مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_تتحقق_العدالة_للفلسطنيين_بعد_75_سنة_من_المظالم
في سابقةٍ هي الأولى من نوعها تقف الدولة العِبْرِيَّة بِصَغَارٍ واحتقار أمام نظر المجتمع الدولي؛ الذي يَنظر إليها اليوم باستصغارٍ وهَوَان، تقف هذه الدولة المغتصبة لفلسطين في قفص العدالة، تحت قوس محكمة العدل الدولية، طالما ظلت هذه الدويلة اللقيطة لأكثر من 75 سنة عَصِيَّة على المجتمع الدولي؛ برعاية وحماية الدول العظمى (روسيا، وأمريكا، وبريطانيا، وفرنسا) التي أنشأتها وأقامتها وأسست بناءها وقواعدها على لحوم الفلسطينيين وأشلائهم ونزوحهم وهجرتهم في أرجاء بلدان العالم، وأمام نظر المجتمع الدولي المنافق والغير مُبالٍ بعذابات وتشريد الآخرين.
لقد قبلت محكمة العدل الدولية في لاهاي شكوى تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا بحق الدولة اللقيطة الباغية الدولة العِبْرِيَّة، رافضة طلب هذه الدويلة العِبْرِيَّة رد الشكوى، كما طلبت محكمة العدل الدولية الخميس 25 كانون الثاني / يناير الحالي في قرارها الأَولي، بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد الدولة العِبْرِيَّة، وتتهمها فيها بارتكاب ’’إبادة جماعية‘‘ في قطاع غَزَّةَ، وتطلب إليها ’’منع ومعاقبة‘‘ التحريض على الإبادة، وإدخال مساعدات إلى القطاع المحاصر.
وكانت جنوب إفريقيا طلبت من المحكمة إصدار قرار بإجراءات عاجلة تتضمن وقفا للعمليات العسكرية في قطاع غَزَّةَ، إلا أن القرار لم يلحظ ذلك.
ولم تَبُتّ المحكمة في جوهر الدعوى حول ما إذا كانت الدولة العِبْرِيَّة ترتكب إبادة جماعية قبل وقت طويل، إذ قد يتطلب التحقيق ربما سنوات، بل اكتفت بإصدار قرار حول تدابير عاجلة قبل النظر في صلب القضية.
وأمرت محكمة العدل الدولية الدويلة العِبْرِيَّة بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غَزَّةَ، في حكم يثير اهتمام العالم أجمع.
وقالت المحكمة إن على الدولة العِبْرِيَّة اتخاذ ’’إجراءات فورية وفعالة للسماح بتوفير خدمات أساسية، ومساعدة إنسانية يحتاج اليها الفلسطينيون في شكل مُلِحٍ لمواجهة ظروف العيش غير الملائمة‘‘.
وتابعت المحكمة: إن على الدولة العِبْرِيَّة ’’اتّخاذ جميع الإجراءات الممكنة لمنع التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها‘‘، و’’عليها أن تمنع كل أعمال الإبادة المحتملة في قطاع غَزَّةَ‘‘.
ورفعت دولة جنوب إفريقيا الدعوى متهمة الدولة العِبْرِيَّة بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها، المُبرمة في العام 1948م كَرَدٍ عالمي على محرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.
وقبل انعقاد الجلسة الجمعة 26 الجاري، أعربت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ’’ناليدي باندور‘‘ عن أمل بلادها في وقف نزيف الدم والإبادة الجماعية في غَزَّةَ، مؤكدة على أهمية تسليط الضوء على ’’مصير الأبرياء في فلسطين‘‘.
وكانت قد أصدرت محكمة العدل الدولية ظهر أمس الجمعة 26 الشهر الحالي قراراً بشأن التدابير الاحترازية المؤقتة التي طلبتها جنوب إفريقيا؛ ضمن دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد الدولة العِبْرِيَّة.
وعَبَّرَتْ رئيسة الجلسة في بدايتها عن القلق البالغ الذي يُساور المحكمة إزاء استمرار سقوط الضحايا في غَزَّةَ، وأكدت صلاحيتها القانونية للنظر في اتخاذ إجراءات طارئة في الدعوى، مشددة على أنه لا يمكن رد الدعوى، الذي طلبته الدولة العِبْرِيَّة.
وجاء في قرار المحكمة إقرارها بأن الوضع هَش في غَزَّةَ، وأن العمليات العسكرية للدولة العِبْرِيَّة أَدَّت إلى تدمير المنازل وعمليات نزوح واسعة النطاق للسكان، وقالت رئيسة المحكمة إن هناك ضرورة مُلِحَّة لضمان حق الفلسطينيين في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية، وضرورة التزام الدولة العِبْرِيَّة بذلك، مُحَذِّرةً من أن هناك خطر وقوع كارثة لا يمكن تطويق تداعياتها.
وأخذت المحكمة بعين الاعتبار في منطوق قرارها القلق الذي عَبَّرَ عنه مسؤولون حقوقيون مستقلون، إزاء خطاب الكراهية للدولة العِبْرِيَّة، واستشهدت رئيسة المحكمة بتصريحات مسؤولين دوليين من مختلف المنظمات الدولية الإنسانية، وأخرى تحريضية صادرة عن مسؤولين في الدولة العِبْرِيَّة.
وعلى الرغم من أن المحكمة لم تَدْعُ بصريح العبارة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غَزَّةَ؛ إلا أنها طالبت الدولة العِبْرِيَّة بالتأكد من أن جيشها لا يرتكب جرائم حرب، واتخاذ إجراءات لمنع التأجيج على الكراهية وارتكاب الإبادة الجماعية، وتوفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين، ووقف تدمير بيوتهم وضمان توفير المساعدات والاحتياجات الإنسانية لهم، ورُفِعَ تقرير بالتزامها بهذه الإجراءات في غضون شهر واحد.
وأكدت المحكمة أن ’’15 من مجموع 17 قاضياً في هيئتها صَوتوا لاتخاذ الدولة العِبْرِيَّة تدابير لمنع أي أفعال تتعلق بالإبادة الجماعية‘‘. كما صوّت 15 قاضياً مقابل اثنين، لصالح إلزام الدولة العِبْرِيَّة بمنع تدمير الأدلة المتعلقة بالإبادة الجماعية، وفي الحالتين صوّت القاضي الصهيوني باراك ضد الأكثرية، وصوّت 16 قاضياً مقابل صوت واحد أيدوا إلزام الدولة العِبْرِيَّة باتخاذ تدابير لمنع التحريض على الإبادة الجماعية، وقد أيد القاضي الصهيوني ذلك، ورحّبت حكومة جنوب أفريقيا ’’بالإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية على الدولة العِبْرِيَّة‘‘.
ووصفت وزارة الخارجية في جنوب إفريقيا القرار بعد صدوره بـ ’’الانتصار الحاسم‘‘ للقانون الدولي، و’’خطوة على طريق الألف ميل في البحث عن العدالة للفلسطينيين‘‘.
وتباينت الآراء في الدولة العِبْرِيَّة حول قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، ما بين اليمين المتطرف الذي هاجم المحكمة ورآها ’’لا سامِيَّة‘‘؛ لأنها قبلت التداول في دعوى جنوب إفريقيا (التي تتهم الدولة العِبْرِيَّة بارتكاب جرائم حرب في غَزَّةَ)، فقد هاجم رئيس وزراء الدولة العِبْرِيَّة بنيامين نتنياهو، القرار، وقال إن ’’الادعاء بأن الدولة العِبْرِيَّة تُنَفِّذُ جريمة إبادة شعب هو ليس كذباً فحسب، بل مثيراً للانتفاض. واستعداد المحكمة للتداول فيه هو وَصمة عار لن تُمحى لأجيال‘‘.
وقال نتنياهو في كلمة بعد صدور القرار: ’’تخوض الدولة العِبْرِيَّة حرباً نقاتل فيها وحوش (حماس) الذين قتلوا واغتصبوا وخطفوا مواطنينا، وسنواصل بذل كل ما في وسعنا لحماية أنفسنا وشعبنا‘‘. وأضاف: ’’تؤيد الدولة العِبْرِيَّة الالتزام بالقانون الدولي لكنها مثل أي دولة، لها حق ثابت في الدفاع عن نفسها‘‘، معتبراً أن رفض المحكمة طلب الدولة العِبْرِيَّة رد الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ’’يقضي بحرماننا من هذا الحق‘‘.
كما انتقد وزراء في حكومة نتنياهو قرار العدل الدولية، حيث قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إنها ’’مناقشة منفصلة ومنافقة وكاذبة‘‘، وأضاف ’’منذ النقاش الذي حاول تعريف الصهيونية على أنها عنصرية، لم يكن هناك مثل هذا النقاش المنفصل والمنافق والخاطئ‘‘، وأفاد سموتريتش بأنه ’’في الواقع كانت هناك محاولة للإبادة الجماعية هنا للشعب اليهودي من قبل ’’النازيين البربريين لحماس‘‘، لقد كلفتنا هذه المحاولة الكثير من الضحايا، ونتيجة لذلك فإن المجتمع الصهيوني مُتَحد في الطريق الوحيد لتحقيق النصر والقضاء على حماس على أكمل وجه، وهذا هو المهم‘‘.
أما عضو حكومة الطوارئ الصهيونية ووزير الدفاع السابق بيني غانتس، فقد صَرَّحَ بأنه ’’من يجب أن يحاكم هم الذين قتلوا وخطفوا الأطفال والنساء والشيوخ‘‘، وأوضح الوزير ’’عندما تأسست الدولة العِبْرِيَّة أقسمنا لن يتكرر ذلك أبدا، والآن نحن نفي بوعدنا، ونفي بواجبنا الوطني والتاريخي وفقا للقانون الدولي والتراث اليهودي وقيم الجيش الصهيوني‘‘، وشدد غانتس على أن تل أبيب ستواصل احترام هذا الالتزام التاريخي والتمسك بالمعايير الأخلاقية والقانونية.
من جهته، ذَكَرَ وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير أن العدل الدولية ’’محكمة معادية للسامِيَّة‘‘، وقال ’’يَثْبُت ما كان معروفا مسبقا، هذه المحكمة لا تسعى إلى العدالة بل لاضطهاد الشعب اليهودي، لقد التزموا الصمت خلال الهولوكوست، واليوم يواصلون نفاقهم ويأخذونه إلى مستوى آخر..!‘‘، ودعا بن غفير لعدم الانصياع للقرارات التي تُعَرّض استمرار وجود الدولة العِبْرِيَّة للخطر، وطالب بالاستمرار في الحرب حتى النصر الكامل.
وفي المقابل، دعا زعيم المعارضة يائير لابيد الوزراء وأعضاء الائتلاف إلى ممارسة ضبط النفس وتوخي الحذر في تصريحاتهم، حتى لا يتسببوا في مزيد من الضرر الدولي وتشويه وجه الدولة العِبْرِيَّة في العالم، وأفاد بأنه كان ينبغي على المحكمة أن ترفض فورا التماس جنوب إفريقيا الوهمي، مشددا على أنه من حق الدولة العِبْرِيَّة أن تدافع عن نفسها.
المراجع
– عربي نيوز – 26/1/2024م.
– فرنسا24 – 26/1/2024م.
– آر تي الروسية – 26/1/2024م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_تتحقق_العدالة_للفلسطنيين_بعد_75_سنة_من_المظالم