أَعْجَبُ من الدول العربية المُطَبِّعَة مع الكيان الصهيوني العنصري الحاقد ’’مصر وكامب ديفيد، والأردن ووادي عربة، وأوسلو ودولة منظمة التحرير‘‘ والتي لم تُلغِ هذه الدول الاتفاقيات المشؤومة أو تُجمدها، رغم شلال الدم الذي ينزف من أجساد أهلنا في غَزَّةَ والضفة الغربية لأكثر من ثمانية أشهر؛ على يد جيش الصهاينة المتوحش، والذي قتل نحو أربعين ألف طفلٍ وامرأةٍ وشيخ، ونحو تسعين ألفاً من الجرحى والمصابين، وتَرْكِ أكثر من مليون ونصف فلسطيني يتضورون من الجوع، مُدَمِّرَاً ما يزيد على 80% من البنية التحتية والمؤسسات والمشافي والمدارس والمساجد والكنائس وبيوت المدنيين العُزَّل، حتى بات قطاع غَزَّةَ مستوي الأرض بعد أن سَوَّتْ قنابل وصواريخ الدمار والموت الأمريكية بِيَدِ وحوش الصهيونية الأرض بكل ما عليها من بناءٍ وحياة.
والعجب العُجاب أن هناك الآن عدد من الدول العربية تهرول للتطبيع مع هذا العدو السادي والعنصري؛ الذي يستبيح دماء أهلنا في غَزَّةَ والضفة الغربية، رغم كل ما يحمل التطبيع مع هذا العدو من خسائر ونكسات وآلام وجراحات، وأدعو كل هؤلاء المُطَبِّعِيْنَ والمهرولين للتطبيع أن يقرؤوا ما يكتبه الصهاينة عن العرب، ونظرتهم للإنسان العربي الذي يعتبرونه إنسان متوحش ومتخلف يجب القضاء عليه.
والمراد من مصطلح التطبيع أن تُقْبَلْ (إسرائيل) في المنطقة بكيان مستقل معترف به، وأن يكون لها الحق في العيش بسلام وأمن، مع إزالة روح العداء لهم من جيرانهم، ولا يكون هذا إلا عن طريق إحداث تغيير نفسي وعقلي جذري عند المسلمين، عن طريق القضاء على عقيدة الولاء والبراء وروح الجهاد، أو إضعاف تأثير ذلك عليهم.
التَّطبِيع هو مصطلح من مبتكرات الصراع العربي الإسرائيلي، يُقصد به تحويل آليات الصراع إلى آليات للسلام، والمهادنة والتقارب بين الأطراف المتصارعة، وهو يعني: التبادل السلمي النشط في كافة المجالات.
إن ما يقوم به الصهاينة اليوم في غَزَّةَ والضفة الغربية من جرائم بشعة ترقى إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية واستئصال الفلسطينيين، ومحاولة اجتثاث ذراريهم هو امتداد لسوداوية أفكارهم التي نمت على الحقد على العرب، فهذا مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق يهوشافات هاركابي وفي معرض تناوله لشخصية الإنسان العربي معدداً 28 صفة للإنسان العربي منها أنه ’’شخصية انفعالية بليدة العقل لا يُؤْمَنُ جانبها‘‘، وغير ذلك من الصفات التي تدل على أن الإسرائيلي ينظر لشخصية العربي نظرة ازدراء·
كما عَبَّرَ عن هذا الازدراء إسحاق رابين الذي وصف المفاوضين الفلسطينيين في أوسلو بأنهم جهلاء لا يعرفون شيئاً، وكان مطلوباً من الإسرائيليين في مثل هذه الحالة أن يُقدموا لهم النصح والإرشاد ويلقنوهم دروساً في فن التفاوض، وبِيَدِ الإسرائيلي أن يُقرر علامة النجاح أو الرسوب·
كما استخف إسحاق شامير بالعقل العربي بطريقته الخاصة حين قال إنه لو بقي في الحكم لبقيت المفاوضات تراوح مكانها 10 سنوات، وهذه النظرية الشاميرية التزم بها نتنياهو وباراك وشارون، فمنذ مؤتمر مدريد لم يتحقق شيء يُذكر على مستوى القضايا الجوهرية وكل ما يسعى إليه الإسرائيليون هو تصفية القضية الفلسطينية، وقد مارست إسرائيل نظرية التفوق العرقي عبر الاستهتار بقرارات الأمم المتحدة حيث لم تُنَفَّذ أياً من هذه القرارات واعتبرتها حبراً على ورق·
وإسرائيل ترفض أن تُحَمِّل نفسها أية مسؤولية عن مأساة اللاجئين، وتنظر لقضيتهم في أحسن الأحوال من زاوية إنسانية، وليس من منطق الاعتراف بالحد الأدنى من حقوقهم الوطنية.
وبالرغم من التغيرات الواسعة في هذا العالم، وتجاوز الكثير من المعتقدات والمفاهيم العنصرية التي تُلغي آدمية الآخر ومقدرته على الإبداع والتميز عبر آفاق العلم والآداب والفنون، سِيَّما أن هذه الحقبة التاريخية تشهد تحولات كبيرة في مستوى نضوج العقل البشري، إلا أن العقل الصهيوني ما زالت تعشش فيه الخرافة ويؤمن بنظرية التفوق الممزوجة بالقدرات الأسطورية الخارقة الممنوحة لليهود من الرب كما يَدَّعي أحبارهم، فهم يعتقدون أنهم شعب الله المختار الذين سيحكمون الناس أجمعين، حيث يتهافت الآخرون لخدمتهم وتقبيل أقدامهم، كما أن دماء غير اليهود على اليهود حلال، ومن أجل الوصول إلى غاياتهم يستخدمون كافة الأساليب وعلى رأسها المال والجنس والفكر والانخراط في صفوف الأحزاب والقوى السياسية، كي يقيموا إمبراطورية على مستوى العالم تستقي مبادئها من تعاليم الصهيونية وتطلعات اليهود في الحكم والاستبداد والسيطرة.
إن نظرية التفوق هذه دفعت إسرائيل إلى تطوير برنامجها العسكري عبر تحالفها مع قوى استعمارية منذ اليوم الأول لنشوئها من أجل أن تظل أقوى دولة في الشرق الأوسط، والدولة الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي المدمر دون أن تخضع منشآتها النووية لرقابة دولية.
ونظرية التفوق هذه التي تربطها إسرائيل بأساطير خرافية، وبتاريخ بدائي يتم التباكي عليه، والعمل على إحيائه وإعادته إلى عصره الذهبي والمزعوم من جديد، تدفع بالإسرائيليين على كافة انتماءاتهم وأحزابهم السياسية إلى التمسك بالقدس عاصمة أبدية لدولتهم، وتدمير أي أثر ديني إسلامي أو حضاري فلسطيني، وخاصة المسجد الأقصى الذي جرت العديد من المحاولات لحرقه وهدمه منذ العام 1967م، من أجل بناء هيكل سليمان على أنقاضه ضاربة بعرض الحائط حقوق الآخرين الراسخة والعميقة الجذور في القدس مدينة السلام والمحبة بين الأمم والشعوب.
إن نظرية التفوق هذه دفعت حاخام عوفاديا يوسف إلى التطاول على الله عز وجل لأنه خَلَقَ العرب من نسل إسماعيل حيث وصفهم بالأفاعي الذين يريدون قتل اليهود·
وفي الأدبيات الصهيونية التي ترفع شعار (شُلَّت يميني إن نسيتك يا أورشليم) يُنظر إلى الشعب الفلسطيني على أنه مجموعة من رعاة الأغنام المتخلفين، الذين لم يعرفوا الاستقرار طيلة وجودهم في فلسطين، وأنَّ اليهود هم الذين حَوَّلُوا الأرض من صحراء قاحلة إلى جنة خضراء وأمدوها بشرايين الحياة.
وتصل الغلواء الصهيونية ذروتها حين ترفض الدولة العِبْرِيَّة رسم حدودها، وتعتبر هذه الحدود مفتوحة وهي آخر نقطة يقف عليها الجندي الصهيوني، وكأن البلاد مستباحة لهم والعباد مُسَخَّرُون لخدمتهم، وتلجأ لتسويق هذه النظرية بحجة الأمن تارة، والأكاذيب الدينية بأن فلسطين أرض الميعاد تارة أخرى.
لكن كيف يجري التعاطي التصويري مع شخصية الإنسان العربي في وسائل الإعلام الإسرائيلية والتي تُشَكِّلُ متكأً رئيساً لعملية تكوين وتدجين ما يمكن توصيفه بأنه (وعي إسرائيلي مُوَجَّه) حيال الإنسان الفلسطيني والعربي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، زد على ذلك أنَّ ثَمَّةَ دوراً بالغ الخطورة والأثر تضطلع به وسائل الإعلام في عالمنا المعاصر تجاه تشكيل ذوق إنسان هذا الزمن سواء لجهة السلب أم لجهة الإيجاب.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_يا_عرب_احذروا_التطبيع_فإن_فيه_هلاككم
وإنَّ استعراضاً أفقياً وعمودياً لِما تقوم به وسائل الإعلام الإسرائيلي ولخطابها المسموع والمكتوب والمرئي؛ لا بُدَّ من أن يؤدي إلى خلاصة أن وسائل الإعلام هذه مثلها مثل مناهج التعليم تحتل مركزاً متقدماً في تشكيل ذوق عنصري للفرد الإسرائيلي العادي إزاء الإنسان الفلسطيني والعربي، فقبل عدة سنوات تحديداً عام 1990م نشرت الباحثة الإسرائيلية سارة حينسكي دراسة مثيرة حول العلاقة السببية بين العنصرية الإسرائيلية ذات الماركة المُسَجَّلَة، وبين دواخل ظواهر إعلامية محيطة بالفرد اليهودي من كل جانب، وَخَلُصَتْ فيها إلى القول إنَّ أي ضيف زائر من العالم الخارجي يرغب بالتعرف على المجتمع الإسرائيلي من خلال تقارير الصحافة المحلية لن يستصعب الوصول إلى استنتاج بأن المجتمع العربي فقط مؤلف من ضحايا أو مخالفي قانون مهنتهم الرئيسة فضلا عن رعاية المواشي في إشعال الحرائق، والتخريب والقتل والاستبداد ولهذا فإنه لا فائدة تُرْجَى منهم وهذا ما يبرر بالتالي ممارسة العنف ضدهم.
قبل الوصول إلى خلاصةٍ كهذه حشدت الباحثة سيلا من عناوين الصحافة الإسرائيلية، التي تَطرَّقت إلى العربي في يوم اعتيادي واحد ومنها العناوين: تصفية مُخَرِّبٍ عن بُعد لعدة أمتار، العامل العربي في كشك (كِرْيَات يوفل) اعترف بأنه سَمَّمَ الفلافل!، حُكِمَ بالسجن المؤبد على شاب من أم الفحم قَتَلَ مُسِنَّة في تل أبيب!، مُلَثَّمُونَ يَحرقون باصاً آخر داخل الخط الأخضر!، مُلَثَّمُونَ يَعترضون السائقين ويَجبون 5 شواقل وبعد أن تساءلت: أين هي الأخبار الاقتصادية والثقافية والاستهلاكية لهذا المجتمع؛ أكدت حنسكي أنَّ هناك تغييباً مقصوداً للتقارير الصحفية حول الحياة المدنية للمواطنين العرب في البلاد، وفي مقدمة ذلك إذا ما شئنا التخصيص تغيب الأخبار والتقارير المتعلقة بنشاط وأوضاع السلطات المحلية العربية.
ما تقوله هذه الباحثة في إيجاز بليغ يقودنا إلى الاستنتاج بأن الصحافة الإسرائيلية سجلت سوابق كبيرة في مجال تنظيم وتأسيس مراكز الدعاية العنصرية، والقارئ الشغوف بمتابعة ما تنشره الصحافة العِبْرِيَّة حول العربي؛ سيجد نفسه أمام كَمٍ عنصري هائل يُراد للفرد اليهودي أنْ يُكَبِّل أغلاله.
باحثان في جامعة بئر السبع وضعا بحثاً مُوثقاً عنوانه: (العنصرية في الصحافة الإسرائيلية) فيما يمكن اعتباره التفاتة أخرى إلى هذا الجانب الروحي الخطير والفاسق من ظاهرة تغلغل العنصرية في إسرائيل.
أداة البحث كانت مراقبة نصوص ما نشرته الصحافة الإسرائيلية على مدار أربعة أشهر من مقالات وأخبار. النتائج التي تَوَصَّلَ إليها هذان الباحثان وهما الزوجان د.حايين جوردون وريفكا جوردون دَلَّت على المعطيات التالية:
صحيفتا معاريف وهيتسوفيه تقفان في طليعة الصُّحف العِبْرِيَّة في ميدان نشر تقارير إخبارية ومقالات يَنْضَحُ منها التحريض العنصري على العربي صحيفة هتسوفيه نشرت على مدى فترة البحث (أربعة أشهر) 60 مقالة دوافعها عنصرية واضحة وهدفها التحريض على العرب وقسم كبير منها كان مقالات افتتاحية.
صحيفة معاريف نشرت على مدى الفترة ذاتها 43 مقالاً يمكن إدراجها في سياق المواد المنطوقة التي تُحَرِّضُ على العنصرية. صحيفة هآرتس المعتبرة في عداد الصحف الرصينة نشرت 12 مقالاً من هذا الطراز صحيفة يدعوت أحرنوت نشرت هي أيضا عدداً مماثلاً من المقالات العنصرية. صحيفة حداشوت نشرت 15 مقالا.
نجد أمامنا إذاً منهجاً إعلامياً متكاملاً ومحبوكاً في تغذية الروح العنصرية وأسانيد هذا المنهج لا تختلف بشيء عن أسانيد سائر الأغذية الروحية، ويلخص هذه الأسانيد خبر نموذجي نشرته صحيفة هتسوفيه غداة بيان بوليسي إسرائيلي يقول إن العربي الذي اغتصب وقتل يهوديا هو شاذ جنسيا وجاء في متن الخبر: (عندما يقتل عربي فتى يهودياً فإنه مثل سائر إخوته يكون مدفوعا بدافع الكراهية لليهود ومحاولة البوليس الإسرائيلي أن يُقرر في شبه يقين كون القتل قد حُصِرَ على خلفية جنسية لا تعدو كونها محاولة يائسة للتمويه والتعمية على الحقيقة الأكيدة بأن القتلة العرب ما زالوا يتجولون طلقاء ويفتشون عن الضَحِيَّة المناوبة) عن هذا المنهج يقول الباحثان (الزوجان جوردون: عندما تقرأ هذا الخبر فإن أول ما يتبادر إلى ذهننا هو أن كراهية اليهود تُولد مع كل عربي ونجد من الضروري التذكير في هذا الطور أن هتلر أفرط كثيراً في القول إن كل اليهود يولدون مع كراهية متأصلة للعنصر الآري أو تجري تربيتهم على كراهية الآريين).
إدوارد مُعَلِّمٌ مؤسس فرقة الحكواتي وعشتار المشهورتين وهو من مواليد الجليل عام 1958م ويحمل الجنسية الإسرائيلية، درس المسرح في الجامعة العِبْرِيَّة في القدس وتخرَّج عام 1980م ذكر عن تجربته الدراسية قائلاً: كنت أحد الطلاب الذين عانوا كثيراً من التمييز العنصري في الجامعة، حيث كان عدد الطلاب العرب 1500 طالب من بين 30 ألف طالب، وكان من المفترض أنْ نُشَكِّلَ 20 بالمئة من عدد الطلاب إلا أن هذا كان على الورق فقط، إضافة إلى ذلك فإن الطالب الإسرائيلي كان يحتل المركز الأول يليه الأجنبي، وفي الدرجة الثالثة يصنف العربي.
إن اليهود ينظرون إلى الشعوب الأخرى على أنهم (غوييم) أي الجنس الأدنى الذي يجب استعباده وتسخيره لخدمة الشعب اليهودي كونهم شعب الله المختار حسب معتقداتهم التوراتية، ففي التلمود الذي كُتِبَ من قبل أحبار اليهود على مر العصور تبرز هذه الصورة البغيضة في أكثر من موقع وهي الطُرق التي يجب أن يتعامل بها اليهود مع الشعوب الأخرى، فهم ينظرون بازدراء شديد إلى المؤابيين والعمونيين، وهي أجناس قديمة سكنت شرق الأردن، ويعتبرونهم أولاد زنا.
أما بخصوص سيدنا إسماعيل فإن اليهود يتقولون بأن إبراهيم عليه السلام حين تزوج هاجر وأنجبت له إسماعيل، وكان إسماعيل مؤذياً لأبويه وللناس فقام بإبعاده هو وأمه إلى الصحراء ليتخلص منهما ومن شَرِّهِمَا.
إن الصهيوني لا ينظر إلى الآخر نظرة إنسانية بل يحتقر جميع الشعوب الأخرى على الإطلاق، ففي مدلولاتهم الدينية يطرح نفسه بديلاً عن الآخر بلا استثناء فعندما يقول (دم غير اليهودي على اليهودي حلال) فإنه يؤكد على أن إسرائيل يجب أن تبقى قائمة على الدم وبالتالي فإنها لا تستطيع التعايش مع الفلسطينيين والعرب.
من هذا المنطلق نستطيع أن نتصور الحتمية التاريخية التي ربطت العرب بهم كوننا جزءاً من هذه المسألة، والتي هي موجهة نحو الإنسانية جمعاء والعرب خصوصاً بحكم البعد الديني الذي تَشَكَّلَ في المنطقة العربية في الأساس، ووفق هذا المنظور ينظر اليهود للعربي على أنه مُتخلف يعيش على رصيف الحضارة من خلال الإيهام بالبعد الثقافي الديني التوراتي في المنطقة، على أن اليهودي هو الأساس رغم أن اليهود حين أقاموا دولتهم عام 1948م لم تكن تجمعهم خلفية ثقافية واحدة؛ بل كانوا قد حملوا خلفيات المجتمعات التي ينتمون إليها.
إن إسرائيل ترى أنها من نسيج المنطقة من خلال التشبث بالأرض وبناء المستوطنات واستقدام المهاجرين الجدد دون اكتراث لوجود السكان الأصليين، وهي تسعى للسيطرة على أسواق المنطقة، بل وصلت الهستيريا الصهيونية مرحلة متقدمة وهي تسحق الأطفال والعجائز بالدبابات، وتُلَوِّحُ بعملية ترانسفير جديدة يتم من خلالها القذف بالشعب الفلسطيني في الضفة وغَزَّةَ إلى المتاهات والمنافي العربية والأجنبية ·
وإسرائيل ما زالت تعيش ضمن عقلية الغيتو وهو مظهر من مظاهر العنصرية الصهيونية حيث يعيش اليهود منعزلين داخل هذا الغيتو في أي مجتمع كان، ولا يسمحون لأي شخص غير يهودي باختراقه والاندماج معهم، ومن هنا كان لهم حاراتهم الخاصة في المدن العربية؛ مثل حارة اليهود في حلب ودمشق والقاهرة والقدس وبغداد.
إن اليهودي يتعامل مع العربي تعامل الربح والخسارة، فالانتفاضة الأولى شَكَّلَت مدخلاً للقبول بالواقع الفلسطيني، كما أن مشاريع التسوية التي تَلَتَ عام 1973م جاءت بضغط الحرب، وعليه فإن إسرائيل لم تُغير من مشروعها الثقافي، لكنها تُوْهِمُ الآخرين بذلك حيث تتكيف مع الواقع لخدمة مشروعها الاستيطاني التوسعي في الأرض العربية، وتلتقي جميع الأحزاب الإسرائيلية في عدائها لكل ما هو عربي، وهو ما تَجَلَّى في أحداث الانتفاضة الثانية حيث الاختلاف بين هذه الأحزاب ليس في المشروع، أي قتل الفلسطينيين وقهرهم وإذلالهم وسرقة أرضهم، بل في كيفية التعامل مع هذا المشروع.
إن القتل اليومي الذي يُمَارس ضد الفلسطينيين والذي تفضحه وسائل الإعلام ينم عن مؤسسية في العنصرية الصهيونية، وكلنا يذكر الحادثة التي قَتَلَ فيها جندي إسرائيلي طفلاً فلسطينياً فقامت المحكمة بتغريمه أغورة واحدة أي ما يعادل أقل من فلس.
والصهاينة أقاموا نُصُبَاً تذكارياً للمجرم باروخ غولد شتاين من مستوطنة كِرْيَات أربع، والذي قتل سبعة وعشرين مُصَلِّيَاً في شهر رمضان المبارك أثناء تأديتهم صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
كذلك في جريمة حرق المسجد الأقصى بَرَّأَ الصهاينة الفاعل على طريقتهم الخاصة واعتبروه مجنوناً، فهو بالتالي ليس مسؤولاً عن أفعاله.
وبقدر ما يقتل اليهودي من العرب ويبدع في اقتراف المذابح وسفك الدم؛ بقدر ما يرتقي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فشارون الذي كان ضابطاً صغيراً حين نَفَّذَ مذبحة قبيا عام 1953م، وصاحب السجل الأسود في الإجرام يتربع على عرش إسرائيل، وأصبح رئيساً لوزرائها، بل إنَّ كل رؤساء وزارات إسرائيل أفرزتهم المؤسسة العسكرية وخاضوا الحروب الظالمة ضد العرب.
المراجع
– مركز الاتحاد – 4/3/2005م.
– هيئة علماء فلسطين – 6/1/2024م.
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_يا_عرب_احذروا_التطبيع_فإن_فيه_هلاككم