مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_كيف_ستنجح_أستانا_في_إيجاد_حل_للقضية_السورية؟
انطلقت في العاصمة الكازاخية أستانا، يوم الاثنين الموافق 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2024م، الجولة الثانية والعشرون من اجتماعات ’’مسار أستانا‘‘ بشأن الملف السوري، بمشاركة وفود من الدول الضامنة: تركيا، روسيا، وإيران، بالإضافة إلى ممثلي النظام والمعارضة السوريين.
تستضيف أستانا على مدار يومين اجتماعات تشاورية ثنائية وثلاثية بين الوفود، تليها جلسة عامة ومؤتمر صحفي في ختام اليوم الثاني. وتتناول الاجتماعات الحالية السبل الممكنة لإيجاد حل للأزمة السورية، تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الأطراف، إعادة إعمار سورية، وشروط عودة السوريين إلى وطنهم.
خلال المحادثات، تشارك تركيا بوفدٍ يرأسه السفير إحسان مصطفى يورداكول، مدير عام العلاقات الثنائية السورية في وزارة الخارجية. ويرأس الوفد الروسي ألكسندر لافرنتييف، الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سورية، بينما يقود الوفد الإيراني علي أصغر حاجي، مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية.
كما يشارك وفد النظام السوري برئاسة أيمن رعد، نائب وزير الخارجية، ووفد المعارضة برئاسة أحمد طعمة، بالإضافة إلى الوفد الذي يرأسه المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غِيْر بيدرسون.
إلى جانب ذلك، تشارك جهات دولية أخرى، منها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي، مع حضور مراقبين من الأردن ولبنان والعراق.
مسار أستانا، نظرة عامة:
بدأت محادثات أستانا في يناير / كانون الثاني 2017م، برعاية الدول الضامنة، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011م. وقد عُقدت الجولة السابقة من الاجتماعات يومي 20 و21 يونيو / حزيران 2023م.
يُعَدُّ مسار أستانا جزءاً من الجهود الدولية لإيجاد حل للأزمة، حيث يُركِّز على القضايا الإنسانية والسياسية والعسكرية. ومع ذلك، لم تؤدِّ اتفاقيات ’’خفض التصعيد‘‘ إلى وقف الهجمات في إدلب، مما دفع تركيا وروسيا إلى توقيع اتفاقيات جديدة خلال السنوات الأخيرة لتنظيم الوضع في شمال غرب سورية.
تعقيدات الحل السياسي:
يأتي انعقاد هذه الاجتماعات وسط تصاعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك القصف الإسرائيلي المستمر على الأراضي السورية، والمخاوف من تصعيد أوسع في المنطقة. وعلى الرغم من الجهود المستمرة، لا يزال الحل السياسي بعيد المنال، نتيجة تضارب أجندات الأطراف الدولية والإقليمية.
لقد حدد قرار مجلس الأمن 2254 (الصادر في ديسمبر / كانون الأول 2015م) الإطار العام للحل السياسي، الذي يستند إلى بيان جنيف (2012م)، ويشمل تشكيل هيئة حُكْم انتقالية، صياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة. إلا أن غياب آليات تنفيذ واضحة أدى إلى عرقلة هذا المسار.
علاوة على ذلك، مثَّل القرار 2254 حالة توافق دولي ظاهري، لكنه انحاز عملياً للرؤية الروسية، مما أدى إلى تقليص فرص تحقيق مطالب الثورة السورية.
قراءة في جذور الأزمة:
عند استعراض بدايات الحراك السوري في عام 2011م، بدا في البداية أن النظام لن يصمد طويلاً أمام احتجاجات سلمية واسعة. إلا أن التحول السريع إلى الصراع المسلح، واصطفاف القوى الدولية والإقليمية خلف أطراف النزاع، أسهم في تعقيد المشهد وإطالة أمد الأزمة.
اليوم، وبعد مرور 13 عاماً على بداية الحراك، لا تزال سورية تواجه واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية والسياسية على المستوى الدولي. وعلى الرغم من محاولات الوساطة الدولية، لا يزال المسار السياسي في حالة جمود.
استنتاج: هل تحمل أستانا الحل؟
يُثار التساؤل: هل يمكن أن تكون أستانا بمثابة العصا السحرية التي ستُنهي المأساة السورية؟ أم أن تضارب مصالح الأطراف الضامنة – روسيا وإيران، المتورطتين في دعم النظام السوري – سيبقي الوضع على ما هو عليه؟
في ظل الظروف الراهنة، تبدو فرص تحقيق تقدم ملموس في الحل السياسي ضئيلة، ما لم تتوفر إرادة حقيقية لدى الأطراف الدولية والإقليمية لدفع المسار نحو تحقيق تسوية شاملة وعادلة.
المراجع
– الجزيرة – 25/4/2024م – 11/11/2024م.
– عربي21 – 11/11/2024م.
– وكالة الأناضول – 9/11/2024م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_كيف_ستنجح_أستانا_في_إيجاد_حل_للقضية_السورية؟