مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(6-24)_حركة_مجلس_القيادة_العسكرية_وفرض_الوحدة_ 14 كانون_الثاني 1958م
حركة مجلس القيادة العسكرية وفرض الوحدة 14 كانون الثاني 1958م
بعد سلسلة من التصفيات في صفوف كبار الضباط، الذين اشتركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في الانقلابات المتعاقبة، أصبح الضباط البعثيون والقوميون، أسياد الموقف في الجيش، وأصحاب الكلمة النافذة فيه.
وفي أثناء ذلك، تكوّن مجلس قيادي لأول مرة، في الجيش السوري، ينطق باسم القوات المسلحة، ويعمل لإقامة الاتحاد بين سورية ومصر.
أصدر المجلس القيادي بياناً في 11 كانون الثاني 1958م، في أعقاب اجتماع مستعجل للضباط، أعضاء المجلس، وتضمَّن موقفاً صريحاً من الوحدة مع مصر، مطالبين بأن تكون كاملة، وفورية، وفي جميع المجالات. وقد وقَّع هذا البيان جميع أعضاء المجلس القيادي، وأُرسلت نسخة منه إلى رئيس الجمهورية شكري القوتلي، وإلى الحكومة السورية التي كان يرأسها صبري العسلي، وإلى الرئيس جمال عبد الناصر.
فجر يوم 14 كانون الثاني 1958م، ركب رئيس الأركان، اللواء عفيف البزري، والعقداء: أحمد عبد الكريم، وعبد الحميد السراج، ومصطفى حمدون، ركبوا الطائرة إلى القاهرة، دون علم القيادة السياسية، مخلفين وراءهم زميلهم في المجلس القيادي، العقيد أمين النفوري، ليقوم بتسليم مذكرة الضباط حول إعلان الوحدة السورية – المصرية، والمتضمنة شكل الوحدة التي يريدونها.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(6-24)_حركة_مجلس_القيادة_العسكرية_وفرض_الوحدة_ 14 كانون_الثاني 1958م
وفي مساء نفس اليوم، بُلِّغَ رئيس الجمهورية بمذكرة ضباط الأركان، لوضعه أمام الأمر الواقع.
ويوم 22 كانون الثاني 1958م، عاد الضباط من القاهرة، بعد أن وقَّعوا مع عبد الناصر، على مشروع الوحدة، التي فرضوها، دون الرجوع إلى رئيس البلاد، أو رئيس الحكومة، أو مناقشتها في البرلمان المنتخب ديمقراطياً.
اجتمع مجلس الوزراء، برئاسة رئيس الجمهورية شكري القوتلي، وبحضور رئيس مجلس النواب أكرم الحوراني، وعفيف البزري رئيس الأركان، ومعاونيه الأربعة: أمين النفوري، وعبد الحميد السراج، وأحمد عبد الكريم، ومصطفى حمدون. وكان حضور هؤلاء الضباط الاجتماع، للضغط على من تسوّل له نفسه من الوزراء، الاعتراض أو عدم الموافقة، على مشروع الوحدة، الذي وقّعوه مع عبد الناصر.
وكما ذهب الضباط إلى مصر يوم 14 كانون الثاني 1958م، دون استشارة الحكومة السورية في ذلك، كذلك أجبر الضباط رئيس الجمهورية والوزارة، على ركوب الطائرة، يوم 31 كانون الثاني 1958م، للتوجه إلى مصر، للإقرار بالوحدة، التي أرادوها، ومبايعة عبد الناصر. وقيام الجمهورية العربية المتحدة.(1)
منذ بداية قيام الجمهورية العربية المتحدة، عمل عبد الناصر على استبدال مراكز القوى المدنية السياسية في سورية بالعسكريين، الذين زاروه في القاهرة، من خلف القيادة السورية السياسية الرسمية، وفبركوا معه قيام وحدة اندماجية فورية، مكافأة لهم، وتمشّياً بما هو جارٍ في مصر، التي جاء الحُكْم فيها عسكرياً، بِحُكْم ثورة الجيش، على النظام الملكي الدستوري.
ثم خطا عبد الناصر الخطوة الثانية، وهي إنهاء دور الأحزاب كلها، سواء من رضي فيها بحل ذاته، أو من بقي يعارض الحل.
وقبلت الأحزاب القومية جميعها الحل، ثمناً لهدف عظيم، وهو قيام الوحدة، وقد تنافست جميعها، في خدمة دولة الوحدة، كأفراد تربط فئات منهم زمالة السنين الطويلة، في خط سياسي أو عقائدي.
ولم يقبل عبد الناصر، أن يكون أعضاء الحزب الواحد، شللاً مترابطة ومتقاربة، بل أرادهم أفراداً، وكأن لم يكن بينهم صلة سابقة، وكان هذا مستحيلاً.(2)
كان عبد الناصر يلح في خُطَبِه، على شجب الأحزاب والحزبيين، فإن قادة الأحزاب السابقين، وهم صناع السياسة السورية إلى فترة ما قبل الوحدة، اعتبروا هذا الشجب تنكراً لهم وتشهيراً بهم، وهم الذين يعتبرون أنفسهم، أنهم ضحوا بمراكزهم ومواقعهم الشعبية، لقاء قيام الوحدة.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(6-24)_حركة_مجلس_القيادة_العسكرية_وفرض_الوحدة_ 14 كانون_الثاني 1958م
ووجد السوريون أنفسهم، يُحْكَمُون من فئة عسكرية، وعناصر أمن أجلاف، لا تُقدّر أي قيمة أو احترام لقانون، أو عُرف، أو عادة، أو قيم، أو تقاليد، وزاد على ذلك كثرة الخبراء المصريين، من أنصاف المتعلمين، في بعض الوزارات، ودوائر الدولة والجيش، مما جعل السوريين، ينظرون إلى ما يجري بكثير من الحيرة والدهشة، وقد أرادها السوريون وحدة وقوة، ترهب الأعداء، وتستعيد الحقوق، وتسير بهم في مدارج الرقي، والتقدم، والمدنية، فوجدوا أنفسهم، كأنهم عبيد وخدم، يعيشون في مستعمرة مصرية!!
إلا أن الحُكْم الشمولي والديكتاتوري، أياً كان صاحبه، ومهما تعاظمت أعماله، واتسعت آفاقه، لا يجد لاستمراريته وسيلة، إلا رجالاً يضعون السيف في غير غِمده، والحكمة في غير موضعها. وعندما تتكون لهؤلاء مصالح سياسية، ومراكز قوة، يتصرفون وكأنهم قدر أبدي، لا بديل له، ولا مثيل.
لقد كان لإلغاء كل ما هو قائم في سورية، من تاريخ ورجال، هدفاً واضحاً، من أهداف عبد الناصر، إلى درجة أن أحد تعليقات إذاعة صوت العرب المصرية، وصف الرئيس السوري شكري القوتلي، وحزب الكتلة الوطنية، ’’بورثة امتيازات الاستعمار الفرنسي في سورية‘‘.أهم الأحداث في عهد الوحدة:(3)
1-الاتحاد مع اليمن.
2-تفجر الأوضاع في لبنان.
3-انقلاب 14 تموز 1958م في العراق.
4-إنشاء الاتحاد القومي (مجالس إدارة محلية).
5-انتخابات الاتحاد القومي.
6-ثورة عبد الوهاب الشواف في الموصل.
7-تعيين المشير عبد الحكيم عامر حاكماً على سورية (الإقليم الشمالي).
8-العداء بين حزب البعث وجمال عبد الناصر.
9-استقالة الوزراء البعثيين من حكومة الوحدة.
10-معركة التوافيق على الحدود السورية – الإسرائيلية.
11-الصراع بين المشير عبد الحكيم عامر وعبد الحميد السراج نائب رئيس الجمهورية.
12-عمليات التسريح وتفريغ الجيش من الضباط السوريين.
13-أوضاع الأسلحة السورية وعمليات نقلها إلى مصر.
14-عمليات الاعتقال والتعذيب وتجاوزات المباحث وبعض الضباط.
15-استقالة السراج ووضعه في الإقامة الجبرية.
انقلاب الانفصال 28 أيلول 1961م:
لقد كانت الوحدة التي أرادها الشعب السوري، مكسباً قومياً ووطنياً، صادمة له، بسبب الحقيقة المرة، التي أرادها دُعاتها، لتكون لهم مَغنماً، فقد أرادوا سلخ سورية عن الوجود، وإبعاد الزعماء الوطنيين عن ميدان العمل السياسي النزيه، والتنكيل بالمواطنين (على الشبهة والاتهام والمظنة)، ووقف عجلة النمو الاقتصادي في البلاد، التي كانت تسابق دول الغرب، ونشوء فئة طفيلية من المتملقين والأزلام.
وكان لا بُدَّ من التصدي والتغيير. ففي الساعات الأولى من فجر يوم 28 أيلول 1961م، طوّق العقيد حيدر الكزبري بقوات (الهجَّانة)، بيت المشير عبد الحكيم عامر، نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة، بينما استولت مجموعة أخرى من الضباط (عبد الكريم النحلاوي، وموفق عصاصة، وزهير عقيل، وفيصل سري الحسيني، ومحمد منصور الأعسر، وعبد الغني دهمان، وفايز الرفاعي، وهشام عبد ربه) على الإذاعة والأركان، والمرافق الحيوية بدمشق.
وكان كل ضباط الانقلاب، من ضباط الصف الثاني في الجيش، والمغمورين غير المعروفين، لأن القيادات العليا في الجيش الأول (الجيش السوري) كان يحتلها ضباط مصريون، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
بهذا نكون أيها الإخوة الأعزاء، قد أتينا على موجز عن الانقلابات التي عصفت بسورية، ولم ينته هذا الأمر عند هذه الانقلابات، فقد كان الانقلاب الذي قادته اللجنة العسكرية، في الثامن من آذار عام 1963، تحت مظلة حزب البعث العربي الاشتراكي، هو أهم هذه الانقلابات، وكان لا بُدَّ من إفراده بحلقة خاصة، تحكي فصول حقبة مفصلية من حياة سورية، ستكون عنوان حلقتنا القادمة إن شاء الله.(4)
المراجع
1-مذكرات خالد العظم – ص (154)، ص (383-384) وليد المعلم – سورية (1918-1958م) التحدي والمواجهة – قبرص – شركة بابل للنشر 1958م.
2-مذكرات العظم – ص (127)، ص (143)، قاسم سلام – البعث، الوطن العربي – ص (225)، تطور الصحافة – جوزيف إلياس – ص (93-94).
3-جريدة العرب اليوم الأردنية – مذكرات أكرم الحوراني الحلقتين: 15-16- 18/8/1997م، جريدة الأهرام المصرية – عدد 17 حزيران 1958م.
4-ص (371-376) الحياة السياسية في سورية – عهد الاستقلال – محمد فاروق الإمام. شهادة عبد الكريم النحلاوي على العصر التي أجراها معه الصحفي أحمد منصور وبثتها قناة الجزيرة اعتباراً من 7 شباط 2010م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(6-24)_حركة_مجلس_القيادة_العسكرية_وفرض_الوحدة_ 14 كانون_الثاني 1958م