مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_شعبان_عبد_الرحمن_سوريا_80عاماً _من_القهر_تحديات_بناء_المستقبل_بعد_التحرير!
سوريا: ثمانون عاماً من القهر وتحديات بناء المستقبل
تواجه سوريا اليوم تحديات هائلة في مسيرتها نحو بناء مستقبل مشرق بعد عقود من القهر والاحتلال. رغم النجاح الذي حققته الثورة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد، فإن الطريق نحو الاستقرار لا يزال مليئًا بالمخاطر. يتطلب البناء الجديد رؤية واضحة وعزيمة قوية من جميع الأطراف المعنية لضمان عدم تكرار أخطاء الثورات السابقة في الدول العربية. إن استعادة السيطرة على الدولة العميقة ومواجهة قوى الاستعمار والأنظمة الفاسدة تتطلب توحيد الجهود وتجاوز الانقسامات. في ظل هذه الظروف، يجب أن يتعلم قادة الثورة من التجارب السابقة ويعملوا على بناء مؤسسات قوية تضمن حقوق جميع السوريين. إن النصف الملآن من الكوب يتطلب تعبئة حقيقية، وإلا فإن التهاون في استكمال المسيرة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تهدد مستقبل البلاد.
عقود من المعاناة تحت القهر والاحتلال
عانت سوريا طوال عقود من قهر الأنظمة المتعاقبة، بدءاً من الاحتلال الفرنسي (1920م – 1946م)، مروراً بسنوات قهر حزب البعث النصيري (1964م)، ومن ثم حكم آل الأسد الذي بدأ عام 1971م واستمر لأكثر من نصف قرن. إجمالي سنوات القهر والظلم بلغ ستة وثمانين عاماً، شكلت مشهداً مؤلماً من تاريخ هذا البلد العظيم.
جمادى الثانية 8/12/2024: ميلاد سوريا الجديدة7
يوم السبت 7 جمادى الثانية الموافق 8 ديسمبر 2024م سيظل خالداً في ذاكرة السوريين بوصفه عيد استقلالهم الجديد. في هذا اليوم انطلقت سوريا نحو الحرية، لتبدأ مسيرة بناء حضارة جديدة. ومع ذلك، تبقى التحديات حاضرة والمخاطر قائمة، حيث يُخشى – لا قدّر الله – من انهيار كل ما تحقق وعودة الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه.
دروس مستفادة من ثورات مصر وليبيا وتونس واليمن
يجب على قادة الثورة السورية وشبابها أن يتعلموا من تجارب الثورات المماثلة في العالم العربي، حيث تمكنت قوى غربية وأطراف داخلية من اختراق تلك الثورات تحت شعارات براقة مثل “الوحدة” و”نسيان الماضي”. هذه الشعارات أفسحت المجال للدولة العميقة لتعيد بناء نفسها، بدعم قوى الاستعمار العالمي والأنظمة الفاسدة المتحالفة معها.
السيناريو المصري: تحذير لا بد منه
تجربة مصر تبقى المثال الأوضح. ظن الثوار أن الجيوش الوطنية منحازة لهم، لكنهم فوجئوا بتدخلها لإعادة النظام القديم. قُتل قادة الثورات وكوادرها، بينما غرق الثوار في خلافاتهم. هذا السيناريو يجب أن يبقى حاضراً في الأذهان، لتجنب تكرار الأخطاء في سوريا.
نجاح الثورة السورية وسُبل استكمال الطريق
نجحت الثورة السورية العظيمة في إسقاط بشار الأسد، ولكن على قادتها وشبابها إدراك أن هذا النجاح هو البداية فقط. الطريق نحو بناء دولة حرة ومستقرة يتطلب عملاً دؤوباً وجهوداً مستمرة لتجنب الوقوع في الفوضى أو استعادة قوى القمع سيطرتها.
نصف الكوب الملآن: خطوة أولى نحو المستقبل
الثورة السورية الآن تمتلك نصف الكوب الملآن، ولكن النصف الفارغ يحتاج إلى ملء عاجل. أي تهاون في استكمال المسيرة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، تعيد البلاد إلى حالة أشد بؤساً واستعباداً.
ختاماً: أمل كبير وتحديات مستمرة
تواجه سوريا اليوم مفترق طرق تاريخي، حيث يمثل النجاح الذي حققته الثورة السورية بداية جديدة نحو بناء دولة حرة ومستقرة بعد عقود من القهر والاحتلال. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، ويجب على الشعب السوري وقادته أن يكونوا واعين للمخاطر التي قد تعترض طريقهم. إن إعادة بناء الوطن تتطلب جهودًا جماعية وتعاونًا حقيقيًا بين جميع مكونات المجتمع، لضمان عدم تكرار الأخطاء التي شهدتها ثورات أخرى في العالم العربي.
إن استعادة الثقة بين الفصائل المختلفة وتوحيد الجهود لبناء مؤسسات قوية تتبنى قيم العدالة والمساواة أمر ضروري للحفاظ على المكتسبات التي تحققت. يجب أن نتعلم من تجارب الماضي، ونستفيد من الدروس المستفادة لتفادي الفوضى والانقسام. إن العزيمة والإصرار على تحقيق الأهداف المنشودة ستمكن سوريا من تجاوز العقبات وتحقيق تطلعات شعبها في الحرية والكرامة.
في الختام، يبقى الأمل معقودًا على قدرة الشعب السوري على بناء مستقبله بيده، وعلى المجتمع الدولي أن يتفهم مسؤولياته في دعم هذا الانتقال السياسي الشامل. إن العمل الجماعي والتضامن هما السبيل لتحقيق السلام والاستقرار في هذه البلاد العزيزة.
حفظ الله سورية وشعبها وثورتها، وكل بلادنا العربية والإسلامية.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_شعبان_عبد_الرحمن_سوريا_ 80عاماً _من_القهر_تحديات_بناء_المستقبل_بعد_التحرير!
