الأحد, ديسمبر 22, 2024
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفالنفاق الأمريكي ومذابح غَزَّةَ

النفاق الأمريكي ومذابح غَزَّةَ

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_النفاق_الأمريكي_ومذابح_غَزَّةَ

منذ أن انطلقت معركة ’’طوفان الأقصى‘‘ المُفاجِئَة والشُجَاعَة في السابع من أكتوبر / تشرين الأول من العام المنصرم، والتي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد كيان العدو الصهيوني وقُطعان مستوطنيه .. انكشف أمام العالم نفاق أمريكا وبعض دول الغرب وازدواجية معاييرهم في التعامل مع العرب والمسلمين.

ففي المعركة الأخيرة التي باغتت فيها المقاومة الفلسطينية جيش العدو الصهيوني وتمكنت من قتل وأَسْرِ عشرات الجنود والضباط الصهاينة، عَلَت الأصوات الأمريكية ومن خلفها أصوات بعض دول الغرب تنديداً بما يحدث لبني صهيون.

وعلى مدى سنواتٍ طُوال من الاحتلال الصهيوني الغاشم لأرض فلسطين، كانت أمريكا ودول الغرب يتعاملون مع قتل الفلسطينيين على أنه حق مشروع للصهاينة، في حين يرون رد أصحاب الأرض نوعاً من أنواع الإرهاب.

وفي هذا الموقف تجاوزت أمريكا والغرب حقيقة أن من حق الفلسطينيين مواجهة هذا الاحتلال، وأن ذلك أمر يكفله لهم القانون الدولي والقانون الإنساني، بل أصبح من يتباكى على دولة الاحتلال الصهيوني؛ يُنفق اليوم مليارات الدولارات لتمكين الأوكرانيين من فعل الأمر نفسه أمام الروس، في اختلال فاضح للمعايير الأخلاقية التي تُقام بحسب الطلب.

ويختلف الموقف الأمريكي الغربي بين حرب أوكرانيا وحرب غَزَّةَ، فبينما تصاعدت الدعوات ضد روسيا وجرى تقديم مساعدات مالية وعسكرية لأوكرانيا واستقبال اللاجئين منها لكي تستطيع مواجهة الآلة العسكرية الروسية، تجاهل الغرب تماماً هذا مع غَزَّةَ، بل راح يتسابق في دعم الجيش الصهيوني وحكومته العنصرية بالمال والسلاح والعتاد من جسر جوي وبحري نصبه لإمداد دولة الاحتلال لذبح أهل غَزَّةَ وتدمير كل ما تنبض به الحياة في غَزَّةَ.

وإن بعض الدول الغربية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؛ يريدون بقاء (دولة الاحتلال الصهيوني) في المنطقة رأس حربة لها في مواجهة الدول العربية، وبالتالي الموافقة على تعاملها مع ما يهددها من أخطار .. وأنه رغم الحصار استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية تنفيذ عملية ’’طوفان الأقصى‘‘، وهو ما يؤكد أنه مهما طال أمد الحرب في غَزَّةَ لن تستطيع (دولة الشر الصهيوني) القضاء على حركة المقاومة الفلسطينية، وأن هذا هو الأمر الذي ترغب فيه القوى الغربية، ولذلك تُعارض أي هدنة إنسانية تجري الدعوة إليها من خلال مجلس الأمن.

وبينما يرى الغرب دفاع الأوكرانيين عن أرضهم حقاً مشروعاً، يرى اقتحام المقاومة لمستوطنات العدو الصهيوني عملاً ارهابياً .. متجاهلاً أنه لا يكاد يمر يوم دون أن يقتحم جنود العدو بيتا أو بلدة فلسطينية، فيهدمون المنازل علناً ويعتقلون النساء، بل ويقتلونهن في وضح النهار.

وفي حين تنهمر دموع دول الشر الغربية والأمريكية على مُجندات صهيونيات يخدمن في جيش مُحتل وغاصب، وفي نفس الوقت لا ترى عيناه نساء فلسطين وهُنَّ يُرْكَلن ويُسْحَلْنَ ويُقْتَلْنَ في الشوارع على مرأى ومسمع العالم، كما أنه لا يرى المسجد الأقصى يُقتحم ويُدنَّس ويُنكَّل بالمصلين فيه، دون أن ينطق بكلمة واحدة.

ولعل من يرى سياسة أمريكا اليوم يجد أن ورقة التوت التي كانت تستر عورتها أمام العالم قد سقطت منذ وقوع طوفان الأقصى، عندما هرع بايدن بكل هيبته لزيارة تل أبيب ليواسيها بما حصل، مُتعهداً بدعم الدولة العِبْرِيَّة بصفته صهيونياً، وسيظل وفياً للصهيونية التي ينتمي إليها وينافح عنها، وأنه إن لم تكن هناك دولة صهيونية فإنه سَيُنشئ دولة صهيونية في أرض فلسطين، في حين أعلن وزير خارجيته بلينكن عند هبوطه من الطائرة في تل أبيب أنه جاء بصفته يهودياً وليس وزيراً لخارجية أمريكا، ولم تكتف أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بما قدمت بل راحت أبعد من ذلك، حيث بعثت بأعداد كبيرة من جنودها ليقاتلوا في غَزَّةَ إلى جانب الصهاينة.

والمؤلم حقاً أن هناك أنظمة عربية متواطئة بل أكثر من ذلك فهي داعمة لتدمير غَزَّةَ بذريعة التخلص من ’’حماس‘‘ وهذا الشيء الوحيد الذي صدق به العدو الصهيوني عندما أعلن أن ’’هناك أنظمة عربية تدعم حربه التدميرية على غَزَّةَ‘‘ .. فأمريكا تحتقر أتباعها من العرب والمسلمين وتمنعها من أن تحافظ على ماء وجهها في مواجهة شعوبها، ولم يسمح لتلك الأنظمة التابعة أن تخرج بعد قمة الرياض العربية الإسلامية بموقف مُشرف.

ولكن صمود أبناء غَزَّةَ الأسطوري أسقط ورقة التوت عن هذا العالم المنافق وكل المتشدقين بحقوق الإنسان بشكل خاص، ونرى اليوم من هو الخارج عن كل ما هو إنساني وعقل بشري أن يصدق التمثال الذي يرمز للحرية في أمريكا لكن الحرية بمفهومها لها وجه آخر غير الوجه الطبيعي لها.

كما كشفت غَزَّةَ حقيقة مواقف بعض العرب حُكاماً ومحكومين، وحتى الفلسطينيين من عرب ’’أوسلو‘‘، وكيف أن عباس من مركز أمن رام الله لحماية العدو الصهيوني، مُستعد أن يأتي على ظهر دبابة صهيونية لِحُكْمِ غَزَّةَ كما فعل خونة العراق؛ عندما دخلوا بغداد على ظهر دبابة أمريكية ليحكموا بلاد الرافدين، التي لا ولن تقبل حُكْمَ الخونة والعملاء.

وتفوقت غَزَّةَ أيضاً بصمودها الأسطوري على كل ما هو مستحيل، بل وتفوقت على صمود ’’لينيغراد‘‘ السوفياتية التي كانت مدعومة من الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، ناهيك أنها جزء من دولة عظمى وهي الاتحاد السوفيتي (آنذاك).

وفي وقت يواصل فيه العدو الصهيوني قصف كل ما هو على أرض غَزَّةَ من بشر وحجر وشجر، وتقتل أطفالا ونساء وعائلات بأكملها لاستعادة كرامة أراقتها المقاومة بغتة، فإن النائحين الغربيين والأمريكان لا يلتفتون إلا عندما يريدون تحويل الجناة إلى مجني عليهم.

وصحيح أن معركة ’’طوفان الأقصى‘‘ حملت مكاسب عسكرية وسياسية وخلَّفت شهداء لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، ولكنها في الواقع كانت طوفان هادر أسقط الأقنعة وفضح مكنون النفوس، لا حقوق للإنسان ولا دعم للديمقراطيات ولا حتى حصانة من قتلة الأطفال في سبيل تحقيق الأهداف السياسية.

الجدير ذِكْرُه أنه قُبَيْل السابع من أكتوبر / تشرين الأول، وحرب الإبادة وجرائم الحرب في غَزَّةَ والضفة الغربية المحتلة، راحت بعض الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا في تبعيتها لواشنطن تتعايش مع فكرة أن ’’التطبيع‘‘ بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني بديل عن ’’العملية السلمية‘‘، بل إن علاقتها الذيلية بواشنطن جعلتها تقرأ بداية التاريخ من صباح السبت السابع من أكتوبر / تشرين أول، وليس لتراكمات 75 عاماً من القهر والاحتلال ونشوء دولة الفصل العنصري، التي تأسست على أساطير وخرافات المذابح المرتكبة على أرض فلسطين، وصولاً إلى ذروة الإبادة وجرائم ضد الإنسانية في التهجير عام النكبة 1948م.. والخلاصة، هي سقوط الأقنعة وانكشاف الحقائق، ووضوح النفاق العالمي الذي لا يبالي بشلالات الدم الفلسطينية التي تفجرها دولة الاحتلال الصهيونية، من أشلاء الفلسطينيين أطفالاً ونساء ومدنيين وأطباء ومسعفين وإعلاميين.

وأخيراً تجلى هزالة الموقف الأمريكي وخبثه ونفاقه بأن قام بإلقاء سلال الغذاء من الجو على قطاع غَزَّةَ، في حركة استعراضية جبانة؛ تظهر مدى ضعف أمريكا وخشيتها من اللوبي الصهيوني الذي يحكمها، وهذا أقصى ما يمكن فعله، ورداً على ما ارتكبه الصهاينة من مجازر وحشية بحق الجوعى الذين هرعوا إلى شاحنات الغذاء ليأخذوا ما يسدون به جوعهم وجوع عيالهم، حيث كان الرصاص الصهيوني بانتظارهم، يحصد المئات من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال في مجزرتين بشعتين متتاليتين ستظلان وصمة عار في جبين الإنسانية والمجتمع الدولي، وعار يلبس تمثال الحرية في نيويورك.

المراجع

سبأ نت – 4/3/2024م.  

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_النفاق_الأمريكي_ومذابح_غَزَّةَ

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_النفاق_الأمريكي_ومذابح_غَزَّةَ

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات