السبت, فبراير 22, 2025
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيرمزية زيارة الشرع لبعض المحافظات السورية

رمزية زيارة الشرع لبعض المحافظات السورية

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_رمزية_زيارة_الشرع_لبعض_المحافظات_السورية

في ظل الأزمات السياسية والاجتماعية التي تمر بها سورية، تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مدينتي اللاذقية وطرطوس كخطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين. هذه الزيارة تتم بالتزامن مع انطلاق أولى جلسات الحوار في المؤتمر الوطني، مما يعكس رغبة القيادة في تعزيز السلم الأهلي ومواجهة التحديات الراهنة.

تجمع الحشود الغفيرة لاستقبال الشرع تدل على تطلعات السوريين نحو التغيير والإصلاح، في وقت يعيش فيه الشارع السوري حالة من التوتر والخوف من عودة فلول النظام السابق. تركزت اللقاءات على مناقشة القضايا المحلية وتعزيز التعاون بين مختلف الطوائف، مما يعكس أهمية الحوار والشراكة في بناء مستقبل سورية.

زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع وأثرها على الوضع في سورية

بالتوازي مع انطلاق أول جلسة حوارية للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في قصر الثقافة بمدينة حِمْص وسط سورية، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة مفاجئة إلى مدينتي اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري، ضمن جولة له على المحافظات السورية بدأها بزيارة إلى محافظتي إدلب وحلب، والريف الشمالي الغربي، وذلك قبل أسابيع من عقد المؤتمر الوطني المتوقع.

تفاصيل الزيارة

لقد كانت زيارة الشرع إلى اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري، واللتين توصفان بأنهما معقل النظام البائد، والحاضنة الشعبية الأبرز لعائلة المخلوع بشار الأسد. حيث اجتمع الشرع بوجهاء اللاذقية الذين يُمثِّلون مختلف الطوائف، لمناقشة المشاكل التي يواجهونها، بعد أن شهدت المحافظة توتراً كبيراً على خلفية الحملات الأمنية التي شنتها القوات الأمنية الجديدة عَقِبَ هروب الأسد، لملاحقة العدد الأكبر والأبرز من ضباط النظام الذين تلوثت أيديهم بدماء السوريين.

تعزيز السلم الأهلي

وناقش الشرع مع وجهاء اللاذقية سُبل تعزيز السّلْمِ الأهلي، واستمع إلى شكاوى عدة، من بينها عمليات التسريح من المؤسسات الحكومية التي تعرّض لها البعض من أبناء المحافظة وخاصة المؤسسات العسكرية. وأظهرت مقاطع فيديو تجمع حشود من الناس في ساحة الشيخ ضاهر وسط مدينة اللاذقية لاستقبال الشرع، وسط انتشار أمني واسع وإغلاق الطرق المؤدية إلى الساحة.

الرسالة الشعبية

لقد مثل الاستقبال الشعبي الكبير والعفوي رسالة واضحة مفادها رفض ’’مشروع عودة فلول النظام البائد والمشروع الإيراني‘‘ في المحافظة، التي تضم قاعدة حميميم الروسية، والتي لا يزال مصيرها محل تفاوض بين موسكو والحكومة المؤقتة في دمشق.

الرمزية التاريخية

وفي اللاذقية كان في استقبال الرئيس الشرع جمع غفير من أهل اللاذقية، حيث تجمعت الجماهير في ساحة الشيخ ضاهر في الوسط التجاري للمدينة، والتي يقع فيها مدرسة الشهيد جول جمال، ذات الرمزية التاريخية والوطنية، وقد أنشئت في العشرينات من القرن الماضي كأول مدرسة في الساحل درس فيها نخبة المتعلمين من أهل الساحل السوري؛ قبل وصول ’’البعث‘‘ إلى السلطة،

حيث كانت المدرسة الحيز الأبرز لتشكل الوعي الوطني، ومنطلقاً للمظاهرات الطلابية ومسرحاً للتجاذبات السياسية الحزبية بين ’’البعث‘‘ و’’الإخوان المسلمين‘‘ و’’القومي السوري‘‘، و’’الحزب الشيوعي‘‘، إلا أن تاريخ المدرسة وأهميتها لأهالي اللاذقية والساحل لم يُجَنِّبْهَا الإهمال، حيث تم إغلاقها خلال حُكْم المخلوع بشار الأسد.

التوجهات المستقبلية

لقد كانت الرسالة التي حملها الشرع إلى أهل الساحل واضحة باختياره الظهور أمام مدرسة جول جمال، للتأكيد على الدور الوطني لمدينة اللاذقية التي صادرتها عائلة الأسد واعتمدتها معقلاً لها ولحاضنتها الشعبية التي لم تسلم من وحشية التسلط.

الصبر كحل

وكان واضحاً أن الشرع حمل في جولته الأولى إلى المحافظات رسائل بأن ما نحتاج إليه الآن هو ’’الصبر‘‘، فالأمور تأخذ مسارها نحو حل الأزمات التي يعانون منها، واحدة بعد الأخرى، وفق ما قاله في جلسة حوارية مفتوحة، جمعته مع عدد من وجهاء وفعاليات اقتصادية واجتماعية في حلب وريفها، من الرجال والنساء.

الاهتمام بالاقتصاد

وأظهر الشرع خلال الاجتماع اهتمامه بالطروحات التي قدَّمها المجتمعون، فحرص على تدوين ملاحظاته بنفسه، وفق ما أفادت به مصادر متقاطعة حضرت الاجتماع، وأن النقاش تناول واقع البلاد وسبل النهوض على مختلف المستويات.

أهمية حلب

وقد ركز الرئيس الشرع على أهمية حلب الاقتصادية، ودورها في النهوض بالإنتاج الصناعي الوطني، كاشفاً عن أن قادة وممثلي الدول الذين التقاهم أظهروا اهتماماً خاصاً بحلب وجاهزيتها للإقلاع.

تعزيز الثقة

كما عَبَّرَ الشرع عن ثقته بأن سورية لديها القدرة على النهوض والتطور بفضل كوادرها البشرية الراغبة في بنائها. وَرَدَّاً على الأسئلة المتعلقة بخطط الحكومة المستقبلية، أوضح الرئيس الشرع أن التركيز حالياً على خُطط مرحلية للعامين الحالي والقادم، بعدها سيتم وضع الخطط الاستراتيجية.

رسائل تطمين

وحسب المصادر، حرص الشرع في لقائه مع السوريين، على توصيل رسائل تطمين مباشرة، منها حديثه عن أنه من الشعب السوري وقد عانى مع أسرته ما عاناه السوريون عموماً من قساوة العيش والتعرض للاعتقال وفقد الأهل. وقال: ’’إن المعركة لم تنتهِ بعد، وما زلنا في الفكرة وليس حالة نشوة النصر‘‘، وإن سورية ’’دولة مواطنة، الجميع تحت سقف القانون، وليست دولة طوائف ومكوّنات‘‘.

وطلب أن يثق السوريون به في ’’معالجة قضايا السّلمِ، كما وثقوا به في التخطيط للتحرير وتحقيق النصر‘‘. وكرر ما سبق وقاله في تصريحات سابقة، بأن ’’ما بين العدالة الانتقالية والسلم الأهلي شعرة يعمل عليها‘‘.

زيارة عفرين

وفي خطوة بارزة، بالتزامن مع استمرار تعثر جهود إقناع قوات ’’قسد‘‘ الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، بِحَلِّ نفسها، والانضمام إلى الجيش السوري الجديد، زار الشرع مدينة عفرين، الواقعة شمال سورية ذات الرمزية الكردية، حيث التقى شخصيات محلية وقدَّم وعوداً بإنهاء الانتهاكات في المنطقة الكردية،

وإرسال قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الجديدة، وفقاً لما كشفه المجلس المحلي الكردي بالمنطقة. وأكد رئيس المجلس المحلي للمجلس الوطني الكردي في عفرين أحمد حسن أن الشرع أطلق تلك التعهدات خلال اجتماع دعا له وفداً من المجلس الكردي، واستمر حوالي ساعتين، وضم شخصيات متنوعة ودينية ومجالس محلية ورؤساء بلديات.

وكان لافتاً أن الشرع بدأ أول جولة له في المحافظات بعد تسلمه الرئاسة للمرحلة الانتقالية من إدلب والمخيمات، حيث أظهرت صور ومقاطع فيديو لجولة الشرع الحفاوة الشعبية التي لاقاها، وعَبَّرَ عنها السوريون الذين استقبلوه بهتافات ’’نيال اللي ما بينسى أهله‘‘.

جولة متواصلة

ومن المتوقع أن تكون جولة الشرع في إدلب وحلب واللاذقية وطرطوس جزءاً من سلسلة زيارات إلى محافظات ومدن أخرى خلال الأيام القابلة، وذلك بالتوازي مع انطلاق أولى الجلسات التشاورية التي تجريها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري في مدينة حِمْص، كخطوة نحو وضع محاور للمؤتمر العام، واختيار ممثلين عن كل محافظة، وترتيب جدول الأولويات، بعد سلسلة جلسات ستشمل كل المناطق السورية، تشارك فيها النخبة المجتمعية من مثقفين وسياسيين ورجال ونساء وأعيان ورجال أعمال وقادة ثوريين من جميع الأطياف الدينية والثقافية السورية.

المراجع

– الشرق الأوسط – 17/2/2025م.

– الجريدة – 17/2/2025م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_رمزية_زيارة_الشرع_لبعض_المحافظات_السورية

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_رمزية_زيارة_الشرع_لبعض_المحافظات_السورية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات