مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_يلعب_بوتين_على_حبل_تشتيت_قوى_الغرب_على_ضوء_أحداث_غَزَّةَ
مجرم الحرب فلاديمير بوتين ما هو إلا وَغْدٌ شرير من طراز فرانكشتين وجيمس بوند، يداه ملطختان بدماء السوريين الذين لم يرتو منها منذ العام 2015م وحتى الآن وهو يرتكب أبشع الجرائم وأفظعها في الشمال السوري المحرر، وقد جعل من المناطق المحررة من سورية ميادين لتجربة أسلحته المُدَمِّرَة والقاتلة، يسرح ويمرح فوق مدنها وبلداتها وقراها، فيدمر ويسفك الدماء بلا ضمير ولا رحمة، ودون أن يتمعّر وجهه المغطى بدماء الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العُزَّل، دون معرفة سبب كل هذا الإجرام الذي لم يشهده العالم من قَبْل، اللهم إلا ما نشاهده اليوم في غَزَّةَ الجريحة وما يفعله شبيهه نتنياهو، من قتل للأطفال والنساء والشيوخ والعُزَّل من المواطنين، وهو يدّك مساكنهم بالصواريخ والقنابل المحرّمة دولياً.
بوتين ونتنياهو وَجْهَان شريران لعملة صنعها الشيطان المطرود من رحمة الله، والمضحك أن هذان الرجلان يتحدثان عن حقوق الإنسان والعدالة والسلام.
بوتين في ظل تصاعد العنف في الشرق الأوسط على الأجندة الإخبارية الدولية، فإن موسكو تعتمد على العناوين المأساوية القادمة من غَزَّةَ في تحويل الانتباه الإعلامي عن حرب روسيا في أوكرانيا، لكن الأمر يتعلق بما هو أكثر من مجرد تغيير الاهتمام الإعلامي، فالسلطات الروسية تأمل أيضاً بأن يُعاد توجيه بعض إمدادات السلاح الغربية إلى الكيان الصهيوني نتيجة للوضع الملتهب في الشرق الأوسط، وأعتقد أن هذه الأزمة ستؤثر بشكل مباشر على مجريات العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وأمام هذه الحالة الطارئة التي هبطت على بوتين من السماء لتكون طوق نجاة له، فإن رعاة أوكرانيا سيتشتت انتباههم بفعل الصراع في الكيان الصهيوني، وهذا لا يعني أن الغرب سيتخلى عن الأوكرانيين، لكن حجم المساعدات العسكرية سينخفض، ومسار العملية قد ينقلب سريعاً لصالح روسيا.
فقد قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي ’’الناتو‘‘: ’’نستطيع الوقوف إلى جانب إسرائيل وسنفعل، حتى ونحن نقف إلى جانب أوكرانيا‘‘.
لكن صراعاً ممتداً في الشرق الأوسط من شأنه أن يختبر قدرة أمريكا على تقديم الدعم في آن واحد لحليفين في حربين منفصلتين.
وهنا تحاول روسيا تعزيز دورها في الشرق الأوسط من خلال تسويق نفسها كصانعة سلام محتملة.
فقد كانت تلعب هذا الدور في السابق، من خلال انضمامها للجهود الدولية السابقة لإنهاء الصراع في المنطقة.
أيمكن أن تكون روسيا صانعة السلام؟ إنه لأمر من الصعب تسويقه، ففي نهاية المطاف فإن روسيا دولة مجرمة باغية شنت عدواناً سافراً على السوريين تأييدا للطاغية المجرم بشار الأسد الذي قتل من شعبه أكثر من مليون إنسان، وصَفَّى في سجونه أكثر من نصف مليون معتقل وسجين، وهَجَّرَ نصف شعبه داخل البلاد وخارجها، وفتح أبواب سورية للمحتلين الروس والإيرانيين، وباع مؤسسات الدولة وأصولها لهؤلاء المحتلين، إضافة لبيع ثروات سورية من قمح وقطن ونفط وفوسفات وغاز.
ولا يمكن أن تكون موسكو داعية أمن وسلام وقد شنت غزواً شاملاً لجارتها أوكرانيا، وبعد حوالى20 شهراً، تسببت الحرب الروسية في أوكرانيا بالموت والدمار على نطاق صدم العالم.
هذا بالإضافة إلى أن القول بأن بوتين يمكن له أن يلعب دوراً في تحقيق السلام، فهذا أمر لا يمكن أن يحصل ولا في الأحلام، ولا يمكن أن يقبل أولئك المنخرطون في الصراع بِرَجُلٍ يداه ملطختان بالدماء ليكون وسيطاً، وحتى وإن كان هناك اهتمام لموسكو بالشرق الأوسط، مع تبني الاتحاد السوفييتي السابق لموقف مؤيد للعرب في الوقت الذي أقامت الدولة العِبْرِيَّة علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة. وطوال سنوات، كانت المواقف المعادية للسامِيَّة مظهراً من مظاهر الحياة السوفييتية.
وبعد تفكك الإمبراطورية السوفييتية، تحسنت العلاقات الروسية مع الكيان الصهيوني، وذلك راجع في جانب منه إلى تدفق أكثر من مليون يهودي على الكيان الغاصب من الجمهوريات السوفييتية السابقة.
وإذا ما عملت موسكو على تشتيت الانتباه عن أوكرانيا بالنظر إلى أهمية الكيان الصهيوني في السياق السياسي المحلي الأمريكي – فعندها نعم ستكون روسيا من المستفيدين على المدى القصير.
ولكن روسيا لا تريد حرباً شاملة بين دولة الصهاينة وإيران، وإذا تحركت الأمور باتجاه ذلك، وبات من الواضح أن أمريكا ستقف بقوة إلى جانب ربيبتها الدولة العِبْرِيَّة، فأعتقد أن روسيا لن تجد مَناصاً من أن تندفع أكثر إلى الجانب الإيراني، ولا أعتقد أنها ترغب بحدوث ذلك.
المراجع
بي بي سي عربي – 14/10/2023م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_يلعب_بوتين_على_حبل_تشتيت_قوى_الغرب_على_ضوء_أحداث_غَزَّةَ