الإثنين, ديسمبر 23, 2024
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفإسرائيل دولة منبوذة في عيون أصدقائها قبل أعدائها

إسرائيل دولة منبوذة في عيون أصدقائها قبل أعدائها

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_إسرائيل_دولة_منبوذة_في_عيون_أصدقائها_قبل_أعدائها

مجموعة من اليهود المُتعصّبين اغتصبوا فلسطين أَتَوا من كل بقاع الأرض لا يجمعهم لون ولا عِرْق ولا لُغة، تدفعهم خرافة ما أنزل الله بها من سلطان، يدّعون أن فلسطين أرض ميعادهم الموهوم، جاؤوا بدعم من الدول الكبرى المختلفة فيما بينها أو المتحالفة، تجمعهم مصالح مشتركة في شطر العالم العربي وتجزئته إلى دويلات، لها حدود وعلم ونشيد وطني وجوازات سفر وموانئ ومطارات، وحكام لم تختارهم شعوبهم فُرِضُوا عليهم من هذه الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وأَمَدُّوهُم بوسائل القوة ليقيم اليهود دولتهم التي أسموها إسرائيل، وإسرائيل عليه السلام بريء منهم ومن دولتهم. 

نمت هذه الدويلة وترعرعت على عين الغرب والشرق؛ حتى باتت دولة ذات شأن وقوة؛ فعاثت في المنطقة فسادا، وأشعلت حروب وهجّرت شعوب لأكثر من 75 عاماً دون أن يجرؤ أحد في المنطقة على الوقوف في وجهها أو كَفِّ يدها عما ترتكبه من جرائم إلى أن قيض الله مجموعة من الشباب المؤمن من أهل فلسطين ومن غَزَّةَ تحديداً، ’’إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى‘‘ إنهم فتية كتائب القَسَّام؛ الذين هَبُّوا هَبَّةً مُضْرِيَة في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023م بما عُرِفَ بطوفان الأقصى، حيث تمكنت هذه الفئة المؤمنة أن تُمَرِّغَ أنف جيش هذه الدويلة المارقة بِوَحْلِ غَزَّةَ ورِمَالِها، ولتجعل من هذا الجيش أضحوكة وسخرية العالم كله، ولم تجد هذه الدويلة الباغية من طريقةٍ تُعيد لها توازنها وهيبتها إلا بالانقضاض على المدنيين والبنية التحتية ومؤسسات القطاع العام والخاص والمساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات وبيوت الناس ومساكنهم، لأكثر من سبعة أشهر؛ لا تتوقف ليل نهار عن القتل والتدمير وتجويع الناس ومنع الماء والغذاء والدواء عنهم، في عملية إبادة جماعية لا تستثني طفل ولا امرأة ولا شيخ.

لقد ضَجَّ العالم من وحشية هذه الدويلة الباغية حتى باتت هذه الدويلة منبوذة من كل أصدقائها الذين تحملوا لسنين طويلة أوزارها وعنصريتها المَقيتة، فهذه المظاهرات والعصيانات تجوب عواصم العالم؛ وفي مقدمتها جامعات أمريكا والغرب، مُنَدِّدَةً بدولة إسرائيل المتوحشة، وحتى يهود إسرائيل باتوا يكرهون اسم إسرائيل ويخجلون من الانتساب إليها، ويصفونها بالدولة المارقة وهي تشن حرب إبادة جماعية ضد أطفال ونساء وشيوخ أهل غَزَّةَ؛ منذ ما يزيد على مئتي يوم، راح فيها نحو أربعين ألف شهيد ونحو ثمانين ألف مصاب وجريح، وتهديم معظم أبنية غَزَّةَ بما فيها المستشفيات والمدارس والكنائس والجوامع والمؤسسات الدولية العامة والخاصة.

ففي مقال نشر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية للكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي جاء فيه: ’’لقد أوصلت الحرب على قطاع غَزَّةَ مكانة إسرائيل إلى مستوى غير مسبوق من الانحدار، لكنها مع ذلك تُغمض عينيها وعقلها بطريقة صبيانية على أمل أن تتمكن من تجاهل العار بتجاهلها الواقع، دون أن تفعل شيئا لتحسين مكانتها الدولية وكرامتها واستعادة القليل من أَنْفَتِهَا‘‘.

هكذا عَبَّرَ جدعون ليفي عن تصوره لحال إسرائيل بين الأمم، مُشيراً إلى أنه ’’لا يوجد بلد في حاجة مَاسَّة إلى شيء من الإباء والاعتزاز الوطني مثل إسرائيل التي تجعل من الإنجازات البسيطة أحداثاً كبيرة، في تَوقٍ صبياني للاعتراف وهو ما قد يكون مفيداً لولا خسارة شرفها في القضايا المهمة‘‘.

ومن الصعب أن نتصور أي دول أخرى أدت سلوكياتها إلى أن تُجَر إلى لاهاي مرتين في غضون بضعة أسابيع بتهمة الإبادة الجماعية، ولإجراء مداولات حول ما هو احتلال غير قانوني بشكل واضح، ثم تُلقي باللوم على القاضي ’’الملعون‘‘ وعلى معاداة السامية ونفاق العالم وشَرِّهِ، وتتغيب عمداً عن الطعن في الاتهامات الموجهة إليها، وكأنها تقول ’’إذا أغمضنا أعيننا فلن يرونا، إذا تجاهلنا لاهاي فسوف تختفي لاهاي‘‘.

لكن لاهاي تعيش وتتنفس، وكان من المفترض أن تسبب إجراءاتها إحراجاً وعاراً عظيمين لإسرائيل، لأن جلساتها كانت قاطعة وثابتة وجدية فيما يتعلق بتهمة الإبادة الجماعية، بل وأكثر من ذلك فيما يتعلق بالاحتلال، لكن إسرائيل تتجاهل ذلك.

ويضيف الكاتب قائلاً: ’’إسرائيل سوف تغزو رفح، حتى لو كان ذلك يعني المزيد من تراجع مكانتها في عيون العالم، ولن تشارك في مداولات لاهاي بشأن الاحتلال، مما يعني أنها تنازلت عن بقايا كرامتها، فهي لا تهتم بكونها دولة منبوذة ومُهَمَّشة ما دام ذلك لا يؤدي إلى اتخاذ أي إجراءات عملية ضدها، حسب ما جاء في المقال.

ولكن بعيدا عن الجسر الجوي للأسلحة الأمريكية، وحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، وغياب العقوبات حتى الآن، فإن أي بلد، لديه أصل مهم يتمثل في اسمه الجيد، بحسب الكاتب، وقد تنازلت إسرائيل عن ذلك، ربما يأساً من العالم وربما لشعورها أنها تستطيع العيش دون اسمها الجيد، وهذا بالتأكيد ليس من بين العوامل التي تأخذها في الاعتبار قبل وبعد كل حرب، وفقا للكاتب جدعون ليفي‘‘.

المراجع

الجزيرة – 22/2/2024م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_إسرائيل_دولة_منبوذة_في_عيون_أصدقائها_قبل_أعدائها

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات