مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_قوة_إيران_الزائفة_بانت_على_حقيقتها
لقد رأى العالم كله ’’قوة إيران‘‘ الزائفة التي هددت بها الدولة العِبْرِيَّة لسنوات، بعروض عسكرية شبيهة بالعروض العسكرية الكورية الشمالية، وأدرك هذا العالم مدى هشاشة أسلحتها أمام أنظمة الدفاع الصهيونية، وفي الخلاصة اتضح أن الدولة العِبْرِيَّة دولة قوية وإيران دولة ضعيفة، وأنّ إيران هي المعتدية، والدولة العِبْرِيَّة الصغيرة المُعْتَدى عليها تُدافع عن نفسها بنجاح.
وإذا ما أرادت الدولة العِبْرِيَّة الرد على هجوم إيران فإنه عليها أن تلجأ للعمليات السّرِيَّة، مثل قصف الأهداف الإيرانية المتواجدة خارج إيران دون ترك أي أثر، كما كانت تفعل ولا تزال في الأراضي السورية والأجواء السورية، وهذا سيعزز بالتأكيد الهالة المحيطة بالدولة العِبْرِيَّة، ويسمح للقوى العالمية راعية الدولة الغاصبة لفلسطين بمواصلة دعمها.
في كل الأحوال فإن الشعوب العربية والإسلامية والعالمية الحرة انتشت ترحيباً بليلةٍ يفرح فيها أيتام غَزَّةَ ومُشَرَّدُوهَا ونازحوها، فهذه أعظم ليلة لا تنام فيها الدولة العِبْرِيَّة وتعقد فيها حكومتها اجتماعها في الملاجئ.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع إيران وسياستها، فهذه ليلة سيكون لها ما بعدها، فالجميع يعلم أن الأمور عند حافة الهاوية، فهذه أول مواجهة ذات طابع إقليمي منذ عام 1973م.
صحيح أن معضلة الكيان الصهيوني تكمن في عدم الرد، فإذا لم ترد فقد انهارت رواية الاحتلال من أن حربهم الوحشية في غَزَّةَ قد حققت الردع بمنع أي هجوم جديد ضدها، وبالتالي فإن أمام دولة الاحتلال خيارات صعبة.
لقد فشلت إيران في دفع الدولة العِبْرِيَّة لكلفة باهظة ومؤلمة ثمناً لاعتداءاتها المتكررة باستهداف إيران وحلفائها في المنطقة انطلاقاً من سورية، ومُنِيَت بإخفاقٍ كبير وفشلت فشلاً ذريعاً عندما أعلنت عن هجومها قبل أن يبدأ، ومن الظلم مقارنة هجوم إيران الواهي بهجوم طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسَّام الجناح العسكري لحماس الذي فاجأ بِسِرّيَّتِه وتكتيكاته وتنظيمه وأدائه فاجأ الصديق قبل العدو، وكيف أن السّرِيَّة التامة أعطت للمقاومة الفلسطينية وقتها، لتُمَرِّغَ أنف جيش الصهاينة في وحل غَزَّةَ ورمالها.
في كل الأحوال فإن كل هذه المسرحيات الهزلية التي شاهدناها على مسرح الصراع الوهمي بين طهران وتل أبيب، جعل هناك فرصة لأهلنا في غَزَّةَ كي يلتقطوا أنفاسهم ولو لأيام أو حتى ساعات بعد كل هذه الجرائم والمجازر التي ارتُكِبَتْ بحقهم على مدار نصف عام.
لقد حقق الهجوم الإيراني الفاشل للكيان الصهيوني مكاسب لم تكن متوقعة لهذا الكيان، مما يستدعي التريث وضبط النفس ورباطة الجأش.
لقد منح الهجوم الإيراني ’’الفاشل‘‘ الكيان الصهيوني فوائد لا تُحصَى ولا تُعَدُّ، ولعل من أهمها:
1-أصبح يُنظر لإيران الآن على أنها هي الدولة المعتدية، والعالم كله ضدها.
2-تَوقّفَ العالم ولو لحظة عن التركيز على غَزَّةَ، مما يُمَثِّلُ فرصة لبعض التحسينات الدبلوماسية.
3-أصبح العالم يتفهم السَّردية الصهيونية التي تزعم أن ’’إيران دولة إرهابية‘‘ وأصبح الجميع يتحدث عن الصواريخ والطائرات المُسَيَّرَة الإيرانية الفاشلة، وعن أنظمة الدفاع الجوي للكيان الصهيوني المذهلة.
4-عملت الدول الغربية الرئيسة، بقيادة الولايات المتحدة، العمود الفقري الحقيقي للكيان الغاصب، إلى جانب الدول التي تُوصف بالمعتدلة في الشرق الأوسط، وهذا أمرٌ غير مسبوق، وهو إنجاز لم يكن ليخطر على بال أحد.
5-استعادت الدولة العِبْرِيَّة بين عشيةٍ وضُحاها مكانتها كقوة تكنولوجية عُظمى في كل ما يتعلق بالدفاع الجوي وحسّنت صورتها بشكل كبير في مجال الاستخبارات الدقيقة، وهو ما يعتبر أمراً مُهِماً جداً لرفع المعنويات بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر / تشرين الأول.
6-أصبحت لدى الدولة العِبْرِيَّة فرصة استثنائية لتغيير الخطاب وتَصَدّر المشهد، وتأطير إيران بشكل سلبي للغاية، والأمر يعتمد على قدرات النفوذ لدى النظام الصهيوني العنصري، فهناك إمكانات هائلة الآن لتحويل كل الأنظار نحو طهران بوصفها عاصمة الإرهاب العالمية، وهي كذلك.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_قوة_إيران_الزائفة_بانت_على_حقيقتها