الجمعة, ديسمبر 27, 2024
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةسورية بين طغيان نظام سادي وثورة شعب يتوق للحرية (10-24)

سورية بين طغيان نظام سادي وثورة شعب يتوق للحرية (10-24)

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(10-24)

الخلافات تعصف بين القيادات التاريخية المؤسِّسَة لحزب البعث وخيانات بعض المقربين من عفلق:

كان ميشيل عفلق – كما يذكر الحوراني في مذكراته – الحلقة 32 – تاريخ 1 أيلول 1997م – مخالفا لرأي قيادات الحزب المجتمعة في منزله حول الاشتراك في وزارة بشير العظمة، وكان يرى إما استلام الحكم بكامله من قبل حزب البعث أو رفض الاشتراك في الحكومة، ولكن البيطار بتصرف فردي وافق على الاشتراك بالوزارة بشخصية عبد الله عبد الدائم وعبد الحليم قدور. 

لقد شعر ميشيل عفلق بأن صلاح البيطار قد تخلى عنه وبقي وحيداً في سورية فاستدعى فرع العراق بقيادة علي صالح السعدي، وقيادات الفرع في لبنان لعقد المؤتمر الذي سُمِّيَ بالمؤتمر القومي الخامس.

انعقد هذا المؤتمر في مدينة حِمص في بيت المدعو فرحان الأتاسي. (لقد صدر بحقه وحق عبد المعين حاكمي الضابطان في الجيش السوري حُكْماً بالإعدام بتاريخ 20/2/1965م، ونصَّ الحُكْم على مصادرة الأموال النقدية المدفوعة إلى كل منهما مع مصادرة سيارة البيجو التي اشتراها حاكمي من أموال التجسس، وكان حاكمي قد اعترف بأن فرحان الأتاسي اتصل به في شهر آب 1963م، وبدأ العمل بجمع المعلومات عن الأسلحة الروسية التي وصلت إلى الجيش السوري، كما أفاد بأن فرحان الأتاسي قد أُوفِدَ الى الولايات المتحدة لتدريبه على التجسس حيث تعرَّف على المدعو ’’هاري كنت‘‘، وهو من رجال المخابرات الأمريكية وشاهد بعض الأفلام التي تُستخدم للتجسس، وكان على اتصال بالسكرتير الثاني في السفارة الأمريكية في دمشق ’’والتر سنودن‘‘ الذي طلبت الحكومة السورية إخراجه من سورية بعد اكتشاف هذه القضية. بينما نَفَّذ حُكْم الإعدام بالجاسوسين).

ومن الجدير بالذّكر أنه لم يشترك أي قيادي سوري في هذا المؤتمر، مما دعا المؤتمر إلى إصدار قرار بجواز تطعيم القيادة القُطرية في سورية عند تأليفها بأعضاء حزبيين من الأقطار العربية الأخرى، كما صدر عن هذا المؤتمر بيانان ونشرة داخلية والكلمة التي ألقاها عفلق.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(10-24)

وكان مُبرِّر انعقاد هذا المؤتمر كما جاء في بياناته هو إعادة تنظيم الحزب وانتخاب الأمين العام والدعوة لتحقيق الوحدة الاتحادية بين مصر وسورية، والعمل على انسحاب الوزيرين البعثيين من الحُكْم وإسقاطه، وفي حال رفضهما يصدر الحزب بياناً يعلن فيه عدم علاقته بهما.

كما قرر المؤتمر محاسبة القيادة القومية السابقة بسبب ميوعتها وعدم انضباط بعض أعضائها وغموض مواقفها من القضايا الأساسية وانتخاب قيادة قومية جديدة. 

والذي قدرته – والقول لأكرم الحوراني – بعد اطلاعي على بيانات المؤتمر الخامس وقراراته أن هدف عفلق من انعقاده هو حلّ الحزب وتنظيمه من جديد بقيادته، وأن مشروع تحقيق الوحدة الاتحادية الذي ورد في القرارات لم يكن إلا تغطية لغرض هذا المؤتمر ومحاولة منه لإفساح المجال أمام صلاح البيطار للانضواء تحت قيادته، ومما زاد اقتناعي بذلك ما جاء في كلمة ميشيل عفلق وفي البيانين الصادرين عنه من عبارات كانت كافية لاستبعاد أي اتحاد أو اتفاق مع جمال عبد الناصر. فلقد جاء في البيان الأول بشأن الوحدة السابقة مع مصر ما يلي:

(لقد تعرضت الوحدة في أُولى خطواتها لأقسى امتحان يمكن أن تمر به، فقد رافق تطبيقها أخطاء وانحرافات مسَّت جوهر العقيدة القومية وهددت مستقبل الاتجاه القومي التقدمي، وتركت في نفوس الطليعة العربية المؤمنة بالوحدة آثاراً عميقةً من الشك والحذر والخوف المشروع من احتمال تكرر الأخطاء، وبالتالي فشل وانتكاس الوحدة).

(فالوحدة في مفهوم حزبنا هي وحدة شعبية ووحدة قوى شعبية ووحدة نضال شعبي تقوم على أكتاف الشعب وتستند إليه وتستمد منه في مؤسسات ديمقراطية شعبية بعيدة عن أي تسلط بوليسي بعيدة عن أي تسلط أعمى).

(وإننا لا نزال نذكر الأخطاء الفادحة والانحرافات الكبرى التي رافقت تجربة الوحدة وفي مقدمتها تفكيك أجهزة الحُكْم الفردي للقوى الشعبية الثورية من حزبية ونقابية وإقامة الاتحاد القومي بتركيبه المصطنع ومحتواه الفارغ).

كما جاء في النشرة الداخلية لهذا المؤتمر ما يلي:

(إن ما حصل عليه إجماع المؤتمرين يتعلق بالوضع داخل الجمهورية العربية المتحدة، وأن المعلومات المتوفرة لدى جميع الأعضاء المشتركين فسحت لهم مجال تحليل الأخطاء والانحرافات التي برزت في المتحدة، وأبرزها الحُكْم الفردي والأسلوب البوليسي في محاربة المعارضين وانعدام التنظيمات الشعبية، وتفتيت الأحزاب والحركات الشعبية بحجة انتهاء عهد الأحزاب وبدء عهد الاتحاد القومي، ولقد أصاب حزبنا القسم الأوفى من التآمر والمحاربة اللاأخلاقية، ولذلك ارتأى قسم من المؤتمرين عدم طرح شعار الوحدة بين سورية ومصر في الوقت الحاضر وطرح شعار الوحدة الشاملة فقط.  

إن هذا الموقف السلبي هو الاستسلام العملي لفكرة جبروت عبد الناصر وعدم إمكانية مجابهته، ولا يمكن أن نكون منفعلين بعبد الناصر ولا أن نربط فكرة الوحدة به. أي أن معارضي شعار وحدة مصر وسورية يعتبرون أن أي وحدة بين مصر وسورية تعني بشكل حتمي القضاء على التنظيمات الشعبية وعودة الحُكْم الفردي والأسلوب البوليسي والتسلط الإقليمي، هذا الموقف وإن كان يبدو واقعياً في الظاهر ومستنداً إلى تجربة سابقة، إلا أنه في الواقع لم يأخذ من التجربة السابقة سوى الجزء الذي يُعبّر عملياً عن عدم الثقة في حيوية التنظيمات الشعبية وفي إمكانيات الجماهير المنظمة في القضاء على سائر ضروب الحُكْم).

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(10-24)

وهكذا فقد عَبَّر عفلق والمؤتمرون معه عن رأيهم الحقيقي بنظام جمال عبد الناصر وبتجربة الوحدة التي أرادها البعث وصغار ضباطه في غياب السلطتين التشريعية والتنفيذية التي انبثقت عن إرادة حرة واعية.

وضع حزب البعث في سورية والبلاد العربية عند انعقاد مؤتمر الحزب الخامس:

جاء في حديث للسيد شبلي العيسمي – الأمين المساعد للقيادة القومية لحزب البعث العربي – نُشِرَ في مجلة الوطن العربي الصادرة في 24 حزيران 1988م:

’’إن القرار الأول الذي اتخذه المؤتمر الخامس في حِمص هو أن تتولى القيادة القومية في العراق اختيار ثلاثة أو أربعة أشخاص من القُطر السوري لتشكيل قيادة مؤقتة تتولى إعادة تنظيم الحزب‘‘.

ويضيف العيسمي قائلاً: ’’لقد كان عدد الذين انضموا إلى الحزب قليلاً ولكننا أخذنا ننمو رويداً، وكان علي صالح السعدي عضواً في القيادة القطرية وكذلك حمدي عبد المجيد وأنا وحمود الشوفي ووليد طالب. وفي عام 1963م كان عددنا حوالي 400 شخص، وخلال انقلاب 8 آذار قد يكون عددنا زاد قليلا ولكننا كنا ضعفاء‘‘.

ويعلق الحوراني على ما صرح به شبلي العيسمي في مذكراته قائلا: ’’والذي يظهر جليا أن عدد أعضاء بعث ميشيل عفلق وصلاح البيطار لم يتجاوز بعد خمسة عشر عاما عدد أعضاء حزب البعث في مؤتمره التأسيسي عام 1947م والذي كان تلاميذ زكي الأرسوزي من اللوائيين عموده الفقري، وكان هؤلاء قد اندمجوا مع البعث بعد مرض الأرسوزي‘‘.

ويتابع الحوراني في مذكراته قائلاً: ’’كانت الانقسامات عند انعقاد المؤتمر القومي الخامس تعصف بفروع الحزب في الأقطار العربية بسبب سعي جمال عبد الناصر وأجهزته الاستيلاء على الحزب بينما كان المؤمَّل أن يعيد الحزب في سورية اللُّحْمَة إلى فروع الحزب الأخرى لِمَا كان لفرع سورية قبل انفصال البعثيين الذي قرره المؤتمر الخامس من وزن شعبي وسياسي وتأثير كبير عليها‘‘.

الانقسامات في فروع حزب البعث العربية:

لقد كان الحزب في الأردن منقسماً بين جماعة الريماوي وبهجت أبو غربية الموالية لعبد الناصر وبين منيف الرزاز الموالي لميشيل عفلق.

كما كان الحزب منقسماً في العراق بين جماعة فؤاد الركابي الموالي لعبد الناصر وبين جماعة علي صالح السعدي الموالي لميشيل عفلق.

أما فرع لبنان الذي دعاه ميشيل عفلق لحضور المؤتمر القومي الخامس فقد عقد بعد ذلك مؤتمراً قُطرياً بتاريخ 16 أيلول 1962م قرر فيه قطع العلاقة مع ميشيل عفلق وأصدر بيانا نشرته الصحف السورية واللبنانية وقرر المؤتمر القومي المذكور فصل أكرم الحوراني (كما جاء في مذكراته).

نشر غسيل الرفاق البعثيين على صفحات الجرائد الأردنية: يروي الأستاذ المحامي أحمد النجداوي في مقابلة صحفية أجرتها معه جريدة الرأي الأردنية في 13 شباط 1993م قال فيها: ’’أنه أثناء انعقاد مؤتمر الحزب في بيروت عام 1958م حصل خلاف قاده الأستاذ عبد الله الريماوي الذي كان كعادته – والكلام للنجداوي – يحاول السيطرة على القيادة والهيمنة عليها‘‘.

ويتابع النجداوي حديثه قائلاً: ’’أنه قام بالاتصال بالأستاذ بهجت أبو غربية وبالصيدلاني حمدي الساكت، وكانا لاجئين سياسيين في دمشق، كما أرسل رسالة إلى الأستاذ حاكم الفايز وكان عضواً قيادياً في الحزب‘‘.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(10-24)

وكانت اتصالات الأستاذ النجداوي تتمحور حول ما أسماه بمحاولة (انشقاق) الأستاذ الريماوي، وما يتعرض له مؤسس الحزب الأستاذ ميشيل عفلق من تحامل، ويروي الأستاذ النجداوي: ’’أنه وبعد عودته من دمشق فوجئ بقرار حزبي يُجمّد نشاطاته‘‘.. ولم يوضح الأستاذ النجداوي إن كان للأستاذ الريماوي دور في هذا القرار، ويذكر النجداوي ’’أنه بدأ مع مجموعة من الرفاق البعثيين بالتحرك والاتصالات مع رموز قيادية في الحزب ومع قواعد حزبية، وأن هذا التحرك أسفر عن خلق جو داخل الحزب ساهم في تحجيم قيادة الأستاذ عبد الله الريماوي حتى أصبحت غير قادرة على أخذ زمام المبادرة لينتهي الأمر بإقصاء الأستاذ الريماوي عن القيادة وفصل الأستاذ سليمان الحديدي والأستاذ عبد الله الريماوي، والأستاذ بهجت أبو غربية من الحزب‘‘.

لقد استفزّت مقابلة الأستاذ النجداوي مع صحيفة الرأي بعض رفاقه البعثيين السابقين، فقد رد عليه الدكتور فهد الفانك الذي كان عضواً في القيادة القٌطرية للحزب في الأردن ما بين عامي 1963 – 1966م مُنكِراً ونافياً أن يكون الأستاذ النجداوي عضواً قيادياً في الحزب حتى عام 1966م، وجاء نفي الدكتور الفانك من خلال موقعه كعضو قيادة قُطرية يفترض أن يعرف أسماء القياديين في الحزب. ويذهب الفانك إلى أكثر من ذلك فيقول في رده الذي نشره في زاويته اليومية في جريدة الرأي الأردنية الصادرة في 15 شباط 1993م قائلا: ’’إن الأستاذ النجداوي اسْتُبْعِد من الحزب بسبب ما قيل عن انحيازه لمجموعة صلاح جديد التي انقضّت – والكلام للفانك – على القيادة القومية الشرعية للحزب‘‘.

وأرسل الأستاذ بهجت أبو غربية رسالة إلى (الرأي) نشرتها في 15 شباط 1993م يرد فيها على بعض ما ورد على لسان الأستاذ النجداوي في مقابلته مع الرأي في 13 شباط 1993م فيذكر: ’’أنه لم يكن يعرف الأستاذ النجداوي في أواخر الخمسينيات، وأوائل الستينيات، وينفي أن يكون قد التقى الأستاذ النجداوي في دمشق – يُرجح الأستاذ أبو غربية أنه كان في تلك الفترة في السجن في الأردن ولم يكن لاجئاً سياسياً في دمشق، كما ذكر الأستاذ النجداوي – ينفي أبو غربية ما أورده النجداوي من قصة نجاحه مع بعض رفاقه في إيجاد جو داخل الحزب أدى إلى إقصاء الريماوي عن قيادة الحزب‘‘.

ويؤكد الأستاذ أبو غربية: ’’حقيقة ما جرى أنه عندما شارك مع وفد من البعثيين الأردنيين في مؤتمر للحزب انعقد في بيروت في صيف 1959م شعر مع رفاقه أعضاء وفد بعث الأردن أن طروحات القيادة القومية للحزب التي وردت على شكل أفكار وتوجهات من الأستاذ ميشيل عفلق كانت طروحات خطيرة تنذر – إذا ما أقرها المؤتمر – إلى فصم عُرى الوحدة بين سورية ومصر، وأنه لما رأى خطورة هذه الطروحات ألقى بياناً باسم وفد بعث الأردن (38 عضواً من أصل 80 عضواً شاركوا في المؤتمر) حمٌل فيه القيادة القومية مسؤولية السياسة الخطيرة التي تتبناها والتي ستؤدي إلى إجهاض الوحدة السورية المصرية، ثم أعلن الوفد الأردني انسحابه من المؤتمر، وكان يضم أعضاء القيادة القُطرية للحزب في الأردن ما عدا الأستاذ أمين شقير والأستاذ منيف الرزاز بسبب وجودهما في معتقل الجفر في حينه‘‘.

لقد كان للصحف الأردنية الحظ الأوفر في نشر غسيل الخلافات بين الرفاق البعثيين، والانشقاقات التي عصفت بفرع الحزب في الأردن.. ولعلَّ ما كتبه الأستاذ زياد أبو غريبة في صحيفة العرب اليوم حول انشقاقات هذا الحزب عبر حلقاته (انقسامات الأحزاب في الأردن) والتي ضمَّت فيما ضمَّت ثلاث حلقات عن انشقاقات حزب البعث في الأردن، وهي الحلقات (7-8-9) وتواريخ نشرها على التوالي: (1/8/1998م – 3/8/1998م – 4/8/1998م).

أقول لعلَّ هذا النشر للغسيل لن يكون الأخير، فلا بُدَّ من أن نسمع في قابل الأيام ما يكتبه الرفاق بعد استفزازات زياد أبو غربية لهم!!

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(10-24)

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات