السبت, فبراير 22, 2025
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيمحمد رضا شيباني: مبعوث إيران في سورية

محمد رضا شيباني: مبعوث إيران في سورية

(الدوافع والأسباب)

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_نبيل_العتوم_محمد_رضا_شيباني_مبعوث_إيران_في_سورية

تعاني إيران من حالة من التخبّط والارتباك غير المسبوق في سياستها الإقليمية، نتيجة الهزائم الاستراتيجية المتتالية التي منيت بها في لبنان وسورية والعراق. ومع تصاعد التهديدات الأمريكية والإسرائيلية، خاصة بعد تولي ترامب الحكم، بدأت إيران في إعادة تقييم استراتيجياتها. في هذا السياق، قامت بتعيين محمد رضا شيباني مبعوثًا خاصًا إلى سورية، في محاولة لاستعادة نفوذها المفقود.

يهدف هذا التعيين إلى إعادة تفعيل العلاقات الإيرانية السورية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها طهران في ظل التوترات المتزايدة مع القيادة السورية الجديدة. إن هذه الخطوة تعكس مساعي إيران المحمومة للحفاظ على وجودها في المنطقة وسط تحولات دراماتيكية تهدد مصالحها.

تعيين محمد رضا شيباني

خطوة دبلوماسية جديدة بعد التخبّط والارتباك الإيراني غير المسبوق نتيجة هزائمها الاستراتيجية المتتالية في لبنان وسورية والعراق، ومع احتمالية قيام واشنطن وتل أبيب بعمل عسكري ضدّها وخاصّة بعد وصول ترامب للحُكْمِ.

بدأت إيران خطوتها بتعيين سفيرها السابق – محمد رضا شيباني – في دمشق من جديد، في محاولة لإعادة تقييم سياساتها تجاه سورية بعد التضارب العميق في المواقف والتصريحات التي وصلت إلى حدّ التضارب بين المرشد – الذي تعهّد بتغيير الأوضاع، وتنبأ بظهور طائفه مقاومة من الشباب السوري لإعادة الأمور إلى نصابها – وبين رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان الذي اعتبر ما جرى في سورية تعبيراً عن تطلعات الشعب السوري وطموحاته.

حالة الارتباك داخل السياسة الإيرانية

تصريحات تعكس حالة الارتباك داخل السياسة الإيرانية، ومحاولة بائسة لاستعادة نفوذ بات في حُكْمِ المُنهار. في ظلّ هذه التحولات، يبدو أن طهران تواجه تحديات كُبرى تجعل من مساعيها عبئاً إضافياً يفاقم من أزمتها الإقليمية والدولية، بينما تستمر سورية في الابتعاد عن النفوذ الإيراني في طريقها لاستعادة استقلالها ومكانتها في المحيط العربي. فقد تعهدت قيادة العمليات العسكرية في سورية التي باتت تحت إشراف أحمد الشرع، بعودة سورية إلى محيطها العربي بعيداً عن النفوذ الإيراني.

تأثير التحولات على الاستراتيجية الإيرانية

هذه التحولات الدراماتيكية المتسارعة أثّرت بشكل مباشر على استراتيجية إيران في سورية، حيث أصبحت أمام تحدٍّ كبير لإعادة ترتيب أوراقها في ظلّ انكماش نفوذها، وتراجع مجالها الحيوي بعدما دفعت في سبيله عشرات المليارات من الدولارات، حيث بات نفوذها في المنطقة على المحكّ بعد خسارة لبنان وسورية كأقسى خسارة مُنِيَت بها بعد الثورة الإسلامية على حدّ تعبير محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإيراني.

وأمام حالة التخبط الاستراتيجي غير المسبوق قامت إيران بتعيين محمد رضا شيباني، مبعوثًاً خاصاً لإيران إلى سورية وهو يعكس أهدافاً واضحة تسعى لتحقيقها في هذه المرحلة الدقيقة. من أبرزها: الأمل في اعادة تفعيل دورها السياسي والعسكري في سورية.

محمد رضا شيباني: من هو؟

فمن هو (شيباني)؟ هو شخصية دبلوماسية من الحرس الثوري الإيراني، كان له دور بارز في تنظيم العلاقات الإيرانية السورية خلال فترة شغله كسفير في دمشق زمن العهد المقبور، وهو يُعتبر شخصية دبلوماسية ذات خلفيه حرسيه عُهِدَ لها  العمل على ترميم العلاقات بين طهران ودمشق، حتى وإن كانت هذه العلاقات قد شهدت توترات حادة مع العهد الجديد في الوقت الذي تعتبر فيه سورية جزءا أساسيا من استراتيجيتها الإقليمية، ولا يمكن تصوّر خلاف ذلك رغم أنها ماتزال تحت وَقْعِ الصدمة، ولم تستوعب حقيقة ما جرى، لأنهال لم نكن تتصور بأي حال من الأحوال  خسارة سورية كخط إمداد أساسيّ لحزب الله اللبناني الذي قطع رأسه بعد اغتيال أمينه العام حسن نصرالله وقَتْلِ معظم قياداته السياسية والعسكرية من الصفين الأول والثاني.

التوترات مع القيادة السورية الجديدة

إيران تُدرك جيداً أن نفوذها العسكري والاستخباري والثقافي والاقتصادي في سورية قد انهار وولَّى بلا عودة، وهو ما دفعها إلى إرسال مبعوثها الخاص في محاولة يائسة لتحسين علاقاتها مع أي حكومة سورية، والرهان على أيّ شخصية في إدارة هذه العلاقة الدقيقة مع القيادة السورية الحالية التي تعتبر إيران عدوّاً لها تعتبر ضرباً من العبث. فالتطورات لم تقف عند هذا الحدّ، بل تزايدت التوترات بين إيران من جهة والقيادة السورية الجديدة من جهة أخرى بسبب التصريحات الاستفزازية من قِبَلِ إيران وتعهدها بالانتقال للخطة (ب) لنقل الفوضى إلى سورية، مما آثار موجة من الغضب والاستهجان على مستوى الساحة السورية والإقليمية.

انعكاسات تعيين شيباني على الصعيد الإقليمي

أمّا عن انعكاسات تعيين شيباني على الصعيد الإقليمي، فالمؤكد أنها تتعامل مع المتغيرات في سورية ضمن سياق أوسع يشمل علاقاتها مع الدول العربية، روسيا، والولايات المتحدة. فهي تأمل أن يساهم تعيين شيباني في إعادة بناء جسور التواصل مع دمشق الجديدة، في الوقت الذي يغلب على الظنّ أن تزداد التوترات بين إيران والدول الغربية، خصوصاً مع تزايد المحاولات الأمريكية والإسرائيلية للحدّ من النفوذ الإيراني في المنطقة عموماً؛ ففي هذا الإطار، قد يواجه شيباني تحديات كبيرة في مساعيه لاستعادة قدراً ضئيلاً من الهيمنة على سورية، خاصّة في ظلّ اندفاعه عربيا نأمل بِتعظيمها للوقوف مع أهلنا في سورية الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل الوقوف أمام النظام السوري المدعوم من آلة الاجرام الايراني.

الخلاصة:

إنّ تعيين محمد رضا شيباني مبعوثًاً خاصاً لإيران لدى سورية يُمَثِّلُ خطوة عبثية في سياق محاولات طهران لاستعادة نفوذها البائد في هذا الحمى العربي بعد انهيار نظام بشار الأسد.  وعلى الرغم من الظروف المعقدة التي تمر بها سورية حالياً، فإن إيران قد تسعى لاستغلال هذه الفرصة لممارسة طقوسها وسياستها الشيطانية في محاولة يائسة لإعادة تأمين مصالحها الأمنية والسياسية في سورية؛ غير أن محاولاتها ستؤول إلى الفشل وستعود عليها وبالاً بحول الله تعالى.

___________

د.نبيل العتوم: أستاذ العلوم السياسية والمتخصص بالشأن الإيراني.

هذا التحليل السياسي يُعَبِّرُ عن رأي كاتبه ولا يُعَبِّرُ بالضرورة عن رأي الموقع.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_نبيل_العتوم_محمد_رضا_شيباني_مبعوث_إيران_في_سورية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات