الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024
spot_img
الرئيسيةUncategorizedالعلاقات التاريخية التي تربط إسرائيل بأمريكا

العلاقات التاريخية التي تربط إسرائيل بأمريكا

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_تاريخية_محمد_فاروق_الإمام_العلاقات_التاريخية_التي_تربط_إسرائيل_بأمريكا

إذا ما كانت بريطانيا هي من سَهَّلَت لليهود أن يقيموا موطناً لهم في فلسطين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي أول دولة تعترف بالكيان الغاصب كدولة مستقلة في 14 مايو / أيار 1948م عندما أصدر الرئيس هاري ترومان بيان اعتراف عَقِبَ إعلان الدولة الإسرائيلية الاستقلال في نفس التاريخ، وتم تأسيس العلاقات الدبلوماسية عندما قَدَّمَ السفير الأمريكي جيمس غروفر ماكدونالد أوراق اعتماده في 28 مارس 1949م.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت الدولة الإسرائيلية ولا تزال، أهم شريك لأمريكا في الشرق الأوسط وجعلت منها رأس حربة في أي مواجهة محتملة لها في الشرق الأوسط، حيث ترتبط الدولتان ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات التاريخية والثقافية، بالإضافة إلى المصالح المشتركة.

لقد ارتكزت العلاقات الثنائية بين الدولتين على أكثر من 3 مليار دولار من التمويل العسكري سنوياً. وبالإضافة إلى الدعم المالي، تشارك الولايات المتحدة الدولة الإسرائيلية في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة، من خلال القوة المشتركة والحوار الاستراتيجي كل ستة أشهر، كما عززت الولايات المتحدة وإسرائيل تعاونهما في مكافحة الإرهاب على حد زعمهما.

وتُعَدُّ الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للدولة الإسرائيلية، وتُعَدُّ أهم خمسة صادرات أمريكية إلى الكيان الصهيوني: الماس الخام، والآلات، والمنتجات الزراعية، والطائرات، والأجهزة البصرية والطبية. لقد كان الاستثمار الأمريكي المباشر في الدولة الإسرائيلية مُوَجَّه في المقام الأول إلى قطاع الصناعات التحويلية، كما هو الحال مع الاستثمار الإسرائيلي في الولايات المتحدة، كما أبرمت الولايات المتحدة والدولة الإسرائيلية اتفاقية تجارة حُرَّة في عام 1985م، وهي بمثابة الأساس لتوسيع التجارة والاستثمار بين البلدين من خلال الحد من الحواجز وتعزيز الشفافية التنظيمية، ومن أجل تسهيل التعاون الاقتصادي، يَعقد البلدان مجموعة اقتصادية مشتركة للتنمية كل عام لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في كلا البلدين والإصلاحات الاقتصادية المحتملة للسنة القادمة.

كما تنسق الولايات المتحدة والدولة الإسرائيلية التبادلات العلمية والثقافية من خلال مؤسسة العلوم الثنائية، والمؤسسة الثنائية للتنمية والبحوث الزراعية، ومؤسسة التعليم الأمريكية الإسرائيلية.

من هنا يمكننا التعرف على أسباب تصرفات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تُعَدُّ غير مسبوقة في الطريقة التي تدعم بها واشنطن هجمات الكيان الصهيوني الوحشية على المدنيين الفلسطينيين في غَزَّةَ والضِفَّة الغربية، إلى درجة رفض الدعوة لوقف إطلاق النار وإشهار الفيتو أمام أي قرار أممي يطلب من إسرائيل وقف إطلاق النار، وهذا يكشف التاريخ الأمريكي أن نهج بايدن لا يختلف جذريا عن السياسة الأمريكية طويلة الأمد تجاه فلسطين وإسرائيل.

كما أظهرت إدارة بايدن تطرفاً في تقديمها الدعم العسكري والدبلوماسي والعاطفي والسياسي والإعلامي، في أعقاب بدء معركة ’’طوفان الأقصى‘‘ يوم 7 أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي، حيث زار بايدن الدولة العِبْرِّيَّة وشارك في أعمال مجلس وزراء الحرب، وكرر دعم إدارته وأن بلاده تقف شريكاً كاملاً إلى جانب إسرائيل في حربها على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة.

وأن نهج بايدن هو تتويج للنهج الأمريكي التقليدي في التعامل مع الدولة الإسرائيلية والفلسطينيين، وهو نهج يتميز باتساقه الملحوظ عبر الإدارات الجمهورية والديمقراطية، وأن عَمَى الحكومات الأمريكية المتعاقبة كونهم وسطاء في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فقد كانت واشنطن عمياء عن التباين الشاسع في القوة بين الطرفين، وقد مارست واشنطن باستمرار ضغوطاً غير متناسبة على الطرف الأضعف (الفلسطينيين)، مع القليل من الضغط المقابل على الطرف الأقوى بكثير (إسرائيل).

جاء تجاهل واشنطن نتيجة ضغوط السياسة الداخلية الأمريكية والعلاقة الخاصة مع إسرائيل، التي لها جذور تاريخية عميقة، تعود إلى وَعْدِ بلفور في 1917م والانتداب البريطاني، وإن اختلف حجم ’’النقطة العمياء‘‘ على مَرِّ السنين ومن إدارة إلى أخرى، إلا أنها تبقى موجودة دائما.

لقد أذعن الرؤساء الأمريكيون بشكل مُطَّرِد لرفض إسرائيل إعادة أي لاجئ فلسطيني من 1948م، وهو ما سمح للرئيس ليندون جونسون – أول رئيس يحافظ على ’’تقارب شخصي مع الدولة اليهودية‘‘ – بإنكار وجود مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مع توسيع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، ومنع الإجراءات التي تعارضها إسرائيل في الأمم المتحدة.

كما كانت واشنطن عمياء عن حقيقة أنَّ تحويل القادة الفلسطينيين إلى ما تَعُدَّهُ هي و’’شركاء سلام مناسبين‘‘ قد أدَّى إلى تآكل شرعيتهم السياسية وتفتيت السياسة الفلسطينية، مما أدَّى تاريخياً إلى ظهور جماعات المقاومة ضد الدولة الإسرائيلية الغاصبة لفلسطين، وعلى رأسها حركة حماس.

وتطور العمى الأمريكي منذ بدء مفاوضات أوسلو في عام 1993م، حيث مالت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى تجاهل، أو التقليل من شأن التفاوت الهائل في القوة بين الجانبين، وتجاهلت واشنطن أن العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست علاقة صراع فحسب، بل علاقة احتلال تسيطر فيه إسرائيل بشكل مباشر على حياة ملايين الفلسطينيين.

ونظراً للروابط الوثيقة بشكل غير عادي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتأثير المُفرط للوبي المؤيد لإسرائيل في الأوساط السياسية الأمريكية، كان من الأسهل والأقل تكلفة من الناحية السياسية بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين التركيز على جوانب؛ مثل: إصلاح السلطة الفلسطينية وتحسين الأمن الإسرائيلي، بدلاً من الضغط على القادة الإسرائيليين بشأن قضايا؛ مثل: المستوطنات الإسرائيلية أو احترام الحقوق الفلسطينية.

وعلى الرغم من الأهمية الرمزية لاتفاقيات أوسلو، فإن النقاط العمياء التي سادت عملية صنع السياسات في إدارات كلينتون وبوش وأوباما على حد سواء، ضمنت أن عملية السلام ستحقق عكس أهدافها المقصودة تماما: تشجيع المتطرفين والمتشددين على كلا الجانبين، وزيادة العنف، وتوسيع الاحتلال الإسرائيلي.

لقد عَزَّزَ الرؤساء الثلاثة اختلال توازن القوى من خلال التركيز – حصرياً – على إصلاح المؤسسات السياسية الفلسطينية، دون معالجة الزيادة الهائلة في عدد المستوطنين الإسرائيليين خلال سنوات أوسلو، واكتفوا بالتنديد ببناء المستوطنات، وادعوا أنهم يدعمون قرار الأمم المتحدة رقم 242، بينما كانوا ’’يثيرون ثقوبا فيه‘‘ من خلال اختراع ثغرات للسماح ’’بالنمو الطبيعي‘‘ للمستوطنات.

وزاد الرؤساء الثلاثة من الضغط على القيادة الفلسطينية للامتثال للمطالب الأمريكية والإسرائيلية، مع التقليل في الوقت نفسه من قيمة هذا الامتثال، وهو ما ساعد على زيادة تآكل شرعية السلطة الفلسطينية، واستبعاد بعض الفصائل الفلسطينية من المفاوضات.

لقد تَمكَن القادة الإسرائيليون من الإبقاء على الاحتلال إلى أجلٍ غير مُسَمَّى، ولم يشعروا بأي ضغوط للتفاوض لتغيير الوضع الراهن في أوقات السّلم، وفي خلال فترات تصاعد العنف، كان القادة الإسرائيليون ’’يفتقرون تماما إلى الإرادة‘‘ للدخول في مفاوضات، كما أن تزويد أمريكا إسرائيل بحوافز اقتصادية وعسكرية وسياسية لا حدود لها تقريبا، لم يجعل قادتها أكثر استعدادا لتقديم تنازلات، بل سمح لهم هذا ’’بتحمل تكاليف الاحتلال‘‘.

ومن ناحية أخرى، واجه القادة الفلسطينيون مشكلة معاكسة؛ فقد سعوا لأكثر من أربعة عقود إلى تحقيق سلام دائم مع إسرائيل على أساس التسوية المتبادلة، لكنهم ’’افتقروا إلى القدرة، سياسياً ومادياً على تحقيق ذلك‘‘، وجاء طوفان الأقصى ليقلب الطاولة على واشنطن وتل أبيب في هجمة للمقاومة الفلسطينية غير متوقعة، فرضت معادلة جديدة؛ أبهرت العالم الذي بات يحترم المقاومة الفلسطينية الباسلة، التي تقف في مواجهة الجيش الإسرائيلي المدجج بالسلاح والعتاد الأمريكي والأوروبي، ولا تزال تقف بكل ثبات وتصميم وإيمان بعد مرور سبعة أشهر من الهجمة الوحشية للجيش الإسرائيلي على أهل غَزَّةَ المدنيين، انتقاما لما تلحقه المقاومة الفلسطينية الباسلة بدباباته ومجنزراته وضباطه وجنوده من قتل وتدمير، وقد عجزت أمريكا وإسرائيل من النيل من هذه المقاومة التي أثارت أحرار العالم؛ وجعلتهم يقفون إلى جانب الحق الفلسطيني، وما المظاهرات والاعتصامات التي تجري في جامعات وساحات وشوارع مدن أمريكا والغرب حالياً إلا دليل على صحوة العالم على الظلم الذي نال الفلسطينيين على مدار خمس وسبعين عاما منذ قيام إسرائيل، وهذه الجماهير اليوم وقد استفاقت من كذب وأباطيل وترهات الدعاية الإسرائيلية تطالب بإصرار على محاسبة إسرائيل على جرائمها وقطع العلاقات معها ووقف دعمها، وجر قادتها الإرهابيين إلى قوس العدالة في ’’لاهاي‘‘ لينالوا نصيبهم العادل جزاء ما اقترفته أيديهم من جرائم بحق الأطفال والنساء والشيوخ في غَزَّةَ، ومن تدمير مدنها وبلداتها وقراها وما ضمَّت من بنية تحتية شملت كل ما له علاقة بحياة الإنسان ووجوده. 

المراجع

– السفارة الأمريكية بتل أبيب.

– الجزيرة – 25/10/2023م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_تاريخية_محمد_فاروق_الإمام_العلاقات_التاريخية_التي_تربط_إسرائيل_بأمريكا

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات