مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_زهير_سالم_قلق_يساور_نتنياهو_وفَرِيقَيهِ_الأمني_والعسكري!!
بالأمس وزّع علينا أخٌ كريم رسالة، فيها سُخرية من الديمقراطية الغربية، متكئة على خبر نزق بإقالة بعض المسؤولين البريطانيين بسبب تصريح..
نعم لا شيء كامل في هذا العالم، ولاسِيَّما حين تطغى الأهواء والمصالح على أصحاب السلطة والسلطان..
الذين أقرُّوا النظام الديمقراطي المعمول به في بعض دول العالم، والذي يُنَفَّذُ على أنحاء متفاوتة؛ قرروا: إن هذا النظام هو الأقل سوء بين الأنظمة المطروحة.
هذا المقال ليس للمقارنة بين النظام الديمقراطي، أو النظم الديمقراطية، والنظم الاستبدادية، ولا بين النظم الديمقراطية السائدة في بعض دول العالم، وبين نظام الشورى الإسلامي الموعود أو المأمول
وإنما هذا المقال لاقتناص العبرة من أخبار وتقارير كَثُرَ الحديث فيها، منذ انطلاق الحرب العدوانية على المدنيين في غَزَّةَ، على المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة..
تتحدث هذه التقارير مترادفة متراصفة متتابعة، عن قلق بالغ يساور نتنياهو وفَرِيقَيهِ الأمني والعسكري، من محاسبة ديمقراطية قادمة، سوف تهصرهم هصرا، عن الغفلة التي كانت قبل الحرب، وعن الأداء أثناء الحرب..!!
ويجمع أصحاب هذه التقارير على أن خوف نتنياهو وفَرِيقَيهِ، مشروع، وأن ما ينتظرهم أقرب إلى مدحلة ديمقراطية حقيقية، تتمثل في مواجهة لجنة أو لجان تحقيق: تسأل: مَنْ؟؟ وكيف؟؟ وأين؟؟ومتى؟؟ وما هي خلفية كل قرار اتخذ؟؟ وكل خطوة خطاها الفرقاء المتشاركون، والذين تؤكد الأخبار أنهم متشاكسون!!
أتابع المشهد السياسي في منطقتنا منذ ستين سنة. في كل حدث كبير أو متوسط أو صغير، دائما أسمع وأتابع أن العبرانيين قد شَكَّلوا فِرَقَاً للمتابعة والمسائلة والمحاسبة.. وأخرى لما يسمونه التقويم وحسب المصطلح الذي يرددونه ’’اقتناص العِبَرْ‘‘ أي استخلاص الدروس من الحدث، لتعزيز الناجح من التجارب، وتدارك غيرها..
ليس عملي تعطير الديمقراطية العِبْرِيَّة فهذه ديمقراطيتهم لأنفسهم وفيما بينهم، ولعلنا نعيبهم أنهم ديمقراطيون فقط مع أنفسهم.. وليس مع غيرهم، بل هم يبذلون كل جهدهم لحرمان من يخشونه منها.
على الجهة المقابلة، وأنا أعيش السياسة كما قلت منذ ستين سنة، لم أجدنا في أي حدث كبير أو صغير تجرأنا على أي مقاربة ديمقراطية من الذي تفعله بعض الأمم أو الشعوب لنفسها أو بنفسها!!
كانت هزيمة السابعة والستين الهزيمة الأعنف في تاريخ أمتنا في القرن العشرين، منذ نكبة ١٩٤٨م.
في قطرنا العربي السوري نحن نتدافع الحديث عن الهزيمة النكسة!!
جمهور كبير منا يعتبرها خيانة مدبرة بليل نفَّذها حافظ الأسد وشركاه..
بينما يتحدث من تمت على أيديهم عن معطيات تصل إلى حد اعتبارها نصرا مؤزرا:
يقول لك بعثي قومي عقائدي تقدمي علماني: لقد كانت نصرا مؤزراً!! لقد كان هدف العدوان الصهيوني إسقاط النظام التقدمي في دمشق؛ ولكنه أخفق!!
حتى اليوم لا أحد يعرف كيف حصل ما حصل؟؟ ما هي الخلفية الاستراتيجية والعسكرية للبلاغ ٦٦ الذي يقال إنه أعلن سقوط القنيطرة قبل سقوطها..!!
في عالم تغيب فيه الديمقراطية تغيب المساءلة والمحاسبة والتقويم ويسود الإضراب عن الاستفادة من النجاحات والإخفاقات معا..
ولكن هل كانت المشكلة في سورية، هي مشكلات النظام المتسلط أو المسيطر، فقط؟؟
ولكن بالمقابل – على طريقة الإعلامي البارع فيصل القاسم – هناك قرارات اتخذت من جهات شعبية ووطنية إسلامية وغير إسلامية.. كلَّفت السوريين آلاف الضحايا، وأغمغم وتعلمون لماذا أغمغم، هي كذلك لم تخضع لتقويم ولا لمساءلة ولا لمحاسبة..
آلاف الناس الذين قضوا ’’جريرة‘‘ هذه القرارات، تأملوا لفظ ’’جريرة‘‘ فهو بالغ الدلالة في سياقه، لم يستحقوا طاقة زهر، لا من المتسبب في قتلهم ولا من المباشر له.
قاعدة واحدة من قواعد الفقهاء ما تزال تستعجم عليّ، يقولون: ’’اذا اجتمع في الفعل متسبب ومباشر أضيف الحكم إلى المباشر‘‘ ويعنون بالمباشر المنفذ.
هل يعني هذا أن بشار الأسد عندما يأمر بتعذيب الناس، فيموتون تقع مسؤولية موتهم على الجلاد الذي صعقهم مأموراً بالكهرباء؟؟
آلاف الشهداء الذين قضوا بالبراميل المتفجرة، هل دماؤهم في أعناق الطيارين الذين قصفوهم فقط أو أن الأول والأولى بوصف القاتل الآمر الأول، أو المتسبب الأول!!
ربما القاعدة الفقهية تحتاج إلى إعادة صياغة على ضوء ما نعيش..
معركة الجسر في تاريخ الإسلام يجب أن يُعاد دراستها، ودراسة كيف كان موقف عمر رضي الله عنه من قائدها أبو عبيد الثقفي..
القصة تطول والعبرة سابغة..
وأعود..
نتنياهو وفريقاه الأمني والعسكري قلقون من جولة من المسائلة والمحاسبة بعد أن تتوقف رحى الحرب عن الدوران..
تلك هي بعض ثمار الديمقراطية المُحَرَّمَة علينا.
أحيانا أقول حرّمناها على أنفسنا، كما فعل إسرائيل – عليه السلام – إذ حرّم على نفسه.
لا لم نُحَرِّمها على أنفسنا فقط؛ بل حَرَّمها علينا، وقاتلنا وقتلنا دونها، الآخرون..
كنت أريد أن أسترسل في الحديث عن ديوان الاعتبار..
أتذكر رئيساً في الولايات المتحدة اسمه نيكسون وقضية عنوانها ووتر غيت..
أتذكر كلينتون وحكاية فتاة سمراء اسمها مونيكا.. أتذكر ترامب بكل المال والعنجهية يمثل أمام المحكمة..
وأتساءل: متى نسأل بعضنا عن دم وعرض ومال؟؟
في ساعة مصاف، لمس سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ بَطَنَ صحابي: استو يا سواد؟؟
يقول سواد: يا رسول الله أوجعتني!!
أوجعتمونا يا قوم…!!
____________
أ.زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي.
هذا التحليل السياسي يُعَبِّرُ عن رأي كاتبه ولا يُعَبِّرُ بالضرورة عن رأي الموقع.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_زهير_سالم_قلق_يساور_نتنياهو_وفَرِيقَيهِ_الأمني_والعسكري!!