الأربعاء, يناير 8, 2025
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيهل سيكون مصير غَزَّةَ كمصير طُليطلة؟!

هل سيكون مصير غَزَّةَ كمصير طُليطلة؟!

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_هل_سيكون_مصير_غَزَّةَ_كمصير_طُليطلة؟!

يا قادة وملوك الأمة نذكركم بما حصل لِطُليطلة فلا تتركوا التاريخ يعيد ذكراها الأليمة في غَزَّةَ  الصابرة المصابرة، التي تنافح عن القدس والأراضي المقدسة وعن الأمة وشرفها وكرامتها، ونذكركم يا قادة العرب وملوكهم ما فعل ملوك الإسبان بدول الطوائف العربية والذي يشبه اليوم ما يفعله نتنياهو وخامنئي وبوتين وبايدن، وقد استباحوا بلادنا من النيل إلى الفرات مروراً بكل المقدسات، ففي لحظة من الشقاق بين ملوك الطوائف، عرب الأمس، وانشغالهم بمحاربة بعضهم البعض، والصراع فيما بينهم سقطت طليطلة وسقط معها صرح الأمة في الأندلس.

لقد استغل بالأمس الملك ألفونسو السادس ملك قشتالة هذه اللحظة البائسة التي كان يمر بها المسلمون في الأندلس، بل إن بعض الروايات تشير إلى تواطؤ بعض ملوك الطوائف مع ألفونسو مثل المعتمد بن عبَّاد ملك إشبيلية القريب والجار لِطُليطلة، حين تفاهم مع ألفونسو على تركه لمحاربة بني ذي النون، وحالياً هناك بعض الدول العربية تحاصر غَزَّةَ  وتدعم الصهاينة، وتحث نتنياهو على اجتثاث حماس والمقاومة الفلسطينية.

لقد كان سقوط طُليطلة إحدى قواعد الأندلس العظمى في يد قشتالة، إنما هو نذير السقوط النهائي، وأن انهيار الحجر الأول في صرح الدولة الإسلامية، إنما هو بداية انهيار الصرح كله، ولقد كان السكوت على انقلاب السيسي في مصر والتدخل الرافضي الشيوعي في سورية إحدى المؤشرات على انهيار صرح الدول العربية المتهاوي.

’’وهكذا عدمت طليطلة كل مصدر للعون الحقيقي، كحال غَزَّةَ  اليوم، كل ذلك والموقف يتحرّج، وألفونسو السادس ماضٍ في غزواته المدمرة، حتى أضحت سهول طليطلة كلها خراباً يباباً كالحال التي آلت إليه غَزَّةَ وبياراتها وزيتونها وأبنيتها‘‘.

ولم يكن يخفى على عقلاء المسلمين أن الموقف عصيب، وأن سقوط طُليطلة إحدى قواعد الأندلس العظمى في يد قشتالة، إنما هو نذير السقوط النهائي، وأن انهيار الحجر الأول في صرح الدولة الإسلامية، إنما هو بداية انهيار الصرح كله، فبادر جماعة منهم إلى الحث على الاتحاد واجتماع الكلمة إزاء الخطر المشترك، ونهض القاضي العلامة أبو الوليد الباجي.

لكن جهود الإمام الباجي وغيره من عقلاء المسلمين في الأندلس ذهبت سُدى، وفي خريف سنة 477هـ  – 1084م     بدأ حصار الملك القشتالي للمدينة، ولمدة تسعة أشهر كاملة استمر هذا الحصار، ولم يكن ثمَّة معين من ملوك الطوائف الآخرين لهذه المدينة، بل تشير بعض الروايات إلى أن هؤلاء الملوك البائسين كانوا يُرسلون سفراءهم لألفونسو بالهدايا والتحف خشية على أنفسهم، وأنهم أذعنوا له بدفع الجزية التي فرضها عليهم، كما يفعل اليوم بعض قادة وملوك الأمة مع نتنياهو وخامنئي وبوتين وبايدن، وفي نهاية المطاف، وبعد الجوع وقِلَّة الأقوات وضعف العامة وانهيار المقاومة سلم أهل طُليطلة مدينتهم وهم في ذلَّة وضعف إلى الملك الكاثوليكي في بداية شهر صفر سنة 478هـ – مايو 1085م.

وعندما استسلمت طُليطلة سأل الإسبان أهلها: ما دمتم ستستسلمون لماذا صبرتم على هذا الحصار لسنين؟ قالوا: كنا ننتظر المدد من أشقائنا، قال الإسبان: أشقائكم كانوا معنا في حصاركم.

وسقطت الحاضرة الأندلسية الكبرى، وخرجت من قبضة الإسلام إلى الأبد، وارتدت إلى النصرانية حظيرتها القديمة، بعد أن حكمها الإسلام ثلاثمائة وسبعين عاماً.

يقول ابن بسّام: ’’وخرج ابن ذي النون خائباً مما تمناه، شرقا بعقبى ما جناه، والأرض تضج من مقامه، وتستأذن في انتقامه، والسماء تود لو لم تطلع نجما إلا كدرته عليه حتفا مبيدا، ولم تنشئ عارضا إلا مطرته عذابا فيه شديدا. واستقر بمحلة أذفنوش مخفور الذمة، مزال الحرمة، ليس دونه باب، ولا دون حرمه سِتر ولا حجاب. ومن تحدث من رآه يومئذ بتلك الحال وبيده اصطرلاب يرصد فيه أي وقت يرحل، وعلى أي شيء يعول، وأي سبيل يتمثّل، وقد أطاف به النصارى والمسلمون، أولئك يضحكون من فعله، وهؤلاء يتعجبون من جهله، فكان الجهل والخيانة والتشرذم الأسباب الرئيسة لسقوط المدينة!

وهكذا سقطت الحاضرة الأندلسية الكبرى، وخرجت من قبضة الإسلام إلى الأبد، وارتدت إلى النصرانية حظيرتها القديمة، بعد أن حكمها الإسلام ثلاثمائة وسبعين عاماً. ومن ذلك الحين تغدو طُليطلة حاضرة لمملكة قشتالة، ويغدو ’’قصرها‘‘ منزلا للبلاط القشتالي، بعد أن كان منزلا للولاة المسلمين.

خاتماً:

نستصرخ ضمائر القادة العرب أن تصحو قبل فوات الأوان وتستفيق من غفوتها ولهوها وخيبتها، لتنقذ ما يمكن إنقاذه من صرح هذه الأمة الآيل للسقوط، فإذا ما سقط الصرح لا سمح الله فلا وقوف له ولا صمود لبنيانه، الذي نشاهده آيل للسقوط في كل لحظة تمر علينا دون أن نلبي نداء أهلنا الصابرين الصامدين في غَزَّةَ، رغم ما أصابهم ويصيبهم من عذابات وألم وموت وجراح وجوع وعطش وبرد قادم لا يرحم.

المراجع

الجزيرة – 6/5/2017م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_محمد_فاروق_الإمام_هل_سيكون_مصير_غَزَّةَ_كمصير_طُليطلة؟!

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات