مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_حرب_الصهاينة_على_مُستشفيات_غَزَّةَ
قبل 23 عاماً أنهت رصاصة حياة الطفل الفلسطيني محمد الدرة (12 عاماً) وهو في حضن أبيه دون أن يتمكن من حمايته ولو بجسده، وجابت صوره شوارع العالم، فانتفضت عدة عواصم عربية وإسلامية وحتى غربية عَبْرَ مظاهرات واعتصامات مُنَدِّدَة بـقتل الجيش الصهيوني طفلاً بريئاً.
وفي 17 أكتوبر / تشرين الأول الجاري، تتكرر الجريمة نفسها، ولكن بِشكلٍ أكثر ترويعاً (500) مدني بينهم أطفال ومرضى وأطباء وممرضون قُتِلُوا في يوم واحد، وبضربة واحدة على المستشفى المعمداني في قطاع غَزَّةَ.
الأطقم الطبية كانت على علم بأن المستشفى سيتم قصفه بعد التحذير الصهيوني بإخلائه قبل استهدافه، لكنهم أصروا على البقاء مع مرضاهم، خاصة وأن الكثير منهم يصعب نقله إلى أي مكان لأن في ذلك خطراً على حياتهم.
ظناً من مسؤولي المستشفى، والنازحين الذين احتموا به، يعتقدون أن الجيش الصهيوني يمكن أن يُقْدِمَ على مثل هذه الجريمة في تَحَدٍ سافر للقوانين الدولية والإنسانية التي تُحَرِّمُ فعل ذلك، خاصة وأن هذا من شأنه أن يكون له تأثير على تماسك الجبهة الغربية الداعمة لحرب الصهاينة على غَزَّةَ.
لكن ما كان مستبعداً وَقَعَ، فالدولة العِبْرِيَّة تعتقد أن لديها ضوءً أمريكياً وغربياً مفتوحاً لارتكاب ما تراه مناسبا لتهجير سكان غَزَّةَ مرغمين أو مجبرين إلى خارج الأرض الأخيرة التي عاشوا فيها بعد نكبة 1948م.
لكن حجم جريمة مستشفى المعمداني كان فوق ما يحتمله الضمير الإنساني، ما سَبَّبَ شرخاً في إجماع التأييد الغربي المُطلق للدولة العِبْرِيَّة، ومن المتوقّع أن يتسع الشرخ للدرجة التي لا تستطيع تل أبيب تجاهله أو حتى تحمله.
العالم تفاجأ قبل إعلان الكيان الصهيوني الحرب رسمياً على قطاع غَزَّةَ، انتشار خطاب هستيري في عدد من الدول الغربية يرفض المساواة بين الصهاينة والفلسطينيين، في تلميح إلى حق الكيان الصهيوني في قتل المدنيين الفلسطينيين دون الصهاينة خلافاً لكل قوانين الحرب أو لمبادئ حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في الحياة.
وتجلى ذلك في تهديد فرنسا بسجن المتظاهرين الداعمين لفلسطين سبع سنوات، وتَوَعَّدَ ألمانيا بطرد الأجانب الداعمين لـحماس من أراضيها.
إلا أنَّ استشهاد (500) فلسطيني في قصف للمستشفى المعمداني، دفع دولاً غربية إلى التراجع خطوة إلى الوراء في تأييدها المطلق للقصف الصهيوني الواسع على قطاع غَزَّةَ.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_حرب_الصهاينة_على_مُستشفيات_غَزَّةَ
إذ أدانت كل من ألمانيا وفرنسا مقتل مئات الفلسطينيين؛ وطالبتا بفتح تحقيق في هذه الجريمة، وانضم إليهما كل من المجلس الأوروبي والاتحاد الأوروبي، بينما تَبنّت واشنطن الرواية الصهيونية بأن الفلسطينيين هم من يقفون وراء قصف مستشفى المعمداني بالخطأ.
لكن الزعماء الأوروبيين لم يدينوا الدولة العِبْرِيَّة صراحة، بل طالبوا بفتح تحقيق في القضية، لذلك من المستبعد أن يفضي أي تحقيق إلى إدانة الجيش الصهيوني ومحاسبته جنائيا على مقتل (500) فلسطيني بضربة واحدة، وهو الأمر ذاته بالنسبة إلى قضية مقتل الطفل محمد الدرة، في 30 سبتمبر / أيلول 2000م.
فالرواية الصهيونية غير متماسكة ويَصعب تصديقها، فَمَرَّةً تتهم حماس بقصف المستشفى بالخطأ، ومرة أخرى تتهم حركة الجهاد الإسلامي، لكنها لا تستطيع أن تنفي طلبها إخلاء المستشفى قبل قصفه، ونفس التحذير وَجَّهَتْهُ لعدة مستشفيات في القطاع، فضلا عن أن قوة التفجير، بحسب خبراء عسكريين، لا يمكن أن تكون للصواريخ الصغيرة ومحدودة الانفجار التي تملكها الحركات الفلسطينية، بل لقنبلة أمريكية الصنع تتباين الآراء بحجمها وقوتها ومفعولها.
وبغض النظر عن نوع القنبلة فإنها بالتأكيد أمريكية الصنع، وتوجد في ترسانة الجيش الصهيوني، وهذا ما يدحض الرواية الصهيونية، بل يضع واشنطن أمام أصابع الاتهام، لسماحها لتل أبيب باستعمال أسلحة بهذا الحجم من الدمار؛ ضد مستشفى مكتظ بالمرضى والمدنيين الذين تجمعوا للاحتماء به.
وخرجت الإدانات الدولية الواسعة الغاضبة عربياً وإسلامياً وأوروبياً وآسيوياً، وحتى من الهند، التي تُعتبر زبونا مُهِمّاً للسلاح الصهيوني، بجانب المظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت في عدة دول عربية وإسلامية والتي من المرتقب أن تتوسع في الأيام والأسابيع المُقبلة إذا طالت الحرب أكثر، ما يُشَكِّلُ ضغطا على الحكومات العربية لاتخاذ مواقف وقرارات أكثر حَزماً لوقف ما يعتبرونه ’’إبادة لشعب غَزَّةَ‘‘ أو محاولة لتهجيره إلى سَيْنَاءَ مصر أو حتى تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن.
فمن المرتقب أن تُشَكِّلَ مجزرة المستشفى المعمداني مُنعطفاً للحرب في غَزَّةَ، إذ من المرتقب أن تتصاعد المظاهرات المنددة للحرب سواء في العواصم العربية والإسلامية وحتى الغربية والعالمية.
وسَيُشَكِّلُ ذلك ضغطا أخلاقياً وإنسانياً على الحكومات الغربية الداعمة للكيان الصهيوني لتعديل موقفها؛ ليكون أقل تطرّفاً وانحيازاً لتل أبيب.
وكانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية قد أعلنت الأحد 12 تشرين الثاني / نوفمبر، خروج مستشفى القدس، الذي تُديره في قطاع غَزَّةَ عن الخدمة، إِثْرَ نفاد الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، ومنذ 3 أيام تفيد التقارير بأن القوات الصهيونية، تكثف من تواجدها في محيط مستشفيات شمال قطاع غَزَّةَ، في وقتٍ أَعْلَنَ فيه وكيل وزارة الصحة في غَزَّةَ، أنَّ إسرائيل دمّرت ’’بالكامل مبنى قسم القلب في مستشفى الشفاء‘‘، وهو المستشفى الأكبر في قطاع غَزَّةَ، وحيث لا يزال عشرات الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى عالقين، بينما تتركز المعارك في محيطه منذ يومين.
وفي يوم الإثنين 13 تشرين الثاني / نوفمبر، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تمركز آليات ودبابات للجيش الإسرائيلي بمحيط مستشفى ’’القدس‘‘ في مدينة غَزَّةَ من جميع الجهات، وسماع أصوات قصف متواصلة، في ظل التحضيرات لإخلاء المستشفى، وقالت الجمعية عبر منصة ’’إكس‘‘: ’’الآليات والدبابات الإسرائيلية تتمركز في محيط مستشفى القدس من جميع الجهات، وسماع أصوات قصف متواصلة في ظل التحضيرات لإخلاء المستشفى بمن فيه من مرضى وجرحى، ومرافقيهم والكوادر الطبية‘‘.
وكانت الجمعية قد أعلنت الأحد 12 تشرين الثاني / نوفمبر، خروج مستشفى القدس، الذي تُديره في قطاع غَزَّةَ عن الخدمة، إِثْرَ نفاد الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، ومنذ 3 أيام تفيد التقارير بأن القوات الإسرائيلية، تُكثّف من تواجدها في محيط مستشفيات شمال قطاع غَزَّةَ، في وقت أَعلن فيه وكيل وزارة الصحة في غَزَّةَ، يوسف أبو الريش أن إسرائيل دمّرت ’’بالكامل مبنى قسم القلب في مستشفى الشفاء‘‘، وهو المستشفى الأكبر في قطاع غَزَّةَ، وحيث لا يزال عشرات الآلاف من النازحين والجرحى والمرضى عالقين، بينما تتركز المعارك في محيطه منذ يومين.
وفي 15 نوفمبر / تشرين الثاني 2023م دخلت الدبابات الصهيونية مُجَمَّع الشفاء أكبر مُنشأة طبية في قطاع غَزَّةَ، واقتحم الجنود المباني المختلفة في المستشفى التي يحتمي بها الآلاف من النازحين إضافة إلى المرضى والكوادر الطبية.
وأمر جنود صهاينة كان بعضهم مُقَنّعَاً وآخرون يطلقون النار في الهواء، الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غَزَّةَ بالاستسلام، بعد اقتحامهم أكبر مستشفيات القطاع.
وأفاد شهود عيان في مُجَمَّع الشفاء بأن القوات الصهيونية لا تزال تتنقل بين الأقسام وتُجري عمليات تفتيش للمرضى والأطباء والكوادر العاملة والنازحين، وأن الجيش الصهيوني اعتقل عدداً من الشبان النازحين وقام بتعريتهم وإجراء تحقيق عنيف معهم، ثم قام بتفجير أجزاء من أحد مباني المجمع.
وكان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى داخل أروقة المستشفى وهم يقومون بعمليات البحث.
وتعالت أصوات بكاء نساء والأطفال في الأقسام المختلفة. ودارت في محيط مستشفى الشفاء منذ أيام معارك عنيفة ترافقت مع قصف صهيوني كثيف.
وتتهم سلطات الكيان الصهيوني حماس؛ والتي تصنفها الولايات المتحدة والدولة العِبْرِيَّة والاتحاد الاوروبي ’’منظمة ارهابية‘‘، باستخدام المستشفيات، وبينها الشفاء، لشن هجمات أو الاختباء واستخدام المدنيين ’’دروعا بشرية‘‘، الأمر الذي تنفيه الحركة وتُصَدِّقه الوقائع.
ورغم قصف الجيش الصهيوني مراراً، للمستشفيات في قطاع غَزَّةَ منذ بدء الحرب هناك، والتي دخلت شهرها الثاني، إلا أن القوات الصهيونية، لاتزال تمعن في هذا القصف، في ظل حقيقة أن الجانب الأكبر من المستشفيات في القطاع قد تم تدميره، أو خَرَجَ عن الخدمة، وقد حَذّرَت منظمات دولية، من أن الوضع الكارثي للمستشفيات، التي تَئِنُّ تحت استمرار القصف الصهيوني، يُنذر بتحولها إلى ’’مشرحة‘‘، في وقت ينفي فيه الجيش الصهيوني من جانبه، استهداف المستشفيات، ويكرر اتهامه لحماس باستخدامها كمقرات لها ولقيادتها.
المراجع
– وكالة الأناضول – 19/10/2023م.
– بي بي سي – 15/11/2023م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_حرب_الصهاينة_على_مُستشفيات_غَزَّةَ