مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_محور_الخيانة_والغدر_يترك_غَزَّةَ_وحدها
قَدَرُ غَزَّةَ هاشم أن تُتْرَكَ وحيدة أمام تَغَوُّلِ دولة الصهاينة المدعومة من دول عظمى في مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا.
لقد تُرِكَت غَزَّةَ وحدها لتواجه جيش العدو الصهيوني بكل ما يملك من أسلحة متطورة، مدعوماً بترسانة جيوش الدول العظمى التي سارعت للوقوف إلى جانبها بترسانتها الحربية المدمرة، وهذه المواجهة غير المتكافئة بين كتائب القسّام والفصائل الفلسطينية المقاومة؛ في مواجهة آلة الحرب المتطورة والمتقدمة لتلك الدول، هو شرف حازته حماس وخلفها الفلسطينيون، تحتضنها الملايين من شعوب العالم الحر، الذي خرج في كل أصقاع الأرض غاضباً ومُطالباً بوقف حمّام الدم الذي تفجره الدولة الصهيونية من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ، في حرب إبادة جماعية لشعب غَزَّةَ الصابر المصابر، وفي المقابل تُحَيِّ هذه الشعوب صمود حماس ومن خلفها الشعب الفلسطيني.
غَزَّةَ تُرِكَت لوحدها كما تُرِكَ الشعب السوري وحيدا منذ العام 2011 إلى 2023م في مواجهة نظام ديكتاتوري فاشي، يؤيده ويدعمه محور من دول ظالمة باغية جاءت من خلف الحدود، وفي مقدمتها دولة معممي قم؛ ودولة روسيا المتوحشة، وحزب إيران اللبناني؛ وميليشيات رافضية جيّشتها دولة الملالي في طهران لذبح السوريين وقتلهم وتشريدهم.
إيران وبشار الأسد ونصر اللَّات متفقين على عدم التورط في ما يجري في غَزَّةَ وعدم الإخلال بالتوازنات والمكاسب التي حققوها سابقا، إلى الآن لا يوجد أي تهديد على المشروع الإيراني ولا على النظام السوري، وهما يريدان الاستفادة مما يحصل وليس التورط فيه.
ونذكر في هذا السياق إلى أنه وبعد مقتل المجرم السفاح قاسم سليماني شكّلت إيران بقرار من مجلس الأمن القومي الإيراني ما يسمى بوحدات المقاومة الإسلامية في العراق، اتبعتها لاحقا بما سُمِّيَ وحدات المقاومة الشعبية في سورية.
وكان الهدف الرئيس من هذه الوحدات ليس مواجهة الصهاينة؛ بل القضاء على ما تبقى من الجيش الوطني الحر في شمال سورية، وإخراج القوات التركية من تلك المنطقة، لتتفرغ للتغيير الديموغرافي الذي يخدم مصالحها وأطماعها.
ضمن هذا المجال تسعى إيران لتوظيف هذه الفصائل ليس إلا ولا تريد التورط في موضوع فلسطين، بل استعمال هذه الفصائل تحت شعار فلسطين للضغط على الأتراك للخروج من المنطقة؛ حتى يخلو الجو لها وتقوم بتسويات في ملفاتها الحيوية كما الملف السوري.
ومن ضمن هذه الاستراتيجية نلاحظ كيف أن شبكات المقاومة العراقية (المسماة بالحشد الشعبي) نشطت شرقي نهر الفرات ضد الجيش الحر الوطني، تاركة الجبهة مع دولة الصهاينة خامدة، إلا من بعض الرمايات من هنا وهناك لذر الرماد في العيون.
في سورية كما في لبنان ثمة مَنْ حَجَّمَ القوى الفلسطينية في فترة الحرب الأهلية ووجود الجيش السوري الأسدي صاحب النفوذ الكبير في لبنان، الذي دخله بموافقة من واشنطن وتل أبيب، وبالتالي كانت ولادة حزب اللَّات بدعم من إيران على حساب الفلسطينيين، لكنه حاليا بات ضعيفا في لبنان ومشتت بعد رسم طريق مساره إلى تحرير الأقصى عبر مروره من القلمون إلى دمشق إلى حمص وحماة وحلب وإدلب والرقة ودير الزور.
ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا النظام في سورية منع المنظمات الفلسطينية حتى من النشاط السياسي والخروج حتى بمظاهرات من أجل غَزَّةَ، لأنه لا يريد أن تخرج الأمور عن سيطرته، وأقصى ما تعمل عليه إيران الآن هو دفع أدواتها في اليمن وجنوب لبنان لتوجه بعض الضربات المسرحية على الكيان الصهيوني.
وكشف ترامب الرئيس الأمريكي السابق بفضيحة مُجلجلة تخص إيران فقال: ’’عندما أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار، كان عمر الطائرة المعدنية بدون طيار 14 عاماً، ليست مفيدة جداً، وكان على مقربة منها طائرة كبيرة بمحركات وعلى متنها 39 مهندساً وطيّاراً، وإيران أسقطت الطائرة بدون طيار، يقول ترامب: سألت الجنرالات (هل أسقطوا الطائرة التي خلفها؟)، قالوا: (لا يا سيدي، لم يفعلوا). قلت، هذا مثير للاهتمام. ولكن كان علينا أن نضرب إيران، لذلك ضربناهم بقوة‘‘.
وتابع: ’’لقد حطمنا راداراتهم وأشياء مختلفة، وأدليت بتصريح مفاده أنهم إذا رَدُّوا علينا، فسنفعل بهم أشياء لم يعتقدوا أنها ممكنة أبداً‘‘.
وأكّد ترامب في حديثه لجمهوره أن الإيرانيين اتصلوا بإدارته (عقب مقتل سليماني)، وقالوا ’’ليس لدينا خيار آخر علينا أن نضربكم لحفظ ماء الوجه‘‘.
واستطرد: ’’وأنا فهمت ذلك، لقد ضربناهم (بمقتل سليماني)، عليهم أن يفعلوا شيئا‘‘، مؤكداً أن الإيرانيين قالوا: ’’سنقوم بإطلاق 18 صاروخاً على قاعدة عسكرية معينة لديكم، لكن لا تقلقوا، لن تصل الصواريخ إلى القاعدة‘‘.
وقال: ’’هل تتذكرون تلك الليلة؟ كنت الوحيد الذي لم يكن متوتراً لأنني كنت أعرف ما سيحدث، خمسة من الصواريخ التي أطلقتها إيران انفجروا في الهواء. والصواريخ الأخرى سقطت خارج منطقة القاعدة‘‘، مضيفاً: ’’لم أُخبر أحداً بتلك القصة من قبل، لكن هذه القصة تعرف عبارة الاحترام لأمتنا وبلدنا‘‘.
إيران تنتظر تسويات دولية في المنطقة بعد أن تضع حرب غَزَّةَ أوزارها ليتم العمل عليها حاليا، والنقطة التي ستتدخل فيها إيران بالملف الفلسطيني ويتم تجنيد ’’حزب اللَّات‘‘ لذلك.
في المقابل فإن هناك ثمة خطر يتهدد إيران وحزب اللَّات، ويتمثل في خروج محور سُنِّيّ منافس لهما كالجناح العسكري لحماس، ويعتبر ذلك منافسة كبيرة لإيران وحزب اللَّات، فهم لا يتبعون إيران ولا يتلقون الأوامر من إيران، وتعاونهم مع إيران عادي وليس هناك أي تحالف بينهما، فقط هناك تعاون بينهما بما يخدم المصالح المتقاطعة فقط، لكن بموضوع التشيع والأوامر والتعليمات والسلاح فلديهم مصادر كثيرة حتى إن السلاح المستخدم إلى الآن في غَزَّةَ مصدره ليبيا والسودان ودولة الكيان الصهيوني.
إن الحسابات متشابكة ومتضاربة حتى ضمن صف المحور الواحد الذي يعاني من انقسام طائفي ومذهبي، يضاف إليه ضغط كبير يعيشه الإيراني مع حزب اللَّات.
هناك محور قد يرى النور قوامه قطر وتركيا والأردن ومصر، وهذا المحور يعتبر حركة حماس مقاومة شرعية، وهدف هذا المحور تحجيم دور إيران في الملف الفلسطيني، وإعطاء دور أكبر لمؤسسات السلطة الفلسطينية على المستوى السياسي، وإعطاء أهل غَزَّةَ هامشاً اقتصادياً أكبر، بما لا يعود معه بإمكان تل أبيب التحكم بالمعابر ولا في علاقتهم بمصر، وهنا يتم تبادل الأمن مقابل الاقتصاد، وهو أمر مطروح منذ زيارة وزير الخارجية الأردني إلى أنقرة قبل عدة أشهر؛ للدخول إلى معترك تحجيم إيران.
ولهذا السبب نجد إيران تتردد بخطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء لأنها تعرف ما يُحاك لها، ولا تريد التورط فيما يحدث في غَزَّةَ، خاصة إذا ما دخلت الدول الإقليمية وبخاصة مصر وتركيا والخليج، حيث يمكنهم عندها سحب أهم ورقة من إيران؛ أي الورقة الفلسطينية، التي تُتاجر فيها من يوم وطئت أقدام خميني أرض مطار طهران قادما من باريس.
إيران تَعَرَّت تماماً أمام العالم الإسلامي في حربها على السوريين، واليوم تتعرى تماما في حرب غَزَّةَ، سيَّما وأنها لم تعد تستطيع إقناع شباب حماس بدعاويها الكاذبة بأنها تعمل على تحرير الأقصى، فجيل المقاتلين الفلسطينيين الشباب الذين يمسكون بمبادرة المقاومة في القسام، ليس بنفس القوة التي كانت عليها مع الجيل الفلسطيني السابق والقديم، فالجيل الجديد من المقاتلين الفلسطينيين لا ارتباط له مع معممي قم بقدر ارتباطه بوطنه وهويته وتحرير الأرض والوطن.
المراجع
أون لاين – 7/11/2023م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_محور_الخيانة_والغدر_يترك_غَزَّةَ_وحدها