الأربعاء, فبراير 5, 2025
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةالتحول في الصورة النمطية للإرهابيين

التحول في الصورة النمطية للإرهابيين

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_جُميح_التحول_في_الصورة_النمطية_للإرهابيين!

نشهد التحول في الصورة النمطية للإرهابيين، في سياق التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها سورية. للمرة الأولى، يظهر هؤلاء المقاتلون في مشاهد إنسانية تعكس رغبتهم في التعايش السلمي مع مختلف الطوائف. فقد أصبحنا نرى من يُطلق عليهم “الإرهابيون” يحرسون الكنائس خلال احتفالات عيد الميلاد، ويعيدون النازحين إلى منازلهم، ويحتفلون مع مواطنيهم من الدروز والإسماعيليين.

هذا التحول يعكس تحولًا في الخطاب والممارسات، حيث يركز هؤلاء المقاتلون على بناء علاقات طيبة مع المجتمع، مؤكدين على أنهم ليسوا ضد أي فئة، بل يسعون لبناء دولة قائمة على النظام والقانون. هذه التغيرات تدل على إمكانية تحقيق التعايش بين الطوائف المختلفة، بعيدًا عن العنف والتهميش. كما تعكس أيضًا رغبة المجتمع في تغيير المفاهيم السلبية المرتبطة بالمسميات التقليدية مثل “إرهابي” و”داعشي”، إذ بدأت تظهر مصطلحات جديدة تعكس واقعًا مختلفًا كـ”معارضة مسلحة” و”ثوار“. في هذا السياق، تطرح هذه المقالة تساؤلات حول مدى استمرارية هذا التحول وتأثيره على مستقبل سورية

التحول في الصورة النمطية للإرهابيين

الاحتفال مع الدروزوإعادة الإسماعيليين

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يحرسون الكنائس أثناء أداء مواطنيهم المسيحيين للصلاة، ويُهنئونهم بأعياد الميلاد.

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يُعيدون الإسماعيليين الذين هربوا من بيوتهم، ويعيدونهم إلى منازلهم، ويسألونهم: ’’هل اعتدى أحد عليكم؟ هل سُرِق شيء من منازلكم؟‘‘

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يحتفلون ويرددون الأغاني مع مواطنيهم الدروز.

رسالة العلويين العودة بدلاً من النزوح

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يقولون لمواطنيهم العلويين: ’’لسنا ضدكم، أنتم مِنَّا ونحن منكم.‘‘

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ لا يتسببون في موجات نزوح، بل يُعيدون النازحين إلى ديارهم.

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يُفْرِجُون عن سجناء الرأي الذين سُجِنوا لأكثر من أربعين عاماً.

طرد القوات النظامية واستقبال الأهالي

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘ يستقبلهم أهالي المدن بالزغاريد والأهازيج فرحاً بقدومهم.

لأول مرة نرى الأهالي يطردون القوات النظامية من مدنهم تمهيداً لدخول من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘  إلى تلك المدن والبلدات.

رؤية جديدة للدولة

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘  يُرَكِّزُون على بلدهم، ويقولون: ’’نريد إقامة علاقات طيبة مع الخارج‘‘.

لأول مرة نرى من يُوصَف بـ ’’الإرهابيين‘‘  يقولون: ’’نسعى لدولة النظام والقانون والمؤسسات، والشراكة، وتعايش الطوائف والأديان، وضمان الحقوق والحريات، وعدم التسلط على الناس‘‘.

لأول مرة تسقط مصطلحات مثل ’’إرهابي، تكفيري، داعشي‘‘، وتتحول إلى ’’معارضة مسلحة، ثوار، فصائل مسلحة‘‘.

السوريون لم ينتصروا لبلدهم وحسب، بل انتصروا للقيم، وللمفاهيم، وللمصطلحات، ولقواميس اللغة أيضاً.

ختاما:

تُظهر التطورات الأخيرة في سورية تحولًا جذريًا في الصورة النمطية للجماعات المسلحة التي وُصفت سابقًا بالإرهابية. هذا التحول لا يمثل فقط تغييرًا في السلوك، بل أيضًا في الخطاب الذي يعكس رغبة حقيقية في التعايش السلمي بين مختلف الطوائف. من خلال حماية الكنائس، وإعادة النازحين إلى منازلهم، والاحتفال مع الأقليات، يتجلى التزام هؤلاء المقاتلين ببناء مجتمع متماسك يضمن حقوق الجميع.

إن هذه الديناميكية الجديدة تفتح آفاقًا للتفاؤل بشأن مستقبل سورية. بالرغم من التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة، يظهر أن هناك رغبة حقيقية من مختلف الأطراف للتوجه نحو بناء دولة قائمة على مبادئ النظام والقانون، والتعددية، وحقوق الإنسان. كما أن تغيير المصطلحات من “إرهابي” إلى “معارضة مسلحة” يعكس تحولًا في ذهنية المجتمع، ويؤشر إلى إمكانية تحقيق مصالحة وطنية.

ومع ذلك، فإن نجاح هذا التحول يعتمد على استمرار هذه الممارسات الإيجابية، ودعم المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في سورية. يتطلب الأمر جهودًا مستمرة للتخفيف من حدة التوترات، وتعزيز قيم التسامح والتعاون بين جميع مكونات المجتمع.

من الأهمية بمكان أن تبقى الأنظار موجهة نحو هذه التغيرات، حيث تمثل فرصة لإعادة بناء المجتمع السوري من جديد. إن تعزيز الحوار بين الطوائف المختلفة، وتبادل الثقافات، ودعم المشاريع التنموية، قد يسهم في خلق بيئة أكثر استقرارًا وأمانًا للجميع. في النهاية، لا يزال الأمل قائمًا في تحقيق سورية جديدة تعكس تطلعات مواطنيها، وتضمن لهم حياة كريمة ومليئة بالفرص.

________

هذا المقال يُعَبِّرُ عن رأي كاتبه ولا يُعَبِّرُ بالضرورة عن رأي الموقع.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_جُميح_إرهابيون!

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات