مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_تاريخية_محمد_فاروق_الإمام_أَدْعُوا_أُمَّةَ_إِقْرَأ_أنْ_تقرأ_قراءة_في_كتاب_اختراع_أرض_إسرائيل
المطلوب من أمة إِقْرَأ أن تقرأ لتتعرف على ألاعيب عدوّها وكيف يخطط ويفكر، وبالتالي التخطيط لمواجهته؛ فالعلم يُواجه بالعلم والعقيدة تواجه بالعقيدة، فهذا الفيلسوف الإسرائيلي ’’شلومو ساند‘‘ ينقض غزل أكاذيب الصهيونية بكل جُرأة ووضوح ويقول: ’’إن على إسرائيل بعد خمس وسبعين عاما من الحرب المستمرة تقريبا، أن تدرك أن محاولة الاستمرار في العيش كدولة يهودية في الشرق الأوسط العربي في ظل نظام فَصْلٍ عنصري واضح، يعيش فيها الناس جنبا إلى جنب ولكن بحقوق مختلفة، هي انتحار‘‘.
كما يرى ’’ساند‘‘ أن أوروبا هي التي تقيأت اليهود على عرب فلسطين، ولهذا السبب يزعجني كثيرا سلوك الأوروبيين.
ويضيف ’’ساند‘‘ مُوَّجِهَاً كلامه إلى الأوروبيين: ’’أنتم مسؤولون عن المآسي الطويلة الأمد، وكنت طوال عمري أستغرب أن الناس الذين يزعمون أنهم انْتُزِعُوا من أرضهم منذ ألفي عام لا يعترفون بحقوق من انْتُزِعُوا من أرضهم قبل خمس وسبعين عاما. ويقول ’’ساند‘‘ إن إسرائيل لا تريد الاعتراف بذلك، رغم أن جميع قادة حماس، مثل يحيى السنوار والشيخ أحمد ياسين يأتون من أرض فلسطين القديمة، من عسقلان وأَشدود التي يعتبرها الصهاينة أرض إسرائيل.
كتاب ’’اختراع أرض إسرائيل‘‘ يُقَدِّمُ من خلاله البروفسور ’’شلومو ساند‘‘، إعادة نظر جذرية في جملة من المُسَلّمَات الصهيونية الصَنميّة الكاذبة، عبر إخضاعها إلى محاكمة تاريخية متأنية وصارمة ومدروسة.
من هو البروفيسور شلومو ساند؟
البروفسور ’’شلومو ساند‘‘ هو أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تل أبيب، تركزت أبحاثه التاريخية حول القومية، والتاريخ الثقافي، وَوُلِدَ ساند في النمسا عام 1946م لأبوين يهوديين، وهاجر مع والديه إلى فلسطين عام 1948م، ثم تَخَرَّجَ من جامعة تل أبيب، ثم أكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في فرنسا.
إن الوقائع التي يُورِدُهَا ’’ساند‘‘ في كتابه ’’اختراع أرض إسرائيل‘‘، شأنها شأن الاستنتاجات التي يتوصل إليها، تُوسّع دائرة الضوء كثيراً حول الأكاذيب والأراجيف التي لجأت الحركة الصهيونية إليها لتدعيم تلك المُسَلّمَات من جهة، ومن جهة أخرى تكون موازية ومُكمِّلة لتبرير مشروعها المتعلق باستعمار فلسطين، وما يترتب عليه من آثار كارثية مُدَمِرّة بالنسبة إلى سكانها الفلسطينيين الأصليين.
ويرى ’’ساند‘‘ أن هدف الحركة الصهيونية من وراء هذه الأكاذيب والأراجيف مجتمعة، هو الاستفادة منها في الحد الأقصى ضمن سياق اختلاق قومية جديدة، وشحنها بغايات استعمار فلسطين، باعتبارها وطن أبناء هذه القومية الجديدة منذ أقدم العصور.
وقد تَمَثَّلَ الهدف الأهم من وراء الترويج لتلك الأكاذيب إقناع اليهود في الدرجة الأولى والمجتمع الدولي، بأن هذا الوطن (فلسطين) يعود إلى الشعب اليهودي وإليه فقط، لا إلى أولئك الفلسطينيين الذين أتوا إليه بطريق الصدفة ولا تاريخ قومياً لهم، وفقاً لمزاعم الحركة الصهيونية.
وبناء على ذلك فإن حروب ذلك الشعب لاحتلال الوطن – فلسطين، وبعد ذلك لـحمايته من كيـد الأعداء المتأصل هي حروب عادلة بالمطلق، أمّا مقاومة السكان المحليين الأصليين الفلسطينيين فإنها إجرامية وإرهابية، وتُسَوِّغُ ما ارتكب ويُرتكب بحقهم من آثام وشُرور مهما تكن فظاعتها.
وبينما انْصَبَّ جُهد ’’ساند‘‘ على تفكيك الأكاذيب والأراجيف المتعلقة بإعادة كتابة الماضي اليهودي، من طرف كُتّابٍ خبراء في تلفيق الأكاذيب، وقد عكفوا على تجميع شظايا ذاكرة يهودية، واستعانوا بخيالهم كي يُوجدوا شجرة أنساب متسلسلة لـلشعب اليهودي، فإن جُهد ’’ساند‘‘ في كتابه ’’اختراع أرض إسرائيل‘‘ انْصَبَّ في تفنيد أكاذيبهم التي تم اختراع اسم لها هو ’’أرض إسرائيل‘‘، في سبيل إثبات تلك الصلة، وجرى استخدامه كأداة توجيه ورافعة للتَخيُل الجغرافي للاستيطان الصهيوني منذ أن بدأ قبل أكثر من مئة عام.
وفي سياق ذلك يُقَوِّض الكتاب أسطورة كون أرض إسرائيل الوطن التاريخي للشعب اليهودي، ويُثبت أن الحركة الصهيونية هي التي سرقت مصطلح أرض إسرائيل وهو ديني في جوهره، وحوَّلته إلى مصطلح جيوسياسي، وبموجبه جعلت تلك الأرض وطن اليهود، وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
ويلفت ’’ساند‘‘ من ضمن أمور أخرى إلى أنَّ أتباع الحركة ’’التطهّرية‘‘ التي انبثقت عن البروتستانتية في بريطانيا – وخلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، كانوا أول من قرأ كتاب (العهد القديم) على أنه كتاب تاريخي، ونظراً إلى كون هؤلاء متعطشون إلى الخلاص، فقد ربطوا بين حركتهم ونهضة ’’شعب إسرائيل‘‘ في أرضه.
ويُشدّد ’’ساند‘‘ على أن هذه الرابطة لم تنشأ نتيجة قلقهم على اليهود الذين كانوا يعانون الأَمَرَّين، وإنما أساساً بدافع الرؤيا القائلة إنه فقط بعد عودة بني إسرائيل إلى صهيون سَيَحِلُّ الخلاص المسيحي على البشرية جمعاء، وعندها سيحظى العالم برؤية عودة يسوع المتجدّدة، وفي ضوء ذلك يؤكد المؤلف أن هؤلاء الذين يُطلق عليهم اسم ’’الصهاينة الجُدد‘‘، لا اليهود، هم الذين اخترعوا أرض إسرائيل كمصطلح جيوسياسي معاصر، وهذا ما دفع ’’ساند‘‘ إلى تأليف كتاب ’’اختراع أرض إسرائيل‘‘.
وفي هذا الإطار يشير ’’ساند‘‘ إلى أن المؤرخ البريطاني المؤيد للصهيونية ’’سيمون شاما‘‘ ادَّعى أن ’’ساند‘‘ فشل في محاولة فصم العلاقة بين أرض الآباء والتجربة اليهودية، فيما كتب نُقاد آخرون أنه كان في نِيَّتِه تقويض الحق التاريخي لليهود في وطنهم القديم: ’’أرض إسرائيل‘‘. وهو يؤكد أنه فُوجِئ كثيراً، إذ إنه لم يُفَكِّر قطّ أن الكتاب يُقَوِّض هذا الحق لعدم وجود اعتقاد لديه على الإطلاق بأن لليهود حقاً تاريخياً في البلاد، ولم يكن يتصوّر أن يكون هناك في مطلع القرن الحادي والعشرين نُقّاد يُبَرِّرُونَ إقامة دولة إسرائيل بواسطة ادعاءات على غرار أنها أرض الآباء، أو من خلال التذرّع بحقوق تاريخية عمرها آلاف السنين.
ويشير ’’ساند‘‘ إلى أنه عندما كان شاباً فإن مصطلح أرض إسرائيل شَكَّلَ جزءاً من قاموسه على الرغم من كونه يَسارياً، وكان واثقاً من أنه مصطلح كهنوتي، وفجأة تَبين له أنه لا توجد أرض إسرائيل في ’’العهد القديم‘‘ بعد أن دقق في مكانتها فيه وفي الأدبيات اليهودية القديمة.
ويقول ’’ساند‘‘: إن كلمة وطن تظهر تسع عشرة مرة في جميع أسفار ’’العهد القديم‘‘ نصفها في ’’سفر التكوين‘‘، لكن هذا المصطلح يتعلق بمسقط الرأس أو المكان الذي يَدُّل على أصل عائلة، لا بإقليم جيوسياسي مثلما كانت الحال لدى اليونان أو الرومان.
ويُشَدِّدُ ’’ساند‘‘ على أن النصوص التوراتية تشير إلى أن الديانة اليهودية – نسبة إلى يهوه – لم تتم في أرض كنعان، وأن نشوء التوحيد حدث خارج أرض الميعاد.
وفيما يتعلق بنشوء مصطلح أرض إسرائيل يقول ’’ساند‘‘: إن اسم البلاد في كتاب ’’العهد القديم كان كنعان‘‘، وفي فترة الهيكل الثاني كان المصطلح الشامل هو أرض يهودا، ومصطلح أرض إسرائيل يظهر في ’’العهد القديم‘‘، لكنه ليس مطابقا لبلاد الوعد الإلهي الذي مُنِحَ إلى إبراهيم.
وأرض إسرائيل كـ اسم ورقعة تظهر في التَّلْمُود بصيغ يُعدّدها في ’’الكتاب القديم‘‘، وفي تقديره فإن المصطلح ظهر بعد أن غَيَّرَ الرومان اسم يهودا إلى سورية – بلسطينا، وعندها بدأوا في التشديد على مصطلح أرض إسرائيل.
لكن وفقا للتَّلْمُود فإن هذه منطقة تمتد جغرافياً من جنوب عكا إلى شمال عسقلان، ويظهر المصطلح كـ فريضة، أي أن أرض إسرائيل التَّلْمُودِيَّة ليست مصطلحاً جيوسياسياً، وإنما هي مصطلح ثيوقراطي يَتطرّق إلى أرض مقدسة تسري على سكانها فرائض خاصة مرتبطة بالبلاد.
ويلفت ’’ساند‘‘ النظر إلى أن قلائل فقط من الناس مستعدون لأن يقرّوا بأن أرض إسرائيل في أسفار ’’الكتاب القديم‘‘ لم تشمل القدس والخليل وبيت لحم، وأن ’’الكتاب القديم‘‘ استخدم الاسم الفرعوني للمنطقة وهو ’’أرض كنعان‘‘.
ولدى بحث ساند في أدبيات ’’المكائيين‘‘ ومخطوطات ’’فيلون السكندري‘‘ وكتب المؤرخ اليهودي ’’يوسيفوس فيلافيوس‘‘ لم يُعثر على أي ذكر لمصطلح أرض إسرائيل ولو مرة واحدة.
إن المساهمة الأساسية لهذا الكتاب المهم كامنة في نبش الماضي وإيضاح صيرورة الحاضر، بواسطة فتح النار على الأساطير الصهيونية الملفقة.
إن خلفية الكاتب هذه توضح لنا إحدى نقاط قوة هذا الكتاب، وهي أن مؤلفها يهودي مختص في الدراسات التاريخية، وبالتالي فهو يمارس عملية السرد التاريخي بالنقد والتحليل، وربط الأحداث التاريخية مع النصوص الدينية، وفي مثل هذه التركيبة ستكون ذات قدرة تعبيرية أكبر، وسيكون لها صدى أوسع في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية في ظل التغييب الكامل للرواية الفلسطينية.
كما تنبع أهمية هذا الكتاب من كونه يُشَكِّلُ انقلاباً على الأساطير التي اختلقتها الصهيونية حول أرض إسرائيل، بوصفها الحق التاريخي التي وعدهم بها الرب، وبذلك يمكن القول إن ’’ساند‘‘ وبالأدلة المستنبطة من كتاب ’’العهد القديم‘‘ يُعِيدُ النظر في عدد كبير من أكاذيب الحركة الصهيونية المتعلقة باختراع أرض إسرائيل وبناء الأساطير حولها عبر إخضاع هذه المُسَلَّمَات إلى ’’المُحاكمة التاريخية الصارمة‘‘.
ويكشف ’’ساند‘‘ بأن هناك مجموعة من الحقائق التي استخدمتها الحركة الصهيونية في سياق تبريرها لاستعمار أرض فلسطين، عبر استخدام الديانة اليهودية بهدف إقناع اليهود بأن أرض فلسطين هي الأرض التي تركها أجدادهم اليهود عُنْوَةً قبل ألفي سَنَة، وبأنَّ لهم الحق في العودة إليها، وتحريرها من الفلسطينيين، وقد احتاجت هذه الحركة العلمانية منذ بداية مشروعها الاستيطاني إلى حِلَّةٍ دينية للعثور على ’’أرض الآباء‘‘، ولحفظ وصيانة الحدود الجغرافية للمشروع الاستعماري.
وبالتالي ينطلق هذا الكتاب من أن الحركة الصهيونية قد استخدمت المصطلح الديني ’’أرض إسرائيل‘‘ الذي ظهر على يد المسيحية، وحوَّلته إلى مصطلح سياسي لا تعرف إلى الآن ما هي حدوده، ولا ما هي تطلعاته المستقبلية.
ويُسْهِبُ ’’ساند‘‘ في هذا الكتاب في شرح ظهور مصطلح أرض إسرائيل عبر التاريخ، وبدايات تَغَلْغُلِه في أوساط اليهود، مروراً باستغلاله من قبل الحركة الصهيونية، وانتهاءً بتحوله إلى مصطلح جيوسياسي يُعَبِّرُ عن مساحة معينة من الأرض تعترف بها الأمم المتحدة.
ويُوَضِّحُ ’’ساند‘‘ أن هذا المصطلح ظَلَّ إلى وقت قريب مصطلحاً دينياً يُعَبِّرُ عن قداسة هذا المكان في عقيدة اليهودي، لكن اليهود لم يسعوا في ذلك الوقت – خلافاً لوثيقة قيام دولة إسرائيل – إلى الهجرة إليه أو السكن بالقرب منه، بل على العكس من ذلك يُبَيِّنُ ’’ساند‘‘ أن اليهود تمسكوا بالمنفى مُكْتَفين بالتَّوقِ إلى الأرض المقدسة، وبذلك أسست الديانة اليهودية هويَّة مؤمنيها على أساس الوعي الذاتي بكونهم شعبا مختارا لا يرتبط بأي أرض محددة.
ويتابع المؤلف تدعيم وجهة نظره بالمعلومات التاريخية بالقول إنه بعد هدم ’’الهيكل‘‘ عام 70 ألغى اليهود فريضة الحج إلى القدس، وحتى بعد سيطرة الرومان على مدينة القدس عام 135 ميلادي وطمسهم معالم المدينة اليهودية وتحولها إلى مدينة مسيحية مقدسة، لم تكن هناك أية محاولات للحج إلى المدينة.
إن هذه المعلومات التي اقتبسها ’’ساند‘‘ من كتبٍ هامة كتبت تاريخ فلسطين في تلك الفترة تُوَضِّحُ أن المخيلة اليهودية لم تكن يوماً تدَّعي ملكية جماعية لهذه الأرض من قبل اليهود، ولا وجوب الحج إليها.
ويتابع ’’ساند‘‘ إيراد الأدلة التوراتية التي تثبت أن اليهود الأوائل كانوا مهاجرين وغرباء كلياً عن البلاد التي أتوا إليها، فموسى نبي اليهودية الأول، وإبراهيم أبو الأمة اليهودية وأبناؤه وأحفاده كانوا من المهاجرين إلى أرض كنعان، ولم يقيموا فيها لفترات طويلة، بل على العكس فَضَّلُوا الانعزال عن السكان المحليين وعدم الاختلاط بهم لأنهم يدينون بالوثنية، وبذلك يكون الكتاب قد استطاع استعراض تاريخ الأدبيات اليهودية على مدار 1700 عام الذي لم يتحدث عن وجوب الحج إلى المدينة المقدسة أو ضرورة الإقامة فيها.
الدلالات التاريخية والمنطقية:
يُسَوِّقُ الكاتب بعد ذلك الدلالات التاريخية والمنطقية لتسلسل الأحداث المتعلقة بنشوء مصطلح أرض إسرائيل خدمة لأهداف استعمارية، أنشأتها حاجة الصهيونية إلى إيجاد مكان يُسهم في تحقيق أهدافها، وبذلك يحاول ’’ساند‘‘ أن يقطع الطريق على من يَدَّعِي بأن هذه الأرض كانت أرض الأجداد، ولليهود الحق في العودة إليها بسبب وجودهم التاريخي قبل ألفي عام. ويستخدم في محاولاته هذه لإقناع القارئ الحجج والبراهين المنطقية وبمنهج علمي، فعلى سبيل المثال يتساءل إن كان من المنطقي تأييد مطالب ’’مفترضة‘‘ للعرب والمسلمين اليوم بالهجرة والاستيطان في شبه الجزيرة الإيبيرية – الإسبانية، بحجة أن أجدادهم العرب المسلمين طُرِدُوا منها إثر محاكم التفتيش في العام 1492م.
ويتابع البروفسور ’’ساند‘‘ قائلاً: إن تشكيل مفهوم القومية الذي ظهر في أوروبا وكان أحد أسباب ظهور الصهيونية التي عملت على خلق الشعور بالقومية اليهودية، واستملاك أرضٍ بهدف وهبها لهذه القومية، وبما أن هذه الأرض لم تكن واضحة المعالم فقد اختلفت الروايات الصهيونية على تَخَيُّل حدودها الإقليمية، فقد امتدت بعضها لتصل إلى مساحات شاسعة من الضفة الشرقية لنهر الأردن (المملكة الأردنية حالياً)، وإلى صيدا في لبنان وإلى مناطق في جنوب الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية. وقد أطلقت الصهيونية اسم أرض إسرائيل على كل تلك المناطق التي شملتها خرائطهم وآمالهم ولم تكتفِ بالحدود التي سيطرت عليها بعد العام 1948م.
لقد نجح المؤلف في أن يُزَوِّدَ وجهة نظره بالأدِّلة والمعلومات المُوَثّقَّةَ المُستنبطة من مصادر علمية مختلفة باللغتين الإنكليزية والعِبْرِيَّة، بما يشمل الكتب والمقالات والصحف اليومية.
تاريخ قرية الشيخ مؤنس:
في نهاية الكتاب يستعرض المؤلف تاريخ قرية ’’الشيخ مؤنس‘‘ التي أصبحت أثراً بَعْدَ عَيْن، بعد أن قامت على أراضيها تل أبيب، التي سعت بدورها إلى طمس كل ما يتعلق بها من آثار، وطالب بتعليق لافتة على مدخل الجامعة تتحدث عن تاريخ القرية التي اختفى أصحابها في المنافي.
إن الهدف الذي يسعى إليه ’’ساند‘‘ من خلال توظيفه قصة قرية الشيخ مؤنس في سياق استعراض الحقائق التاريخية، هو أن يكشف للقارئ عمليات إنتاج الذاكرة، وآلية هندسة الثقافة الحضارية للمجتمع الإسرائيلي في سعيه للقضاء على أية ذاكرة تتعلق بأصحاب هذا المكان الأصليين، وإحلال المجتمع الجديد بمهاجريه على هذا المكان، بما يضمن النفي الكامل للرواية العربية.
وبذلك يكون ’’ساند‘‘ قد غَرَّدَ خارج السرب الذي يسير به كثير من زملائه في قسم التاريخ في جامعة تل أبيب. فالمفترض برأيه أن يكون علماء التاريخ والآثار صادقين فيما يتعلق بمجال معرفتهم، وموضوعيين إلى الحد الذي يدفع بهم إلى الاعتراف على الأقل بما حدث في العام 1948م من قتل وتهجير بحق السكان الأصليين.
بطبيعة الحال يَضيق المجال للإحاطة بكل الوقائع التي يوردها هذا الكتاب فيما يتعلق باختراع أرض إسرائيل.
أخيراً:
علينا الاعتراف – مع التحفظ على بعض ما جاء فيه – أن هذا الكتاب ذا قيمة علمية وتاريخية منطقية مهمة، ويمكن أن يساعد الباحثين في حقل الدراسات اليهودية والتلمودية، إلى جانب دراسة موضوعات هامة في مراحل مفصلية في التاريخ اليهودي، كما يمكن أن يساعد هذا الكتاب الباحثين في مجال دراسات تاريخ القدس وفلسطين عامة.
المراجع
– المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية – 2013م.
– القدس العربي – 19/3/2024م.
– الجزيرة – 23/1/2024م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_تاريخية_محمد_فاروق_الإمام_أَدْعُوا_أُمَّةَ_إِقْرَأ_أنْ_تقرأ_قراءة_في_كتاب_اختراع_أرض_إسرائيل