
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_ناجي_خليفة_الدّهان_مَنِ_المُنتصر؟_هل_وَقْفُ_إطلاق_النار_في_غَزَّةَ_انتصار_للمقاومة؟_أم_العكس؟
تُعد الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة منذ 7 أكتوبر 2023م واحدة من أكثر الصراعات تأثيرًا في المنطقة. بعد 15 شهراً من القتال، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مما يثير تساؤلات حول نتائج المعركة. تتباين الآراء حول من هو المنتصر الحقيقي: المقاومة الفلسطينية، المتمثلة في حركة حماس، أم الاحتلال الإسرائيلي؟ يكشف تحليل الأحداث والنتائج السياسية والعسكرية عن مكاسب واضحة للمقاومة، بينما تعاني إسرائيل من إخفاقات استراتيجية. ستتناول هذه المقالة تأثيرات الحرب على الصعيدين الداخلي والدولي، مع محاولة تحديد المعاني الحقيقية للنصر والهزيمة في هذا السياق المعقد.
الحرب في غَزَّةَ: تحليل انتصار المقاومة
بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب المدمرة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غَزَّةَ، عقب هجوم السابع من أكتوبر 2023م، تم الإعلان رسمياً عن بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأحد الموافق 20/12/2025م، بوساطة قطرية، مصرية، وأمريكية. هذا الحدث يُعَدُّ علامة فارقة تستوجب تحليلاً معمقاً لما تحقق خلال معركة ’’طوفان الأقصى‘‘ التي بدأت في 7 أكتوبر 2023م، وأثارت العديد من التساؤلات حول المنتصر الحقيقي بين المقاومة والاحتلال.
الجدل حول المنتصر:
رغم الجدل المستمر في الشارع العربي والدولي حول المنتصر في هذه الحرب، يرى البعض أن غَزَّةَ ومقاومتها المتمثلة بحركة ’’حماس‘‘ قد حققت انتصاراً في نهاية المطاف، بينما يرى آخرون أن الحديث عن النصر في القطاع مجرد وَهْمٍ. ولكن بتحليل سياق الأحداث والنتائج السياسية والعسكرية والاجتماعية، يمكن استنتاج الطرف الذي حقق مكاسب ملموسة، والطرف الذي خرج من المعركة مُثقلاً بالإخفاقات.
ما حققته عملية ’’طوفان الأقصى‘‘:
1- على الصعيد الداخلي الإسرائيلي:
أ-إرباك العقيدة الأمنية الإسرائيلية:
أحدثت عملية 7 أكتوبر صدمة كبيرة للعقيدة الأمنية الإسرائيلية، حيث أدى الهجوم إلى انهيار فرقة ’’غَزَّةَ‘‘ خلال ساعتين ونصف، وهو حَدَثٌ غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
هذا الانهيار كشف ضعف الجيش الإسرائيلي أمام أساليب المقاومة غير التقليدية، مما دفع الخبراء الإسرائيليين لمراجعة السياسات الأمنية والعسكرية.
ب-الإخفاق الاستخباري:
فشلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما فيها ’’الشاباك‘‘ و’’الموساد‘‘، في التنبؤ بالهجوم أو التعامل معه بشكل فعال. هذا الإخفاق أثار جدلاً داخلياً حول المسؤولية، ومن المتوقع أن تكون هناك تبعات سياسية قد تصل إلى الإطاحة برؤوس كبيرة، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو.
ت-إخفاق الأهداف المعلنة:
لم تنجح إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة مثل القضاء على المقاومة أو استعادة الأسرى بالقوة العسكرية. هذا الفشل أدى إلى تراجع الثقة الشعبية في القيادات العسكرية والسياسية.
2- على المستوى العسكري:
أ-تحطيم أسطورة ’’الجيش الذي لا يُقهر‘‘:
استطاعت المقاومة الفلسطينية كسر هذه الأسطورة من خلال تكتيكاتها النوعية وصمودها المستمر رغم التفوق العسكري الإسرائيلي والدعم الدولي الهائل.
هذه المعركة أبرزت أن التفوق العسكري لا يضمن بالضرورة تحقيق الانتصار.
ب-تفوق الإرادة:
أظهرت المقاومة أن الإيمان والإرادة الجادة وعنصر المفاجأة يمكن أن يغيروا موازين القوة. الصمود البطولي لغَزَّةَ أمام آلة الحرب الإسرائيلية أثبت أن دولة الاحتلال عاجزة عن تحقيق حلمها بالتوسع الجغرافي على حساب الشعب الفلسطيني.
3- على المستوى السياسي والدولي:
أ. إعادة القضية الفلسطينية للواجهة
نجحت المقاومة في إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة الدولية بعد أن كانت مهمَّشة. أصبحت القضية محور حديث الساسة الدوليين، مع تجدد الحديث عن ضرورة إيجاد حل عادل.
ب-ضغط شعبي دولي:
أدت مشاهد العدوان الإسرائيلي إلى تحول في وعي الشعوب الأوروبية والأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. مظاهرات التضامن مع غَزَّةَ والدعوات لوقف العدوان ازدادت بشكل ملحوظ، وأصبحت الحكومات الغربية تحت ضغط شعبي متزايد.
ت-تشويه صورة إسرائيل:
الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غَزَّةَ دفعت منظمات حقوق الإنسان لتكثيف الجهود لمحاسبته. قد يشهد المستقبل القريب تصعيداً في الدعاوى القضائية ضد قادة الاحتلال بِتُهَمِ جرائم حرب وإبادة جماعية.
متى تُعتبر المقاومة منتصرة أو مهزومة؟
يمكن القول إن المقاومة حققت انتصاراً إذا تحقق الآتي
1-انسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها:
يعكس هذا الانسحاب عجز الاحتلال عن فرض إرادته العسكرية والسياسية.
2-بقاء البنية التنظيمية للمقاومة:
إذا احتفظت المقاومة بهياكلها التنظيمية ومنظومتها العسكرية واستطاعت التجدد بعد المعركة، فإن ذلك يُعَدُّ نصراً استراتيجياً.
3-إجراء صفقة تبادل أسرى:
نجاح المقاومة في تحرير قيادات مؤثرة من السجون الإسرائيلية سيعزز ثقة الشعب الفلسطيني بها ويعد إنجازًا كبيرًا.
خلاصة الإخفاقات الإسرائيلية:
رغم الدمار الهائل الذي ألحقته إسرائيل بغَزَّةَ بشرياً ومادياً، فإن الحقيقة تبقى أنها فشلت استراتيجياً في تحقيق أهدافها. ومن أبرز الإخفاقات:
1-فشلها في تدمير البُنَى التحتية الحكومية لحركة حماس.
2-عجزها عن استعادة الأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
3-إخفاقها في تهجير سكان غَزَّةَ أو إخضاعهم.
4-فشلها في تحقيق انتصار عسكري واضح.
5-عدم قدرتها على القضاء على المقاومة أو منع سيناريو ’’اليوم التالي‘‘، حيث تستعد المقاومة لاستئناف نشاطها.
الخاتمة:
لقد خرجت إسرائيل من هذه الحرب أكثر توحشاً لكنها في الوقت ذاته أكثر ضعفاً وهشاشة. تداعيات هذه الهزيمة الاستراتيجية قد تتكشف بشكل أكبر في السنوات القادمة، عندما يدرك الإسرائيليون حجم الخسائر التي تكبدتّها دولتهم.
(غَزَّةَ انتصرت)، ليس بصمودها أمام آلة الحرب الإسرائيلية فحسب، بل بإبقاء جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة وإثبات أنّ الحقوق لا تُنتزع بالقوّة وحدها. ويبقى الحُكم للقارئ للمقارنة بين الإمكانيات المتواضعة للمقاومة وتلك الهائلة لدولة الاحتلال. وكما يقول الله تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّه).

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_ناجي_خليفة_الدّهان_مَنِ_المُنتصر؟_هل_وَقْفُ_إطلاق_النار_في_غَزَّةَ_انتصار_للمقاومة؟_أم_العكس؟

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_ناجي_خليفة_الدّهان_مَنِ_المُنتصر؟_هل_وَقْفُ_إطلاق_النار_في_غَزَّةَ_انتصار_للمقاومة؟_أم_العكس؟