مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_بلينكن_وسيط_مأجور_وغير_نزيه
لم يستحِ بلينكن وزير الخارجيَّة الأمريكية في زيارته الأولى للكيان الصهيوني بعد طوفان الأقصى أن يقول لوكالات الأنباء ومحطات التلفزة العالمية بعد أن وَطِئَت قدماه مطار تل أبيب: ’’إنني أزور إسرائيل بصفتي يهودي صهيوني‘‘ ودموعه تتوقف في مآقيه حُزناً على ما أصاب عزوته وأحبابه وأهله، وتكررت زياراته إلى إسرائيل لِيُناقش قادتها فيما ينبغي القيام به لإيقاف حرب الإبادة المتواصلة ليل نهار، التي يشنّها التحالف الصهيو – أمريكي على الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّةَ منذ أكثر من ثمانية أشهر، والتي ارتفع عدد ضحاياها من المدنيين الفلسطينيين بين زيارة الوزير الأولى قبل ثمانية أشهر وزيارته الأخيرة؛ إلى 40 ألف قتيل وجَرْحِ وإصابة أكثر من 80 ألف، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وقد تحوّل فيها قطاع غَزَّةَ إلى كتلة من الدمار، لا تصلح للحياة، تنبعث منها رائحة الموت والألم والمعاناة وتعشّش فيها أشباح الرعب وخيالات المغدورين.
لم يأتِ بلينكن في زيارته الأخيرة للكيان الصهيوني ليبشِّر النازحين الفلسطينيين الذين تطاردهم حرب الإبادة من بيت إلى بيت، ومن شارع إلى شارع، ومن مأوى إلى مأوى؛ بأن الإدارة الأمريكية ستضع حداً لهذه الإبادة وتعلن وقف إطلاق النار.
جاء بلينكن من جديد لِيُعيد سرد الأكاذيب، ولِيُذكِّرَ دول المنطقة بالدم اليهودي الذي أراقته المقاومة الفلسطينية في ’’طوفان الأقصى‘‘، وليعلن من جديد، أن حرب الإبادة الجماعية ستستمر في قطاع غَزَّةَ حتى تُحقق أهدافها القائمة على الوهم والخيال.
بأي وجهٍ جاء بلينكن متبختراً فوق حبال الموت التي تَلفّ سُكّان قطاع غَزَّةَ؛ لِيُعيد سرد الأكاذيب، ولِيُذكّر دولَ المنطقة بالدم اليهودي (المقدس) الذي أراقته المقاومة الفلسطينية في ’’طوفان الأقصى‘‘ في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي، وليعلن من جديد، رَغْمِاً عن الجميع، أنّ حرب الإبادة الجماعية مستمرة حتى تحقق أهدافها، الظاهرة منها والباطنة.
لا أدري بأي وجه يأتي الوزير بلينكن! وهو يُمَثِّل الدولة المسؤولة مسؤولية مباشرة عن هذه الكارثة الإنسانية التي تنام البشرية وتصحو يومياً على جثث قتلاها وأشلائها وصراخها وعويلها، وهو يُمَثِّلُ الدولة التي تزعم أنها تقود العالم وتحمي القيم والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية، وتدافع عن المظلومين والضعفاء والمضطهدين، وتعمل على نشر السلام وتعزيز الاستقرار وتطوير البشرية.
يأتي الوزير بلينكن بكل برودة أعصاب وبَلَادَة؛ وكأنه لا يشاهد يومياً تفاصيل المأساة التي تُخيّم على قطاع غَزَّةَ، مُتلفّحاً برداء العنجهية والاستكبار والقوة والجبروت.
ولا أدري ماذا يفعل في المنطقة بعد أن ضربت دولتُه بكل مناشدات العالم عرضَ الحائط؛ لإيقاف الحرب، وأصمّت آذانها عن سماع كافة المبررات والقرارات والإحالات القانونية والإنسانية التي سيقت لإقناعهم بإيقاف إطلاق النار!
بأي حق يأتي للحديث والتفاوض في الوقت الذي تُواصل دولته حربها الهمجية مع الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غَزَّةَ، التي امتدت جرائمها إلى الموتى في قبورهم، دون أن يرفّ لها جفن أو ترقّ لها عين!
كان حَرِيَّاً بالشعوب والمؤسسات المدنية في العالم وفي مقدمتها الشعوب العربية والإسلامية أن تخرج وتصرخ بشكل عارم في وجه بلينكن؛ لتعبر عن سخطها واستنكارها ورفضها الموقفَ الأمريكي الداعم بشكل مطلق للكيان الصهيوني، وأن ترفع صوتها عالياً في وجهه مطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، إذ لا معنى للحديث عن المساعدات الإنسانية، بينما تواصل حرب الإبادة الصهيو – أمريكية جرائمها ضد الإنسانية.
لقد انتفضت الإدارة الأمريكية ولم تقعد، ومعها عموم الإدارات الغربية للمجزرة الروسية في مدينة ’’بوتشا‘‘ الأوكرانية في أبريل / نيسان 2022م، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين من الأوكرانيين، ونحن نشهد يومياً عشرات المجازر التي تفوق الواحدة منها – في همجيتها وضحاياها – أضعاف ما حدث في بوتشا، ولكن عين الظلم عمياء، وأُذنه صمّاء، لا ترى ولا تسمع إلاَّ ما تُريد وبالطريقة التي تُريد.
بلنيكن حتى وهو وسيط (غير نزيه) بين دولة الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية يُصَوِّبُ سهامه على حماس، مُشيراً إليها أنها هي من يُعرقل الوصول إلى حل لوقف إطلاق النار ووَقْف شلال الدم، نافياً أي عرقلة لعقد الصفقة التي تَقدَّم بها بايدن من قبل إسرائيل الوديعة والضحيَّة، مشيراً إلى أنه على قطر ومصر الضغط على حماس لِتَقبل بخطة بايدن دون إبداء أي رؤى تكون لصالح الفلسطينيين، ودون أية إشارة إلى إسرائيل والضغط عليها لقبول المبادرة، والتي لم نسمع صوتاً صريحاً يعلن عن قبول الخطة من قبل الكيان الصهيوني.
ختاماً:
فإننا على ثقة تامة بأن المقاومة الفلسطينية الباسلة الصامدة تُعرفُ بصبرها وأنَّاتها وحنكتها كيف تفاوض، كما كان حالها في مقاومتها، كيف كانت تنصب الكمائن للعدو الصهيوني، وتكيل له الضربات المؤلمة والمُوجِعَة، وتجعل من الجيش الصهيوني أُضْحُوكَة العالم وسخريته على مدار ثمانية أشهر.
المراجع
الجزيرة – 13/6/2024م – 9/1/2024م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_بلينكن_وسيط_مأجور_وغير_نزيه