الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةسورية بين طغيان نظام سادي وثورة شعب يتوق للحرية (19-24)

سورية بين طغيان نظام سادي وثورة شعب يتوق للحرية (19-24)

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(19-24)_اللجنة_العسكرية_القوة_الخفية_والسلطة_الحقيقية _الفاعلة

اللجنة العسكرية (القوة الخفية والسلطة الحقيقية الفاعلة)

كان معظم أعضاء اللجنة العسكرية ليسوا مع القيادة القومية، ولا مع القيادة القُطرية. وهذا يعني في الحقيقة بأنهم لم يكونوا لا من اليمين ولا من اليسار. وهم في الواقع ليسوا سوى عسكريين، وما يسعون إليه ويبحثون عنه هو السلطة، أولاً في الجيش ومن ثم في الدولة والحزب. فكل الوسائل جيدة لديهم إذا كانت توصل إلى الهدف. وتكتيكهم يتلخَّص في إبعاد خصومهم وحلفاء الطريق مجموعة بعد أخرى، وعدم الدخول في معارك على جبهات متعددة في نفس الوقت. حتى يبقوا ويستمروا (سادة الموقف)، فقد حددوا هدفهم منذ البداية بصورة واضحة: أبغض الناس إليهم والذي يجب إسقاطه، كان وسيبقى جمال عبد الناصر. وعليه فإن أعضاء اللجنة العسكرية في الحقيقة هم حجر عثرة في طريق كل تقارب بين البعث السوري وعبد الناصر. واعتبروا أن كل وحدة مع مصر الناصرية هي طعنة تُوجه لمبادئ الحزب الوحدوية.

وتجدر الإشارة في هذا السياق أيضاً إلى أن أي عضو من أعضاء اللجنة العسكرية لم يشترك في المباحثات الثلاثية المصرية – السورية – العراقية في القاهرة. بل اقتصر عملهم في هذه الناحية على إرسال عسكريين غير بعثيين أمثال: اللواء لؤي الأتاسي واللواء زياد الحريري واللواء فهد الشاعر. أما فيما يخصهم هم، فإنهم حَذرون إلى أبعد حدود الحذر، فقد بقوا قابعين في دمشق، يراقبون أو يقمعون أيَّة حركة معارضة.. عسكرية كانت أو شعبية.

وهُم في حربهم لعبد الناصر، قد استعملوا نفس أسلوبه وتكتيكه. وفي هذا المجال فإنهم كانوا تلامذته الأذكياء. فهم يدركون تمام الإدراك أن من يملك الجيش، يملك في نفس الوقت القوة والسلطة.(1)

منذ نجاح حركة 8 آذار وخلال خمسة أشهر، نجح البعثيون في تصفية وإبعاد خطر كل السياسيين، المدنيين والعسكريين الذين كانت تُوجه إليهم تهمة الانفصال.. ومن ثم الناصريين.. وأخيراً حلفاؤهم من الضباط المستقلين: لؤي الأتاسي وزياد الحريري.

على أثر اندلاع الصراع مع القوى الناصرية وانسحاب ممثليهم في شهر أيار من الحُكْم، أخذ زياد الحريري يدافع عن الرأي الذي يقول بأن العهد الجديد يجب أن يمد يده إلى زعيم حماة أكرم الحوراني.. أو على الأقل إلى أنصاره ومؤيديه للاستفادة من القاعدة الشعبية التي تحيط بالحوراني، خاصة بين فئات الفلاحين. ويظهر أن الحريري كان يُشجع في هذا الاتجاه من قبل اللواء أمين الحافظ وزير الداخلية، فقد كان معروفاً لدى الجميع بتعاطفه مع أكرم الحوراني.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحريري، كان يبدي معارضته لأية فكرة وحدوية، خاصة عسكرية مع حكم البعث العراقي. وهكذا جُرّد حليف الأمس – بعد أن صار بالنسبة للبعث السوري مزعجاً – من جميع مسؤولياته وأُبِعد عن الحُكْم في شهر تموز 1964م في أثناء رحلته إلى الجزائر، كما صفى أنصاره في الجيش.

أما اللواء لؤي الأتاسي، فقد اعترض على تنفيذ أحكام الإعدام الكيفية وعمليات القمع الدموية الواسعة التي استهدفت الناصريين. وعليه فقد أُقيل من منصبه كقائد للجيش وكرئيس للمجلس الوطني لقيادة الثورة. وحلَّ محلّه اللواء أمين الحافظ، الرجل القوي آنذاك – كما صوره أعضاء اللجنة العسكرية – ليلعب دوراً مرسوماً له بدقة وإتقان سواءً أعرف أم لم يعرف.

يُلاحظ بوضوح أن سياسة سورية البعثية أخذت تتطور بصورة سريعة، على الصعيد الداخلي والعربي في ثلاثة اتجاهات:

1-النهج الاشتراكي.

2-الوحدة السورية العراقية.

3-القضية الفلسطينية.

بعد حصول القطيعة بين البعث السوري وبين الناصريين، اتجه نظام البعث في سورية، في نهج اقتصادي -اجتماعي، أطلق عليه اسم (الاشتراكية). وأول المؤشرات لهذا الاتجاه هو نشر الإصلاح الزراعي في حزيران 1963م، والذي بموجبه حددت الملكية بين (15 -40) هكتاراً من الأراضي المرويَّة وبين (80 -100) من الأراضي غير المرويَّة.

لقد تصدرت نشرات وصحف البعث مقالات حول إظهار الفرق بين الخطوات الجذرية (لإصلاحهم الزراعي) وبين الخطوات التي طبَّقت في سورية في عهد الوحدة. في آب من نفس العام كتبت جريدة الحزب أن الاشتراكية، بعد انسحاب عبد الناصر من الوحدة الثلاثية، يجب أن تصبح الهدف الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الوحدة العربية. و(الطريق الاشتراكي) هذا، إنما هو أحسن السبل لإقامة الحواجز في وجه (الديكتاتورية الفردية).(2)

أما بالنسبة للنقطة الثانية فقد أعلن المسؤولون البعثيون في مناسبات عديدة منذ نجاح حركتهم العسكرية في 8 آذار، عن تضامن وتقارب (الثورتين) البعثيتين في دمشق وفي بغداد. وذلك بهدف الوقوف ومجابهة الضغوطات المستمرة للقوى الناصرية على الصعيد الداخلي أو العربي.

بعد انسحاب مصر من ميثاق 17 نيسان، كتبت جريدة الحزب في هذا السياق قائلة: ’’على المسؤولين في سورية أن يسعوا إلى توثيق العلاقات الاقتصادية بين سورية والعراق.. وإزالة كل العقبات التي تقف حجر عثرة أمام قيام وحدة اقتصادية بين البلدين‘‘.(3)

وبالفعل فقد تم في أيلول 1963م، توقيع اتفاقيات ثنائية اقتصادية وثقافية. وبعد مُضي شهر، في تشرين الأول، أعلن عن توحيد القوات العسكرية بين سورية والعراق. وأُنشئ لهذا الغرض (مجلس الدفاع الأعلى) مركزه دمشق، وسُمِّي اللواء صالح مهدي عماش وزير الدفاع في الحكومة العراقية(4)، في منصب القائد الأعلى للجيش الموحد. في تلك الفترة كنت في الجيش وأخضع إلى دورة عسكرية؛ وأُقيم احتفال بتلك المناسبة تغيَّبت عنه مع مجموعة من الزملاء فتم إيقافنا وإيداعنا في السجن بتهمة معارضة قيام وحدة الجيشين السوري والعراقي، والحُكْم علينا بعد تحقيق شكلي بالسجن لمدة 35 يوما، وعوملنا معاملة سيئة جسدية ونفسية.

أما بالنسبة لسياسة البعث السوري تجاه القضية الفلسطينية فقد التزم مع البعث العراقي في شهر أيلول، بأن يُعِدَّ العدة لتحرير فلسطين العربية من الصهيونية وأن يساعد الفلسطينيين لتكوين (جيش التحرير الوطني) – ومن هنا بدأت مأساة الفلسطينيين على يد البعث بعد وضع يده كوصياً على القضية الفلسطينية – على نسق (جيش التحرير الوطني الجزائري).(5)

المراجع

1-ص (96-97) – ص (100) الرزاز – المصدر السابق.

2-جريدة البعث الصادرة يوم 5 آب 1963م.

3-جريدة البعث الصادرة يوم 6 آب 1963م.

4-اغتيل في الكويت سنة 1978م على يد فرق الموت البعثية العراقية.

5-ص (341-349) دندشلي – المصدر السابق.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_سورية_بين_طغيان_نظام_سادي_وثورة_شعب_يتوق_للحرية_(19-24)_اللجنة_العسكرية_القوة_الخفية_والسلطة_الحقيقية _الفاعلة

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات