مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_فادي_شامية_ ثُم_فَنِيَ_الأسد
لكأن الله قد كتب عنده في الأزل أن يوم الثامن من كانون الأخير هو يوم محض للسوريين، ليشبعوا فيه فرحاً يُنسيهم عذابات السنين التي قست عليهم، كما لم تقسُ على أحد سواهم. فأذن لهم أن يخرجوا من بين الأجداث، في أرضهم، وفي المنافي والشتات، ويلبسوا جمالهم الفاتن، ويمتشقوا سحرهم الأخّاذ، ويعلنوا نخوتهم الأصيلة. كأنهم ليسوا هم الذين عرفناهم يوم حَكَمَهُم حقير البشرية. ولعل الله أراد لهم تلك التغريبة الرهيبة، ليشبهوا أنفسهم مرة جديدة، ويكونوا المجتبين.
من يملك بعد اليوم كتم فرحتهم أو صد مسيرتهم؟ من يقدر على مسهم بعدما امتلكوا الحلم الرائع، وكتبوا أجمل خاتمة لثورتهم الكاشفة؛ آخر ثورات الربيع التي اختبر الله بها إنسانية البشرية؟ لقد حجزوا بها المقام الأول في ’’أعظم ثورات القرن الحادي والعشرين‘‘.
ها قد عاد وطنهم إليهم، وليس أجمل منه وطن. لم يعودوا ضعافاً بلا سند؛ انتصارهم سلاح، شهداؤهم مشاعل، وتضحياتهم مسار. من وقف معهم في المحنة حظي بالجانب الصحيح من التاريخ، ومن وقف مع شانئهم أدرك خيبة الدهر.
لقد فني الظالم وآله بعدما ظن الناس في ارتكاسة يأس أنه باقٍ. ظنوه – وحسب – فاقداً لبقعة أرض غير مفيدة في الشمال أو الشرق، مدعوماً من الغرب ومن الشرق. لكن السوريين أثبتوا أنه كان ذيلاً للكلب، بلا أرض، بلا جيش، بلا شعب. وها هي صغارهم تَبول على أصنامه بعد أبيه مرتين؛ في البدء وفي المنتهى، لِيُطَهِّرُوا الشام من الأصنام، وليصدح التكبير بالفتح حتى يبلغ الصوت منتهى العالم.
يا أهل الشام، من يدانيكم اليوم بعدما عانقتم الحرية؟ من مثلكم في الكون وقد تكفل الله بكم وبارككم، ثم أدركتكم سنته الخالدة: الشعب لا بُدَّ أن ينتصر؛ ثورته فكر والفكر لا يموت. سيدكّ دولة الظالم يقيناً. طوبى للشام وأهل الشام يوم الملحمة فسطاطًا؛ ملائكة الرحمن باسطةً أجنحتها عليه.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_فادي_شامية_ ثُم_فَنِيَ_الأسد