الأحد, ديسمبر 22, 2024
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيسيناريوهات الرد الإيراني على العقوبات الأمريكية

سيناريوهات الرد الإيراني على العقوبات الأمريكية

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_نبيل_العتوم_سيناريوهات_الرد_الإيراني_على_العقوبات_الأمريكية

في الحادي والعشرين من أيار – الشهر الجاري – أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن خارطة طريق جديدة لمواجهة إيران، تضمّنت اثني عشر مطلباً ضمن سبعة محاور أساسية، اشتملت على مُحرماتٍ غير مسبوقة في السياسة الأمريكية تجاه طهران منها:

1-اتخاذ خطوات عملية تقضي بحرمان إيران من برنامج الصواريخ الباليستية.

2-تجريدها من برنامجها النووي الذي تسعى إلى عسكرته.

3-فرض عقوبات على الحرس الثوري الإيراني، الذراع الضارب لإيران داخلياً وخارجياً، وعلى الكيانات التابعة له.

4-تحجيم المجال الحيوي الإيراني.

5-إجبار طهران على التراجع عن مخططها في بناء إمبراطورية إقليمية عُظمى بحلول 2030م.

6-التوعد باستصدار عقوبات ماليّة قاسية ضد إيران. فهذا الإعلان غير المسبوق يحد من سياسات إيران العدوانية في المنطقة، والخطورة فيه تكمن في توقيته حيث أنّه تزامن مع حركة احتجاج قويّة داخل إيران امتدّت من الهوامش والأطراف حتى وصلت مراكز المدن الرئيسة.

هذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة أربكت كلاّ من الجناح المحافظ والجناح الإصلاحي على حد سواء، واعتبروه بمثابة إعلان حرب على النظام والدولة والثورة والشعب.

فخلال الأسابيع القليلة الماضية التي سبقت ’’إعلان بومبيو‘‘ سمعنا كيف هدّد السياسيون الإيرانيون وكبار قادة ’’الحرس الثوري الإيراني‘‘ أمريكا في حال فرضت المزيد من العقوبات على طهران، ففرض العقوبات سيؤدي إلى ردٍ قاسٍ ومؤلم وغير مسبوق ضدَّ مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بعامة، وعلى امتداد تصل دائرته إلى ألف كيلومتر، وهذا ما صرّح به قائد الحرس الثوري الإيراني العميد ’’محمد علي جعفري‘‘ وشاركه التصريح رئيس أركان الجيش الإيراني العميد ’’محمد باقري‘‘ وهذا الأخير اعتبر القطعات البحرية الأمريكية أهدافاً مشروعة لطهران!!

ويبقى السؤال الرئيس والأبرز ما هي سيناريوهات الرد الإيراني ضد أمريكا؟ وضد محور التحالف الذي لم يزل قيد التأسيس؟

لقد رأينا كيف تَسابق قادة إيران إلى انتقاد سياسة واشنطن الجديدة قائلين: إنّ زمن الإملاءات السياسات على دولة بحجم إيران قد ولَّى وبات من التاريخ، هذا ما قاله الرئيس روحاني عقب إعلان بومبيو، ورأينا كيف أنّ وسائل الإعلام أخذت تناقش موضوع العقوبات بسخرية، وتهزأ من المبالغة في حجم العقوبات التي ستفرضها أمريكا، معتبرين أنها: مقامرة بل مقامرة محكوم عليها بالفشل ولن ترغم طهران على التنازل عن حقوقها، ولن تجبرها حتى للجلوس على طاولة المفاوضات!

فقد مضى قرابة أربعين عاماً على معاناة إيران من الحظر التجاري والعقوبات المالية والمصرفية، لكنها لم ولن تُقَدِّم أي تنازل، على الرغم من العُزلة الدولية والإقليمية التي عاشتها طوال تلك المُدَّة.

فما هي أسلحة إيران؟

من خلال متابعتنا للشأن الإيراني ندرك بأنها ستقتصر على:

1-سلاح المناورات، فغالباً ما كانت ترد طهران على خصومها بإجراء المناورات البَرِّيَّة، والجويَّة، والبحريَّة، ذات التسميات المذهبية، بغية شحن الشيعة في الداخل والخارج…

2-يصحبه اختبار لصواريخها، واستعراض لعضلاتها بالقرب من مضيق هرمز للتذكير بقدرتها على إغلاقه وتلغميه متى تشاء، مع عرض لقواربها المفخخة من نوع ’’الكاميكاز‘‘ لتهديد الملاحة، لاسِيَّما ناقلات النفط المتوجهة إلى الأسواق العالمية.

3-تسريع وتيرة البرامج الصاروخية ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في السابق، وقد أعلن عن ذلك مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني العميد ’’حسين سلامي‘‘ إضافة إلى تسريع الحرس الثوري من خلال زيادة أجهزة الطرد المنصوبة حالياً 5440 إلى 20000 جهاز طرد، إلى جانب رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 90 % في وقود السفن والغواصات.

4-الهجوم الألكتروني ضدّ الشركات الأمريكية بخاصّة، واستهداف دول المنطقة الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية بعامّة؛ لاسِيَّما السعودية والإمارات والبحرين، وإسرائيل.

5-ممارسة سياسة الخطف والاحتجاز للأجانب سواء من القادمين لإيران أو حتى في المياه الإقليمية، أو داخل الدول التي تُمَثِّلُ مجالاً حيوياً لإيران مثل العراق ولبنان وأفغانستان … تتهمهم بـ ’’التجسس‘‘ ويتمّ نقلهم إلى طهران بهدف استخدامهم كأوراق للمقايضة مع واشنطن.

6-توظيف مداخل الأزمات الإقليمية، وتطبيق استراتيجية الخطة ’’ب‘‘ كما أُعلَنَ عنها سابقاً رئيسُ مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني في مواجهة الخصوم وهي: توظيف الميليشيات الموازية التي أنشأتها في كلّ من العراق وسورية ولبنان واليمن …

7-استخدام خلاياها النائمة في المنطقة لضرب القوات والقواعد والسفن الأمريكية، وإرسال الطائرات المفخَّخة والمُسَيَّرَة عن بُعْد لتهديد حركة الملاحة في ’’مضيق هرمز وباب المندب‘‘، وزرع الألغام، وإرسال القوارب المفخَّخة، وتوظيف قُدرات حزب الله اللبناني عسكرياً واستخباراتيا في تنفيذ مثل هذه العمليات ومحاولة إشعال جبهة جنوب سورية لتهديد الأمن الإسرائيلي. 

ما مدى قدرة إيران على تنفيذ هذه السيناريوهات؟

هناك رؤية في إيران تدرك تماماً أنه لا مِزاح مع إدارة ترامب، وأنّ أي رد فعلٍ إيراني غير محسوب سوف يعطي واشنطن مبرراً لتوجيه ضربة مُدمرة لإيران، وبالتالي فعليها أن تتريث كثيراً قبل أن تقع في ’’فخٍ‘‘ سيقودها إلى حافّة الهاوية. فانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وإعلانها عن خطة عمل لمواجهة إيران، يتزامن مع انسحاب تكتيكي للدول الضامنة للاتفاق النووي؛ لاسِيَّما دول الاتحاد الأوروبي خشية وقوعهم في مواجهة مع واشنطن، الأمر الذي يُشَكِّلُ عاملاً إضافياً في إضعاف قدرة إيران على تبني أيّ خيار تصعيدي ضد واشنطن أو إسرائيل، لذلك فمن الأسلم لها أن تبتعد عن المواجهة المباشرة، والخيار الأمثل هو استهداف أمن دول مجلس التعاون الخليجي، لاسِيَّما السعودية والبحرين والإمارات، عن طريق تحريك الخلايا النائمة، أو جيشها الألكتروني، وبذلك تُوَجِّهُ رسالة لواشنطن. لكن ما هو رد فعل إدارة ترامب على ذلك، هل ستقف إلى جانب حلفائها وترد؟ أم ستكتفي بمراقبة المشهد عن بعد؟

والذي يُرجّح استبعاد وقوع مواجهة مباشرة مع واشنطن هو ما نشهده من تراجع كبير في وتيرة التهديدات ضدها، لاعتبارات كثيرة عسكرية واستراتيجية وسياسية، فاصطلاحات الثأر والانتقام باتت معدومة أو شبه مُغيَّبة في قاموس التصريحات الإيرانية، وهذا له مغزاه ودلالاته خصوصاً في هذا التوقيت بالذات. فعلى أية حال، لن يُقْدِمَ ’’الحرس الثوري الإيراني‘‘ على مغامرة غير محسوبة، من دون موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي، وهو أجبن من أن يواجه أمريكا بشكل مباشر، لأنه يدرك تماماً مخاطر التصعيد على نظامه المتآكل أصلاً، والآيل للسقوط.

بل إن إيران أفصحت مؤخراً عن ذلك بقولها: إنّه من غير المحتمل أن تتخذ خطوات مباشرة وغير محسوبة رداً على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وفرضها المزيد من العقوبات أحادية الجانب. وذلك لإدراكها بأن إدارة ترامب لن تتهاون في الردّ على أي عمل عدواني ضدّ المصالح الأمريكية في المنطقة.    

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_نبيل_العتوم_سيناريوهات_الرد_الإيراني_على_العقوبات_الأمريكية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات