السبت, ديسمبر 21, 2024
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفالثورة السورية أولويَّات وحقائق

الثورة السورية أولويَّات وحقائق

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_عبد_العزيز_الحاج_مصطفى_الثورة_السورية_أولويَّات_وحقائق

كثيرة هي الثورات التي شاهدها العصر الحديث في العالم، وكثيرا هي الانتصارات والانكسارات التي شاهدتها تلك الثورات، وكثيرا هي الثورات التي وُئِدَتْ قبل أن تُوُلَدْ فعفى عليها الزمان، ولم تُذْكَرْ بلسان.

ذلك أن للشعوب خصائص وميزات، ومن أهمها: القدرة على انتزاع الحقوق من مغتصبيها، وعدم الرضوخ لظالميها، والاستعداد للتضحية من أجل حريتها وكرامتها.

والشعب السوري واحد من أولئك الذين يملكون كل هذه الخصائص، ويزيدون عليها بخاصية الإيمان الفطري، الذي ترجح كفته كلَّ ما ذُكِرْ، وبوازع الأصالة التي تجعله أكثر التزاما وقدرة في مواجهة الظالمين من حكامه. ولعل هذا هو الذي شَجَّعَ على قيام الثورة السورية، وعَمِلَ على إدامتها رغم كل ما تواجهه من مخاطر أو تحديات. ومن تلك المخاطر والتحديات التي تسلح بها النظام الطائفي:

أولا- بالجيش والقوات المسلحة، ويُعَدُّ من أكثر جيوش المنطقة عددا، وعتادا، وعُدَّةً. فضلا عن بُنيته، وقد أُرِيْدَ له أن يكون جيشاً طائفياً مُهيَّئاً لخدمة أهدافٍ طائفية بحتة تخلو من القيم الوطنية وتتعارض معها.

ثانيا- الأجهزة الأمنية والتي تَجاوز عددها سبعة عشر جهازاً في سورية. وقد أُنْشِئت لغرض مراقبة الواقع الاجتماعي السوري، ولضبط الحراك فيه. وهي تعمل جاهدةً من أجل بقاء النظام، ومن أجل حفظه، وحفظ رموزه، وحفظ مصالحه وسياساته.

ثالثا- بالحزب، والمؤسسات الحزبية البعثية والرديفة، وما أكثر تفرعاتها وهي جميعها تُعَدُّ رديفاً سلطوياً مُطوعاً لخدمة النظام، وللدفاع عنه بصرف النظر عن الصح والخطأ، في ممارسات ذلك النظام، وفي سياساته المختلفة والتي تعارضت وتتعارض مع المبادئ الوطنية والقومية، ومع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.

رابعا- بالتحالفات السياسية التي بَرَعَ النظام في عَقْدِهَا سواء أكانت داخلية أم خارجية. ومنها: تحالفه مع ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية ومع المكوّنات الطائفية العِرْقِيَّة والدينية. (داخلياً) ومع إيران والميليشيات الشيعية في لبنان، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، واليمن (خارجياً)، وحيثما وُجِدَ النَفَسْ الطائفي.

وقوة النظام هذه، تجعلنا ونحن نُلْقِي النظر على الثورة السورية وعلى مسارها الطويل، وقد شارفت على سَنَتِهَا السادسة، نستشعر ما هي عليه من قوة، وقد استطاعت:

أولا- أن تقضي على أسطورة الجيش الذي كان يُعَدُّ بنظر بُنَاتِهِ الجيش الذي لا يُقهر، وتُفككه وتُسقط هيبته.

ثانيا- وأن تُفكك الأجهزة والدوائر الأمنية والاستخباراتية، وأن تُسقط هيبتها، من عين رجل الشارع الذي كان يرتجف خوفاً منها.

ثالثا- وأن تجعل من الحزب وكوادره ومؤسساته بناء مُهَلْهَلاً. وقد التحق أكثر أعضائه بالثورة وراحوا يُكَفِّرُونَ عن ذنوبهم بالأفعال الثورية المُشَرِّفَة.

رابعا- وأن تواجه النظام وتحالفاته. وليس أكثر من تحالفات النظام سِيَّمَا أن الدوائر الصهيونية والاستعمارية بعامة تقف إلى جانبه وتدافع عنه.

والمواقف الدولية من الثورة السورية اليوم تُثْبِتُ صحة ذلك. وبناء على ما تَقَدَّمَ نقول ومن وجهة نظرٍ موضوعية جداً: إن الثورة السورية – وبكل المقاييس – ثورة سورية، وطنية وقومية ودينية .

فهي (وطنية): كونها تَنْشُدُ الخلاص لشعب سورية العظيم، المُبتلى بالنظام الأسدي، الذي حَوَّلَ سورية إلى مزرعة لبيت الأسد حيث يُحتقر فيها الإنسان، ويُذَلُّ ويُستعبد.

وهي (قومية): كونها تَنْشُدُ الخلاص من التجزئة القومية التي فرضتها عليها القوى الاستعمارية الغاشمة مع مطلع القرن العشرين. وتتطلع إلى جامعٍ يجمع أمة العرب على أساسٍ من حاضرها وتاريخها المجيد، وبما يضمن عِزَّها وتقدمها، ومكانتها المرموقة بين الشعوب.

وهي (دينية): كونها تَنْشُدُ الإسلام السَمِحْ، الذي من شأنه أن يؤاخي بين الشعوب، ويزيد من قوتها، في مواجهة نشاز الرؤى الذي بات يُهدد الأمن والسلام، الذي يَنْشُدَهُ الناس جميعاً وفي كل مكان.

إنها والحق يُقال: ثورة مقدسة بصرف النظر عن الاختلالات والممارسسات وهي المُخَلِّصُ المُنْتَظَر من مخاطر كثيرة، قد يكون أهمها:

1-(المخاطر القومية): إذ أن من الأهداف الإيرانية استبدال الهوية العربية بالهوية الإيرانية الفارسية، وذلك بعد القضاء على الثورة السورية، وبعد تحويلها إلى ولاية إيرانية. وحضور الميليشيات الشيعية على الساحة السورية واستبسالها في الدفاع عن النظام يؤيد ذلك.

2-(المخاطر الدينية): والمعروف أن من أهداف دولة ولاية الفقيه الشيعية، القضاء على أهل السُنّة والجماعة. وفرض التشيع بالقوة المسلحة، كما حدث في إيران زمن الشاه إسماعيل الصفوي.

3-(المخاطر الشخصية): إذ أنه في حين تمت، هيمنة الشيعة على سورية فسيكون المواطن السوري مواطنا فاقدا لحقوقه الوطنية والقومية والدينية كالمنبوذين أو الأخدام. أو على أقل تقدير، كالشعوب الإيرانية غير الفارسية مثل العرب والكرد والبلوش، والعالم كله يعرف حجم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.

وهذه المخاطر الثلاث (القومية والدينية والشخصية) هي التي تجعل الثورة حتمية، وتجعلها مقدسة بالرغم مما شابها أو يشوبها الآن من شوائب، وقد كثر دخنها أو دَاخَلَتْهَا الاختلالات، حتى كادت حقائقها أن تعمى على المشاهد الحاذق. كما أن استمرارها يُعَدُّ قدر السوريين بالرغم من عمق الجراح، وكثرة القتل، أن هذا القدر هو الذي سيجعل نصرها حتمياً، مهما طال الزمن وامتد، ومهما كثرت القوى المتألبة ضده. حتى ولو أُضْعِفَت في العدد إلى أضعاف ما هي عليه الآن.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_عبد_العزيز_الحاج_مصطفى_الثورة_السورية_أولويَّات_وحقائق

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات