مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_التنين_والجُثَّة_الفاقدة_للحياة
في محاولةٍ بائسة سعى مجرم الحرب بشار الأسد في زيارته للصين لتسويق نفسه، وبأنه لا يزال يقف على قدميه رغم انتفاضة درعا والسويداء التي عَرَّت حقيقته وكشفت سوءاته، وقد أشاعت رئاسة النظام، أنه وبناء على دعوة رسمية من الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وثَمَّةَ جدول أعمال مكتظ ووفد سياسي واقتصادي ضخم مرافق، بل وسيكون بشار الأسد على زعم رئاسة النظام الضيف المفاجئ خلال حفل افتتاح الألعاب الآسيوية التي ستستضيفها مدينة هانغجو الصينية 23 سبتمبر / أيلول الجاري.
ولم يَفُت أبواق الأسد الإعلامية، سواء داخل سورية أو الأبواق المُطَبِّلَة له في بيروت وطهران وموسكو، التذكير بالعلاقات الطيبة والوثيقة، مثل زيارة وزير خارجية الصين بعد ’’مهزلة الانتخابات السورية‘‘ في يوليو / تموز من عام 2021م. ومنها وقوف ’’التنين‘‘ إلى جانب ’’الأسد‘‘ خلال الزلزال الذي ضرب سورية في فبراير / شباط الماضي، وإرسال مساعدات بنحو 5.9 ملايين من الدولارات، وكذلك استخدام حق النقض ’’الفيتو‘‘ إلى جانب روسيا، عدا الامتناع عن التصويت لقرارات بمجلس الأمن، من شأنها إقصاء الجوعى والمحاصرين عن مخاطر الموت، كان آخرها في يوليو / تموز الماضي، اعتراضاً على تجديد عملية إرسال مساعدات إلى شمال غربي سورية من تركيا لمدة 9 أشهر، بعد انتهاء مفعول هذه الآلية التي تتيح إيصال مساعدات لملايين القاطنين في مناطق تقع خارج سيطرة نظام الأسد.
قُصارَى القول: يُجيد مجرم الحرب بشار الأسد ولا شك لعبة البيع وحُسْن توقيت العرض، ولعل في بيعه مرافئ سورية ونفطها وغازها لموسكو وطهران كلما اهتز كرسي الوراثة ودنا الثوار من إسقاطه وبيعه حتى غذاء السوريين، لكسب ود ’’الحلفاء‘‘ وتحصيل ما يبقيه على قيد السلطة، أمثلة مستمرة وأدلة تدمغه بطابع الخيانة للتاريخ والوطن.
ولأن هبّة الشعب السوري في المناطق المحررة والجنوب الملتهب التي لم تكن من إنجازات حركة تصحيح الأب الوارث أو من نتائج تطوير وتحديث الابن الوريث مطلب جيوسياسي صيني اليوم، لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط، جاءت صفقة البيع وحسن استثمار الرياح التي هَبَّت للأسد.
والصين التي تنتظر حصتها من كعكة خراب سورية وتشريد شعبها، حاولت مراراً تسويق ’’الحرص والسيادة‘‘ عبر مبادرة طرحتها خلال زيارة الوزير وانغ بي عام 2021م وكرسّها عبر اجتماع فيديو ’’عن بُعْد‘‘ مع فيصل المقداد، لتسوية ما تراه صراعاً، ولعبة ’’الشعب يُحدد مصيره ومستقبل بلاده بشكل مستقل‘‘.
ووجدت اليوم الصين الفرصة سانحة، بعد يأس العرب من إصلاح الأسد وتحقيق، ولو جزءاً، من مبادرة خطوة بخطوة، أو ما أطلقه من وُعُودٍ، قبل محاولة تسويقه وحضوره قمة جامعة الدول العربية الأخيرة في السعودية، تماماً كما يرى الأسد، أو يظن، أن طوق النجاة وإطالة حكم سورية سيأتيان عبر بكين.
ولأن الاقتصاد هو وجه السياسة الأقوى، يحاول الطرفان الصيني ونظام دمشق البائس تمرير المرحلة عَبْرَ المصالح المتبادلة، فتزيد الصين حضورها الاقتصادي عبر البوابة السورية، وتزيد ترويج خطتها ’’طرق الحرير الجديدة‘‘ المعروفة اليوم، بمبادرة الحزام والطريق لإقامة بُنَى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا، خاصة أن سورية الأسد انضمت إلى هذا المشروع في يناير / كانون الثاني 2022م وأبدت كل الاستعداد لتقديم المطلوب للحليف الصيني.
في المقابل، يُحقق بشار الأسد بعض المكاسب الاقتصادية المباشرة، عَبْرَ تسويق شُحنات االكبتاغون والمخدرات، وعَبْرَ مِنْحَةٍ من هنا وقَرْضٍ من هناك، ويؤسس لبيع ما تطلبه الصين، من جغرافيا وثروات وحصص إعادة الإعمار، بعد أن يُسوّق استقرار بلاده وأن لديه بدائل، إنْ أشاح العرب بوجههم عن إعادة إنتاجه وتدويره.
إنها حُقْنَة َتسكين أو حَبَّة تخدير لا غير تأتي من بوابة الإعلام لا أكثر، ربما تطيل المكوث على الكرسي لأجل، أو تُسْعِفَ الاقتصاد المُنهار لفترة.
بَيْدَ أن الصين، وبواقع التحركات الأمريكية الأخيرة في سورية، وفي ظِلِّ الانهيار التام للاقتصاد، ليس في مصلحتها، خاصة بعد دخول المنطقة من بوابة مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين، حتى أن تفكر في المقايضة أو تضع تسويق ودعم الأسد في ميزان المقارنة والخسائر، فَتُجازف بعلاقاتها مع الخليج العربي، وتستفز واشنطن بِحَمْلِ جُثة ميت لا حياة فيه، وإن تاجرت بُجثته العفنة أو ناكفت بزيارته لرفع سقف مطلب هنا أو تسويق اتساع نفوذ هناك، فلا فائدة تُرْتَجى من فاقد للحياة وجثته في طريقها إلى التحلل قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
المراجع
العربي الجديد – 20/9/2023م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_التنين_والجُثَّة_الفاقدة_للحياة