الخميس, ديسمبر 26, 2024
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةالكوبون الألكتروني سلاح إيران القادم لمواجهة العقوبات الأمريكية

الكوبون الألكتروني سلاح إيران القادم لمواجهة العقوبات الأمريكية

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_نبيل_العتوم_الكوبون_الألكتروني_سلاح_إيران_القادم_لمواجهة_العقوبات_الأمريكية

تُسابق طهران الخُطَى لمواجهة وجبة العقوبات الأمريكية القادمة، والتي سيتم فرضها في 3 نوفمبر من نهاية هذا العام، حيث تدرس الحكومة الإيرانية حالياً مشروع الكوبون الألكتروني، من فئة مائة ألف تومان، لتخفيف العبء عن المواطن لشراء السلع والمواد الغذائية الأساسية، يقول ’’عبد الرضى مصري‘‘ عضو لجنة التخطيط والموازنة: فيما لو قُدِّرَ لهذا المشروع أن يحظى بالنجاح، فإنه سيكون بمقدور المواطنين الحصول على احتياجياتهم الأساسية، من المحلات التجارية الكبرى المتعددة الفروع، ومن الجمعيات التعاونية بالسعر الحكومي الرسمي. وحسب هذا المشروع الذي نشرت بعض تفصيلاته في وسائل الإعلام الرسمية، التي بدأت بحملة ترويج غير مسبوقة لهذا القرار، لمنع الانهيار النفسي الذي بات يشعر به المواطن في إيران، وفي التفصيلات فإن من المقرر أن تطرح في السوق كوبونات ألكترونية مشحونة على نمط بطاقات الصراف المدفوعة مسبقاً، تُوَزَّع على المواطنين كل حسب استحقاقه، وحسب عدد أفراد عائلته، بحيث تقوم وزارة الرفاه الاجتماعي بتحديد الفئات المستحقة للدعم الحكومي فيغطيها هذا المشروع، ويقال: إن هذا المشروع سيغطي ما مجموعه أحد عشر مليون شخص.

ما يحدث في إيران اليوم يُذَكِّر الإيرانيين، بحرب الثماني سنوات بين العراق وإيران، بحيث باتوا يسترجعون ما دار في مخيلتهم ووجدانهم الكثير من الصور المتعلقة بتلك الفترة المأساوية، والتي كان لنظام ولاية الفقيه الدور المحوري في اندلاعها واستمرارها، وبات يتداعى إلى مخيلة الناس داء ’’متلازمة الحرب‘‘ حيث اكتووا بنارها؛ ومازالوا يتذكرون تلك الصفوف الطويلة، ولفترات طويلة للحصول على كوبونات المواد التموينية، تلك الصفوف الطويلة كانت مؤشرا على امتهان الكرامة الإنسانية مما أجبر حكومة تلك المرحلة على تقنين المواد والبضائع وتوزيع الكوبونات التي كانت تحدّد الحصص المستحقة لحامليها، وما زالت محتويات الكثير من المواطنين القدماء وصناديقهم تحتوي على بقايا من دفاتر تلك الكوبونات التي كان يوزعها الحرس الثوري، الراعي الرسمي لتوزيع الكوبونات، والمستورد الأوحد للمواد الأساسية من الأسواق الخارجية، تلك الدفاتر التي كانت تحظى بأهمية كبيرة لمستلزمات العيش، وكانت بالنسبة للبعض أهم من بطاقة الهوية الشخصية المدموغة بشعار ’’الثورة الإسلامية الإيرانية‘‘، ومع احتدام العقوبات والحرب الاقتصادية في الوقت الحالي، بدأت إيران تواجه نقصاً حاداً وكبيراً في الاحتياجات الأساسية والتي لا غِنَى عنها.

والتاريخ يُعيد نفسه؛ فها هي الحكومة ومن خلفها الولي الفقيه ’’خامنئي‘‘ يلومون قوى الاستكبار العالمي، وفي مقدمتها أمريكا، بسبب ما تتعرض له إيران من عقوبات غير مسبوقة، في محاولة بائسة لحرف الأنظار عن مغامرات إيران الداخلية والخارجية، والتي أوصلت الدولة والناس إلى الدَّرْكِ الأسفل من الشقاء.

فمن المؤكد أن إيران مُقْبِلة على أيام عجاف، وأن إجراءات أمريكا المناوئة لإيران، والتي ستتسبب في الأشهر القادمة بأضرار أكثر فداحة من ذي قبل؛ لا تهدد فقط الاقتصاد الإيراني فحسب، وإنما تهدد أيضا الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي في إيران، وستجعل كيان الدولة الجغرافي عرضة للتفكك. طبعا دوماً ما تحاول الدولة والثورة في إيران أن تغفل وبشكل متعمد المشاكل الهائلة والتحديات التي باتت تعاني منها، والتي لم تكن بسبب العقوبات الدولية فقط؛ بل ناجمة أيضا عن الحرب المُسْتَعِرَّة غير المسبوقة الدائرة بين الأجنحة السياسية المتناحرة في إيران، وهيمنة الحرس الثوري، وسطوته على مقدرات الدولة برعاية مباشرة من الولي الفقيه ’’خامنئي‘‘ وأثرها على تردِّي الأوضاع، والتي تعي أن ساعة الحقيقة باتجاه الانهيار والانهيار الشامل باتت مسألة وقت.

من الثابت أن الدولة الإيرانية باتت عاجزة عن التعامل مع هذا الوضع أكثر من أي وقت، وبعد أشهر من تبادل وجهات النظر، والجلسات المكثفة بين خامنئي ومؤسسات الدولة، والتي باتت تعاني من التناقض وعدم الانسجام  في  معظم الأحيان؛ اضطر معه  المسؤولون الحكوميون إلى الاستعانة بنظام الكوبونات الألكترونية، لتأمين المواد الأساسية للمواطنين، ويقول السيد ’’أحمد ميدي‘‘ أحد مساعدي وزير الرفاه الاجتماعي: في المرحلة الأولى من هذا المشروع سوف يحصل عشرة ملايين شخص على هذه الخدمة، بحيث يحصل كل واحد منهم على مبلغ ’’مائة ألف تومان‘‘ على شكل كوبون ألكتروني؛ أي ما يعادل ’’سبعة  دولارات‘‘ لشراء ما يحتاجه من مستلزمات؛ وعليه فإن الكوبون الذي كان جزء من حياة الإيرانيين على مدار ثلاثين عاماً؛ سوف يعود من جديد إلى معترك الحياة الاقتصادية لإيران، بعد توقّف لثمان سنوات. ومن الطبيعي أن يكون هناك تسرع زائد عن الحد وارتجال غير معهود، وتجاهل وإنكار لكل ما حدث؛ وهو ما باتت تعاني منه إيران حقا، الأمر الذي سيدفع بالأمور نحو مزيد من التدهور، ويبدو أن المسؤولين الإيرانيين مهتمون بموضوع الأمن الغذائي وحماية الطبقة الفقيرة من الاستغلال، لكن الدعم المقترح لا يصل لحد السبعة دولارات، على اعتبار أن الدولار يساوي 13000 تومان، ومن المرجح أن يتجه التومان نحو مزيد من السقوط، لدرجة جعلت الإيرانيين يتوقعوا وجود التومان في القمامة، وبات الأطفال يتقاذفون العملة المعدنية بالشوارع، في تقديري أن الدولة الإيرانية ونظامها الثوري، باتوا عاجزين تماماً على اقتراح الحلول لمواجهة العاصفة القادمة بحيث لا يعرضون الحلول الناجعة لبلوغ هدف القدرة على المواجهة، وتبعد عن الدولة شبح الانهيار، بعد تراجع صادرات النفط الإيراني لأكثر من 35% على الرغم من أن الوجبة القادمة من العقوبات تفصلنا عن فرضها خمسين يوماً، في ظل سعي الدول المستوردة للنفط الإيراني الحصول على بدائل جديدة، ففي ظل هذه المؤشرات يتوقع أن تتراجع صادرات طهران من النفط لأكثر من 350000 برميلا على أقل تقدير، في ظل استغاثة إيران المتكررة لدول الاتحاد الأوروبي لإنقاذها من أنياب العقوبات الأمريكية قبل فوات الأوان.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_نبيل_العتوم_الكوبون_الألكتروني_سلاح_إيران_القادم_لمواجهة_العقوبات_الأمريكية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات