤولية المشتركة عن تلك الانتهاكات.

الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل:

لم يكن غريباً أن تبادر الولايات المتحدة الأمريكية إلى دعم إسرائيل في حربها على قطاع غَزَّةَ، وذلك لأنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت إسرائيل الدولة التي تَلَقَّتْ أكبر قدر من المساعدات من الولايات المتحدة، قُدِّرَت، في الفترة 1946-2023م، بـ 260 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتقرير صدر عن الكونغرس في آذار / مارس 2023م، وكان أكثر من نصف هذا المبلغ مُخصصاً للمساعدات العسكرية. ولم يقتصر الدعم الأمريكي على الدعم المالي والعسكري، بل أيضاً شمل الدعم السياسي والدبلوماسي؛ إذ استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية – العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – مراراً وتكراراً حق النقض (الفيتو) لمعارضة الانتقادات والإدانات المُوجَّهَة إلى السياسات الإسرائيلية، وخصوصاً في الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة؛ فقد لجأت، في تاريخ مجلس الأمن، إلى حق النقض (الفيتو) أكثر من 80 مرة، كان أكثر من نصفها لحماية إسرائيل من الانتقادات الدولية.

بَيْدَ أن الغريب في الدعم الأمريكي لإسرائيل هذه المرة هو مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، بصورة مباشرة، في الحرب التي تشنها إسرائيل، منذ 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023م، على قطاع غَزَّةَ وسكانه، وهي مُشَارَكَةٌ اتخذت أشكالاً عديدة، سياسية وعسكرية ودبلوماسية، وهدفت لا إلى تحقيق الأهداف التي وضعتها إسرائيل لهذه الحرب فحسب، وفي مقدمها ’’تصفية‘‘ حركة ’’حماس‘‘، بل أيضاً إلى ردع حلفاء هذه الحركة في الإقليم ومنعهم من توسيع نطاق المواجهة. وهناك، في الواقع، أمثلة نادرة لِتَدَخُّل أمريكي مباشر لمصلحة إسرائيل، إذ أقامت الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الحرب العربية – الإسرائيلية في تشرين الأول / أكتوبر 1973م، جسراً جوياً لتزويد إسرائيل بالعتاد العسكري الحديث، وأرسلت إليها، عَشِيَّةَ حرب الخليج سنة 1991م، بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع عنها في مواجهة الهجمات بصواريخ سكود العراقية.

إدارة جو بايدن: ’’من حق إسرائيل ومن مسؤوليتها الدفاع عن نفسها‘‘:

منذ يوم السبت، في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023م، صَرَّحَ الرئيس جو بايدن بما يلي: ’’اليوم، وجد الشعب الإسرائيلي نفسه ضَحِيَّةَ هجومٍ نَفَّذَتْهُ منظمة إرهابية، حماس؛ وفي مواجهة هذه المأساة، أقول له، وللعالم وللإرهابيين في العالم كله، إن الولايات المتحدة الأمريكية متضامنة مع إسرائيل وإن دعمها لها ثابت‘‘. ثم أصدر البيت الأبيض بياناً صُحفياً أكد فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية ’’مستعدة لتقديم المساعدة المناسبة لدعم حكومة وشعب إسرائيل‘‘، التي ’’من حقها أن تُدافع عن نفسها‘‘، وعاد الرئيس الأمريكي ليؤكد، في 10 تشرين الأول / أكتوبر، أن ’’العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة عميقة‘‘، وأن ’’دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل قوي وثابت‘‘، و’’أننا سنفعل كل شيء كي تتمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها‘‘، وأن ’’الأمريكيين يسيرون جنباً إلى جنب مع الإسرائيليين‘‘. وفي 24 من الشهر نفسه، صَرَّحَ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن الدولي: ’’نحن نعترف بحق، بل بواجب الدول، في أن تُدافع عن نفسها في مواجهة الإرهاب‘‘، مُضيفاً أن حركة ’’حماس‘‘ التي تحاربها إسرائيل ’’لا تُمَثِّلُ الشعب الفلسطيني‘‘. وخلال الأيام الأربعة الأولى التي أعقبت عملية المقاومة الفلسطينية، تحدث الرئيس الأمريكي ثلاث مرات عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأكد، مساء يوم الأربعاء في 11 تشرين الأول / أكتوبر، أن إسرائيل ’’ليس لديها الحق فحسب، بل المسؤولية كذلك، في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس‘‘. وتبنّى مجلس النواب الأمريكي، من جهته، قراراً يؤكد دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل التي ’’تدافع عن نفسها ضد الحرب الوحشية التي تشنها حماس وإرهابيون آخرون‘‘، وهو القرار الذي حَظِيَ بتأييد 412 نائباً في مقابل معارضة 10 نواب.

وبُغْيَةَ تمكين حكومة الحرب في إسرائيل من تحقيق أهدافها، لجأت إدارة الرئيس جو بايدن، منذ الأيام الأولى للحرب حتى الآن، إلى استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنعه من إصدار قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غَزَّةَ لأسباب إنسانية، الأمر الذي هَزَّ صورتها على الساحة الدولية، وجعلها معزولة تماماً على الجبهة الدبلوماسية، ودفع عدة مئات من أعضاء ’’الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية‘‘ إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى البيت الأبيض تدعو إلى وقف إطلاق النار، وأظهر استطلاع أجرته وكالة ’’أسوشيتد برس‘‘ ومركز NORC لأبحاث الشؤون العامة في الولايات المتحدة، في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني / نوفمبر 2023م، أن 50% فقط من الديمقراطيين يؤيدون سياسات جو بايدن بشأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بينما ارتفعت نسبة من يعارضونها من 40% إلى 46%، علماً بأن إطالة أَمَدْ الحرب يهدد بتآكل شعبية الرئيس بايدن أكثر فأكثر.

إن سلوك الجيش الإسرائيلي في غَزَّةَ والخِطَاب المُصاحب له من المسؤولين الإسرائيليين يجب أن يُثير مخاوف قانونية وسياسية في واشنطن، لأنه في الأيام الستة الأولى فقط من الحملة الجَوِّيَّة على غَزَّةَ، ألقت إسرائيل نحو 6000 قنبلة على القطاع، وهو ما تجاوز عدد القنابل التي أسقطها التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة خلال أشهر الحرب حتى في ذروة عملياتهم العسكرية، وفي الوقت ذاته؛ تُثير هذه السرعة في الهجمات تساؤلات وشكوك حول طريقة إسرائيل في اختيارها للأهداف وتفسيرها لمبدأ التناسب، وما تتخذه من احتياطات لِتَجَنُّب وقوع ضحايا مدنيين.

قد تؤدي المخاوف بشأن جرائم الحرب هذه إلى تَدَخُّل المحكمة الجنائية الدولية، التي أكدت اختصاصها القانوني للتحقيق في الجرائم المرتكبة على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الحرب الحالية على قطاع غَزَّةَ، وبدأ دور المحكمة في الظهور بعدما أدلى كريم خان، المدعي العام للمحكمة، بتصريحات واضحة بشأن الحرب الحالية، مشيرا إلى أنه سيتعين على كل قائد اتخذَ قرارات بشأن القصف المستمر ’’أنْ يُبَرِّرَ كل ضربة ضد كل هدف مدني‘‘، وأن العبء يقع على عاتق القوات المُهاجمة التي ستضطر إلى تقديم أدلة تُثبت أن الأهداف المدنية التي تعرضت للقصف فقدت حمايتها القانونية.

إذا قرر خان توجيه اتهامات قانونية ضد إسرائيل، فَسَيُواجه بالتأكيد عاصفة سياسية من الولايات المتحدة، سوف تشمل للمفارقة أولئك القادة الذين يدعمون عمل المحكمة الجنائية الدولية في أوكرانيا، ولكن في الوقت ذاته، إذا لم يتابع التحقيق في تصرفات إسرائيل في غَزَّةَ، فمن المؤكد أنه سيواجه ردود فعل سلبية من دولٍ خارج الغرب تدين بالفعل ما تعتبره معايير مزدوجة في طريقة تعامل المحكمة مع أعمالها، فبالنسبة لهم، يبدو أن المحكمة الجنائية لا تُدين سوى القادة الأفارقة بجرائم الحرب، في حين تترك الأطراف المُدانة في الغرب دون مَساس أو عِقاب.

لكن إحدى المفارقات العجيبة هو ما أدلى به الرئيس الأمريكي بايدن في تصريح غير رسمي له خلال مؤتمر صحفي حينما قال: ’’إنَّ الإجراءات التي اتخذتها القوات الإسرائيلية في مستشفى الشفاء تهدف في الأساس إلى حماية المدنيين، لذا فما يحدث حاليا هو أمر مختلف عما كان يحدث في السابق من قصف عشوائي على القطاع‘‘ (وهو ما يُعَدُّ اعترافا بأن إسرائيل كانت بالفعل تقصف المدنيين بعشوائية طوال هذه المدة السابقة).

وبالرغم من أن حكومة الولايات المتحدة اتخذت موقفا يفيد بأن الهجمات العشوائية على المدنيين تُعَدُّ جرائم حرب، فإن تصريح بايدن لم يكن واضحاً وأثار المزيد من الضبابية حول الموقف الأمريكي.

المسارعة إلى تزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة والمستشارين العسكريين:

لقد رافقت تصريحات المسؤولين الأمريكيين، بشأن الدعم السياسي لحرب إسرائيل على قطاع غَزَّةَ، أفعال ملموسة تَمثّلت في إرسال سفينة مليئة بالذخائر وبتعزيزات لِلقُبَّة الحديدية، وصلت إلى إسرائيل في 10 تشرين الأول / أكتوبر.

وبين بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غَزَّةَ ونهاية تشرين الثاني / نوفمبر 2023م، أرسلت واشنطن إلى تل أبيب 75,000 قذيفة مدفعية، و15,000 قنبلة ثقيلة، ووصل عدد شحنات الأسلحة الأمريكية التي أُرْسِلَت إلى إسرائيل عبر طائرات الشحن الضخمة، حتى 25 كانون الأول / ديسمبر 2023م، إلى 244 شحنة، وتُضاف إليها 20 شحنة من الأسلحة التي وصلت إلى إسرائيل عبر البحر، كما أُتيحت الفرصة للجيش الإسرائيلي حتى يتزوّد من مخزون الأسلحة الأمريكية الموجود في إسرائيل، وبغية تمويل هذه المساعدات العسكرية الهائلة، قدّمت إدارة الرئيس جو بايدن، في 20 تشرين الأول / أكتوبر، طلباً إلى الكونغرس بتخصيص مبلغ 14.1 مليار دولار لدعم إسرائيل. وعلى الرغم من أن شُحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل باتت محل خلاف كبير، حتى داخل البيت الأبيض نفسه، فإن إدارة الرئيس جو بايدن التفّت على الكونغرس، الذي من المفترض أن يَبُتَّ في قرارات تصدير الأسلحة، في 9 كانون الأول / ديسمبر الفائت، ولجأت إلى سلطات الطوارئ كي تزوّد إسرائيل بـ 14,000 قذيفة لدباباتها من نوع ميركافا بقيمة 147.5 مليون دولار.

ولم تكتفِ الإدارة الأمريكية بإرسال هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة إلى إسرائيل، بل أيضاً بعثت إليها مستشارين عسكريين، بمن فيهم الجنرال جيمس جلين من مشاة البحرية، لمساعدتها في غزوها لقطاع غَزَّةَ، كما بعثت إليها قوات كوماندوز لتحديد مكان الرهائن المحتجزين لدى حركة ’’حماس‘‘، وقامت، لهذا الغرض نفسه، بتسيير طائرات من دون طيَّار فوق قطاع غَزَّةَ.

وكان الرئيس الأمريكي قد قام، في 18 تشرين الأول / أكتوبر، بزيارة إسرائيل كي ’’يؤكد تضامن بلاده معها‘‘، وذلك في سابقةٍ لقيام رئيس أمريكي بزيارة هذا البلد في أوقات الحرب، ثم أوفد مرات عديدة إلى إسرائيل وزير خارجيته أنتوني بلينكن، ووزير دفاعه لويد أوستن، ومستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، الذين كانوا يشاركون شخصياً في اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي.

وكان البنتاغون الأمريكي قد أعلن، في 8 تشرين الأول / أكتوبر، أنه سيرسل اثنين من أقوى أنظمة الدفاع الصاروخي لديه إلى الشرق الأوسط: بطاريات الدفاع الصاروخي عالي الارتفاع ’’ثاد‘‘، وبطاريات صواريخ باتريوت، كما وَضَعَ آلاف القوات الأمريكية في حالة تَأَهُّب للانتقال إلى المنطقة إذا لزم الأمر، ثم أرسل حاملة الطائرات ’’يو إس إس جيرالد آر فورد‘‘ وأعلن، في 14 تشرين الأول / أكتوبر، إرسال حاملة طائرات ثانية هي “يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” إلى البحر الأبيض المتوسط، وتحمل كل واحدة منهما أكثر من 70 طائرة. وبعد مرور ثلاثة أسابيع على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غَزَّةَ، وصل الانتشار البحري الأمريكي في البَحْرَيْنِ الأحمر والأبيض المتوسط إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، إذ أُضيف إلى حاملتَي الطائرات مجموعة من المدمرات وغواصة نووية.

وفي مسرحية هزلية بادر حزب الله اللبناني بأوامر من طهران منذ 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023م، إلى شن هجمات عسكرية محدودة من حيث طبيعة الأسلحة والذخيرة المستخدمة فيها وعمق الأراضي المستهدفة داخل حدود دولة الاحتلال، كما واجهها الجيش الإسرائيلي بهجمات محدودة كذلك على مواقع الحزب داخل الأراضي اللبنانية.

وعلى الرغم من أن هذه المواجهات بين من تصفهم أمريكا وإسرائيل بأنهم حلفاء حركة ’’حماس‘‘ في الإقليم من جهة، والقوات الأمريكية والإسرائيلية من جهة أُخرى، لا تزال ’’مضبوطة‘‘ ضمن حدود معينة.

التغطية على المشاركة المباشرة لواشنطن في الحرب:

وبُغْيَةَ تغطية المشاركة المباشرة لأمريكا في الحرب الإسرائيلية على قطاع غَزَّةَ، والحد من تراجع شعبية جو بايدن في الداخل ومن عزلتها في الخارج، حاولت إدارة الرئيس جو بايدن أن تُظهر، من جهة، أن استمرار دعمها العسكري لإسرائيل مشروط بسماح هذه الأخيرة بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غَزَّةَ، وأن تبيّن، من جهة ثانية، إصرارها على أن تقوم حليفتها بالحد، قدر الإمكان، من وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ومن ناحية أُخرى، وبينما دعت الإدارة الأمريكية حليفتها إلى الحد من استهداف المدنيين الفلسطينيين، حتى إنَّ وزير خارجيتها أنتوني بلينكن وجّه، في 8 كانون الأول / ديسمبر 2023م، انتقاداً علنياً إلى إسرائيل جرّاء سقوط أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، مؤكداً أنه ’’من الضروري أن تُوْلِي إسرائيل أهميةً لحماية المدنيين‘‘، وصَرَّحَ البيت الأبيض، في الوقت نفسه، أن جو بايدن ’’شدد على الحاجة الأساسية إلى حماية المدنيين وفصل السكان المدنيين عن حماس، ولا سِيَّما من خلال ممرات تسمح للناس بالتحرك بأمان خارج مناطق القتال‘‘، واستمر سقوط أعداد كبيرة من المدنيين على يد آلة الحرب الإسرائيلية؛ إذ بلغ عدد الشهداء نحو40 ألف شهيد، وذلك لأن الإدارة الأمريكية، على الرغم من مواقفها هذه، فإنها استمرت في معارضة وقف إطلاق النار في الحرب التي تشنها إسرائيل بذريعة أنَّ ’’هذا سيكون في مصلحة حماس‘‘.

ختاماً:

يجب على الولايات المتحدة أن تضغط على الحكومة الإسرائيلية لكي تلتزم بتقديم تفسير صارم للقانون، كما لا ينبغي للقضايا القانونية أن تأخذ الحيّز الأكبر للنقاش وتبعدنا عن السؤال الأكثر إلحاحا الذي تواجهه الولايات المتحدة والمنطقة حاليا، وهو: ’’كيف يمكن إنهاء هذه الحرب بطريقة مسؤولة؟‘‘. لعل الخطوة الأولى في اتجاه وقف التصعيد هو التوصل إلى اتفاق صغير يُلزِم إسرائيل بالتوقف عن قصف غَزَّةَ، ويسمح لحماس بإطلاق سراح بعض الأسرى لديها.

المراجع

– العربية – 28/10/2023م.

– الجزيرة – 23/11/2023م.

– رأي عمان – 9/12/2023م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_أمريكا_مُنْخَرِطَة_في_الحرب_على_غَزَّةَ_مع_إسرائيل

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات