الأحد, ديسمبر 22, 2024
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفغَزَّةَ تنأى بنفسها عن مومس يتحدث عن الطُّهْرِ والعفاف

غَزَّةَ تنأى بنفسها عن مومس يتحدث عن الطُّهْرِ والعفاف

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_غَزَّةَ_تنأى_بنفسها_عن_مومس_يتحدث_عن_الطُّهْرِ_والعفاف

سفّاح سورية المجرم بشار الأسد يتحدث في مؤتمر القمة العربية الإسلامية عن غَزَّةَ وما يقوم به اليهود من فظائع بحق أهلها، متناسيا ما قام به من جرائم بحق الشعب السوري على مدار اثني عشر عاماً ولا يزال يقتل ويُهَجِّرُ ويعتقل ويسجن ويُجوّع، ظناً منه أن هؤلاء القادة والرؤساء قد غفروا له أو نسوا كل هذه البوائق، وقد فعل كل ذلك دون أي رادع من أخلاق أو ضمير أو إنسانية، فقد جاء في كلمته قوله:

لم تكن يوماً قضية فلسطين هي القضية وغَزَّةَ تجسيد لجوهرها وتعبير صارخ عن معاناة شعبها.

والحديث عنها بشكل منفرد يُضيّع البوصلة، فهي جزء من كل وهي محطة في سياق، والعدوان الأخير عليها هو مجرد حَدَث في سياق طويل يعود إلى خمسة وسبعين عاماً من الإجرام الصهيوني، مع اثنين وثلاثين عاماً من سلام فاشل، نتيجته الوحيدة المُطْلَقَة غير القابلة للنقض أو التفنيد هي أن الكيان ازداد عدوانية والوضع الفلسطيني ازداد ظُلماً وقهراً وبؤساً.

إسرائيل تمارس الهمجية ضد المدنيين في فلسطين، والوضع الفلسطيني ازداد ظُلماً وقهراً، ونُحذّر من خطر الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غَزَّةَ، والوضع الفلسطيني ازداد ظُلماً وقهراً وبؤسا بسبب العدوان الإسرائيلي، والعدوان الأخير على غَزَّةَ يعود إلى 75 عاما من العدوان الصهيوني.

نعود إلى الوراء قليلاً قبل أقل من عامين عندما ألقى السفير السعودي السابق لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي خطابه الشهير في الجمعية العامة بعنوان ’’لا تصدقوهم‘‘، مستهدفا رواية النظام السوري المجرم وزعيمه السفاح الذي يقف فوق هرم من جماجم الأبرياء.

وعلى مدى السنوات الماضية كانت الكثير من الدول العربية قد انخرطت سياسياً في الملف السوري، سياسياً بدعمها أطراف المعارضة، وعسكريا بالدعم الذي قدمته لفصائل مسلحة على الأرض، وحتى أنها أكدت على مطلب ’’رحيل الأسد عاجلاً وآجلاً‘‘.

لكنها مع عظيم الأسف سحبت يدها وبالتدريج شيئاً فشيئاً، إلى أن وصلت إلى نقطة التواصل وإعادة العلاقات.

ورغم أن العناوين الرئيسة لخطوة كهذه، يُقال إنها تستهدف ’’حلاً سياسياً‘‘، يرى مراقبون الصورة مغايرة لذلك، وأن التحركات الخاصة بالمجرم بشار الأسد هدفها الأول ’’ملف الكبتاغون‘‘، مع السعي لإعادة تعويمه بعدما ’’ربح الحرب‘‘، بحسب وجهة نظر بعض الدول العربية التي عميت بصيرتها.

ويشير بعض المراقبون إلى أن المشهد والصورة التي ستخرج للأسد من داخل قاعة اجتماعات القمة ستكون ’’رمزية ومخزية‘‘ وأنها ستعطي نصراً معنوياً لقاتل شعبه.

ويشير المشهد الخاص بالنظام المجرم بأن مشاركة الأسد زعيم مافيا القتل والتشبيح تُشكّل انتصاراً للنظام المجرم، بعد سنوات من القتل والسجن والتهجير والتدمير والتخريب وبيع البلاد للمستعمر الروسي والمستعمر الإيراني، بينما اعتبر وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، أن ما يحصل هو بمثابة ’’عودة الحبيب إلى حبيبته‘‘، حسب ما صرّح لوسيلة إعلام روسية، الخميس الماضي.

في المقابل، وبينما يخفت ذكر جرائم الحرب ضد الإنسانية المرتبطة بالأسد على لسان المسؤولين العرب، فهم يواصلون التأكيد على أن إعادة سورية للجامعة العربية وحضور الأسد للقمة، يستهدف حلاً سياسياً للأزمة في البلاد في هذا الحل الشعب السوري وهو الطرف الأصيل، الذي دفع الثمن من دماء أبنائه الذين تجاوزوا أكثر من مليون شهيد ونصف الشعب السوري هُجِّروا أو نزحوا من مدنهم وبلدانهم وقراهم، إضافة إلى تدمير عشرات المدن والبلدات والقرى.

كما تهدف الخطوات العربية إلى إيجاد حلول لـ ’’عودة اللاجئين‘‘، ووقف عمليات تهريب المخدرات وحبوب ’’الكبتاغون‘‘، وهو الملف الذي اعتبرته وسائل إعلام غربية سابقا على أنه ’’ورقة ابتزاز استخدمها الأسد‘‘، ليحظى بالمقعد.

وحتى الآن لا تزال العديد من الدول تؤكد على أن ’’الحل السياسي في سورية يجب أن يكون بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254‘‘.

كما ترفض العديد من الدول أي محاولة تطبيع أو إعادة تعويم للأسد، والذي وصفته بـ ’’الديكتاتور الوحشي‘‘ و’’المستبد‘‘، لاعتبارات تتعلق بالجرائم التي ارتكبها على مدى السنوات الـ 12 الماضية من الثورة السورية.

ويرى بعض الناشطين السياسيين أن الصورة التي ستخرج للأسد من اجتماعات القمة فيها رسالة للسوريين، لأنهم افترضوا أن قواعد النظام والقانون الدولي تُشَكِّلُ قَدَرَاً بالنسبة لهم وأن هذا الأمر غير صحيح.

ويتساءل هؤلاء الناشطون: لماذا الآن إذا سألنا العرب ما رأيكم ولماذا اجتمعتم مع الأسد بعدما دعمتم الثورة؟ سيكون الجواب: إنكم خسرتم المعركة ونحن سنصنع الحاضر، وأساس الاعتراف في القانون الدولي هو من يسيطر على الأرض، حسب حجتهم.

لكن فعليا؛ لا يسيطر نظام الأسد حتى الآن على الأرض، ولا يستطيع إدارة شؤونه ضمن مناطق سيطرته، بينما 65 بالمئة من اقتصاد البلاد خارج إدارته (بِيْعَ للمستعمر الروسي والمستعمر الإيراني)، فضلا عن الوضع في الجنوب السوري، وأن معايير الدول العربية بهيمنة الأسد على الأرض باطلة، ويضاف إليها عدد السكان المُهَجَّرِين قسراً خارج بلادهم.

ووَثَّقَت الكثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية استخدام الأسد للغازات السامة في قتل المدنيين، إضافة إلى قتله آلاف السكان في المعتقلات ومن خلال القصف الجوي والعمليات العسكرية.

وفي حين سَتُشَكِّل مشاركة الأسد في القمة ’’انتصارا معنويا له‘‘، ستلقي بظلال الخيبة والخذلان على الكثير من ذوي الضحايا، وأولئك الذين ينتظرون العدالة والمحاسبة.

وأن حضور الأسد مع الزعماء العرب سيكون مخيبا لآمال السوريين من الحضن العربي، لأن السوريين لم يغادروا الحضن العربي أبدا، بينما الأسد لم ولن يكون في هذا الحضن مهما حاول وتَمَلَّق.

ولن ينتج حضور الأسد للقمة أي حلول، بل سيعطي النظام السوري المجرم هامشا للمناورة في الكثير من المواضيع، وعلى رأسها الكبتاغون وقضية اللاجئين.

كما أن صورة الأسد القاتل المجرم في الأمس سوف لن تجبّها صورة فخامة الرئيس بشار الأسد، في المؤتمر ولو جلس على كرسي أسوة بباقي القادة والرؤساء.

وكل هؤلاء الرؤساء والقادة يتحسسون من مصافحة هذا القاتل المجرم، لأن صورته الدموية وكف يده الذي لا يزال يقطر دما من أبناء سورية، لا تزال ماثلة للعيان ولن تمحوها تداول الأيام.

صحيح أننا الآن أمام لحظة انتكاسة كبيرة في المشهد الأخلاقي العربي، ومن الواضح أن الخطوات الحالية لن تكون لها نتائج عملية على صعيد إعادة الإعمار، وإنما معنوياً للنظام، كونها تمثل خطوة للالتقاط الأنفاس بالنسبة للأسد، الذي لم يُقَدِّم على أية خطوة كَحُسنِ بادرة باتجاه المصالحة والعفو العام وموضوع عودة النازحين وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين، وهذا الأسد السفاح لا يرى اللاجئين على أنهم مواطنين يجب أن يعودوا، ولو كان يريدهم أن يعودوا لما أقدم على تهجيرهم.

ومهما حاولت بعض الدول العربية أن تعيد الحياة إلى النظام فلن تستطيع، لأنه في حقيقة الأمر بات اليوم كالجثة المتفسخة الهامدة التي لا روح فيها، والتي لا تفوح منها سوى رائحة الشرور الكريهة، ولعل الكبتاغون أحد تجلّياتها.

المراجع

– الشرق الأوسط – 12/11/2023م.

– الحرة – 18/5/2023م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_غَزَّةَ_تنأى_بنفسها_عن_مومس_يتحدث_عن_الطُّهْرِ_والعفاف

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_غَزَّةَ_تنأى_بنفسها_عن_مومس_يتحدث_عن_الطُّهْرِ_والعفاف

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات