الأحد, سبتمبر 8, 2024
spot_img
الرئيسيةتقدير موقفالثورة السورية آراء ومواقف

الثورة السورية آراء ومواقف

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_عبد_العزيز_الحاج_مصطفى_الثورة_السورية_آراء_ومواقف

       

          المعركة في سورية اليوم معركة حياة أوموت في مواجهة العدوان الأجنبي الذي تتولى كبره – روسيا والتحالف الدولي من جهة، وإيران والميليشيات المؤتمرة بأمرها من جهة أخرى.

           ونظرا لكبر حجم المعركة ولكثرة المشاركين فيها، من الأعداء بخاصة، وجب على السوريين، أن يرتقوا في الأسباب، في مواجهة أولئك الأعداء، الذين لم يدخروا جهداً في الاعتداء عليهم.

           وأول هذه الأسباب مراجعة حساباتهم ومعرفة أعدائهم وأصدقائهم، ومايجب أن يفعلوه، في مواجهة تلك القوى الغاشمة، والظالمة والمتعدية على وفق الشرائع والأديان كافة.

           ومايجب أن يفعلوه، هو الذي يجب أن يكون موضع نظر من الجميع؛ والمقصود بالجميع السوريون كافة، سيما أولئك الشرفاء من حملة القضية السورية وورّاثها، والمعنيين بها دون سواهم من الناس.

           وفي المقابل نقول ومن (باب الإنصاف): إن أعداء الشعب السوري ليسوا تقليديين، ولوكانوا كذلك لَهُزِموا منذ الجولة الأولى، ولكنهم أعداء يسندهم الأجنبي وقد توافر لهم من أسباب القوة أربعة أسباب:

              السبب الأول السلاح: وكلنا يعرف الترسانة التي تسلح بها النظام فضلا عن السلاح الإيراني الذي يشكل بالنسبة له مدداً غير مقطوع، والسلاح الروسي الذي استقوى به ضد الشعب السوري، وفصائله المقاتلة.

            السبب الثاني الدعم الدولي لبشار ونظامه: وكلنا يعرف أن الشرق والغرب يصطف مع ذلك النظام؛ يقدم له الدعم المادي والمعنوي، من سلاح وغيره، ويدافع عنه في المحافل الدولية، بالرغم مما ارتكبه من جرائم.

         السبب الثالث وهو الأخطر حصار الثوار: داخل سورية وخارجها ومنع كافة أشكال الدعم الفعال عنهم، ومنه الأسلحة النوعية، وكلنا يعرف حجم الأسلحة النوعية وفاعليتها أمام البندقية المقاتلة، التي مهما ارتقت في النوع فلن تتجاوز السلاح الخفيف وبعض القطع المصنعة محليا، أو المشتراة من السوق السوداء، وهي غير كافية.

          السبب الرابع التحشد الإعلامي إلى جانب النظام: والوقوف معه وتبني أفكاره، والدفاع عنه في المحافل الدولية، بالرغم من عدوانه السافر على المدنيين، وعدم احترامه لحقوق الإنسان وإيغاله في الجرائم، واستخدامه الأسلحة المحرمة دوليا ضد الشعب السوري بعامة.

          والأخطر من ذلك وصم المجاهدين بالإرهاب، مع تصوير ذلك الإرهاب على أنه الأخطر عالميا، والدعوة إلى التحشد ضدهم بدلا من التحشد ضد النظام علما أن ذلك الإرهاب الذي يعنونه يطال عقيدة الأمة، وفكرها وثقافتها الحضارية.

         وعودا على بدء، فإن المعركة السورية، التي هي معركة حياة أو موت تتطلب منا شجاعة شخصية بالرأي أولاً، وبالفعل ثانيا، وإذا كان السؤال التقليدي الذي يدور على الشفاه – وهو الشغل الشاغل – يتمثل في (مالذي حدث؟) فإنه يتمثل كذلك في (مالذي يحدث؟) وهذان السؤلان وهما موجبا الرد، يتطلب كل واحد منهما الوقفة المفردة.

      أولاً الذي حدث: والذي حدث في سورية يُفْهَم من خلال رؤيتين. الرؤية الأولى عامة وهي تتناول الحقبة الممتدة منذ انقلاب الثامن من آذار سنة 1963 وحتى الآن، وهي تاريخية وسيتولاها المؤرخون من بعد بالدراسة والبحث. والرؤية الثانية خاصة، وتقتصر على أحداث الثورة السورية منذ سنة 2011م وحتى الآن، وتتطلب منا دون غيرها النظرة المعمقة في كل ماحدث على الساحة السورية، وكل ماله علاقة بالثورة السورية وعلى الصعد كافة، داخليا وخارجيا.

         والذي يجب أن نفكر به أولاً الصفحة الأخيرة من هذه المعركة، وقد بدت الانكسارات واضحة على جميع الجبهات. وذلك بعد التدخل الروسي، الذي بات معلوما أنه ينسّق لوجستيا وفنيا مع أعداء الشعب السوري، ويشاركهم في هجومهم المستمر ضد الفصائل المقاتلة، تحت غطاء ما يسمى بالإرهاب.

        لكن (الذي حدث) ماكان له أن يحدث وذلك من باب النقد الذاتي – لولا أمور أربعة:

        الأمر الأول  يتعلق بالتقاليد القتالية التي تكونت خلال السنوات الخمس المنصرمة: وقد بدا للعيان أنها تحكم على نفسها بالقصور منذ أيامها الأولى، وذلك لأسباب ثلاثة:

               السبب الأول  يتعلق بالخبرة العسكرية: والخبرة العسكرية لها جانبان. الجانب الأول يتعلق بالتقنية الفنية التي يملكها المقاتل والجانب الثاني يتعلق بالخبرة العملية التي يكتسبها المقاتل وكلا الجانبين لم يحسن استثمارها فدخلهما الخلل في العلاقة. ولم يكن لدى العاملين في الفصائل المقاتلة من يحسن الاستفادة من الخبرة بعامة. كما لم يكن لهم عقيدة قتالية يعملون على وفقها، وينشؤون عليها.

            السبب الثاني يتعلق بالرتبة العسكرية: والرتبة العسكرية تعني المؤهلات العسكرية وقد أُهْمِلت إلى درجة كبيرة وما وجود مخيمات الضباط المنشقين في بلدان الجوار إلا دليل على ذلك. وأكثرهم ولا ريب، من الشرفاء وأصحاب المواقف المشرفة، ويعد انشقاقهم الدليل الواضح على تلك المواقف، وإن كانوا أُخْمِلُوا ولم يسعفهم الحظ أن يلتحقوا بقوى الثورة المسلحة، أو أن يثبتوا حسن نواياهم على أقل تقدير.

         السبب الثالث – يتعلق بالناحية العلمية: والمعروف أن الفصائل المقاتلة، لم تستفد من أصحاب الكفاءات العلمية إلا بالقدر الضئيل من الفائدة. ولذلك توزعت الكفاءات السورية على القارات الخمس بينما قادة الفصائل المقاتلة أنصاف المتعلمين، وقليلو الخبرة، وغير المؤهلين فنياً بصورة عامة وقضية الافتقار إلى الخبرة، وعدم اعتبار الرتبة وعدم احترام المؤهلات هو الذي جعل التقاليد العسكرية التي كانوا عليها مفككة وغير نافعة. سيما في أوقات المعارك التي كانت تتطلب الخبرة العسكرية العالية.

    الأمر الثاني  يتعلق بأخلاقية المجاهدين: وبما كانوا عليه من انزلاقات خطيرة، وقد توزعوا على متشددين ومتفلتين وكلا التشدد والتفلت قطبا رحى طحنت عظام المجاهدين ولا تزال تطحنهم وإلى اليوم.

       الأمر الثالث  يتعلق بوحدة صف الثوار: وقد خلت الساحة السورية من هذه الوحدة، فَغَصّت بالفصائل السورية المختلفة فيما بينهما، والمؤلبة على بعضها، أو المنشغلة عن واجباتها بخلافاتها، الأمر الذي أضعفها، وأسقط هيبتها، وجعل أعداءها يراهنون على ضعفها.

      الأمر الرابع  يتعلق بالداعمين: وقد يكون أخطر مافي القضية أولئك الذي يقدمون شروطهم على دعمهم، وهي مسألة أكثر من مخيفة. سيما أن بعض تلك الشروط تخدم النظام وتتقاطع معه؛ بل وتشكل نقطة عطالة في العمليات القتالية ضده. والاشتراط وما انطوى عليه من إجحاف أحد مقاتل الثوار السوريين منذ 2011م وحتى اليوم.

ثانيا مالذي (يحدث الآن؟): إن الذي يحدث الآن وهو جلل يتعلق بالذي حدث من قبل؛ فهو نتاج طبيعي للفعل الخطأ، وللتصور الخطأ، والذي قاد إلى النتائج الخطأ والأمور الأربعة التي  تحدثنا عنها وما تفرع عنها من أسباب موضوعية تُعَدُّ المدخل إلى النقد الذاتي الذي يطال العملية الثورية كلها. وبغير هذا الفهم لانستطيع أن نتصور الانكسارات الهائلة التي حدثت على الساحة السورية أو القيام بفعل ما من أجل تلافيها. ويعد ماحدث في شمالي حلب المثال الأوضح على ذلك. فضعف التقاليد القتالية هو الذي جعل مواقفهم متشظية وقد امتنعوا عن نجدة بعضهم وانشغلوا بذواتهم، فأخذهم العدو بلدة بلدة وقرية قرية وبدون عناء يذكر، بل وكأنه في رحلة سياحية قياسا على المعارك السابقة التي خاضها  ضد الفصائل المقاتلة.

        وإذا ما أضفنا إلى ذلك الأمور الأخرى المتمثلة بشرذمة الفصائل المقاتلة، وبعدم اتفاقها فيما بينها، وقد توزعوا بين إرهابيين وغير إرهابيين، تبين لنا وبالصريح الواضح حقيقة ما يجري على الساحة  السورية. والقضية من وجهة نظر مجردة قضية تصفية الثورة وليس تصنيفها، وأن الإرهاب وما ثار حوله من نقاش ليس أكثر من شمّاعة لغرض التبرير والتزوير، من قبل الذين يخططون من أجل القضاء على سورية وشعبها. وعلى ثورتها المقدسة.

      وأخيراً فإن مايجب فعله يتمثل بأربع مسائل:

              المسألة الأولى مراجعة الذات: ومعرفة (ماحدث) و(مايحدث) و(مالذي سيحدث بعد). وذلك بالتحليل العلمي؛ المنطقي والموضوعي والبعيد جدا عما هو ساذج وعفوي، وغير صحيح.

            المسألة الثانية – برسم سياسة الاعتماد على الذات: والابتعاد عن كل أشكال الدعم المشروط، كائنا ما كان ذلك الدعم، وعن الارتهان للأجنبي، والانجرار وراء سياساته وطموحاته.

              المسألة الثالثة بالدخول في مشروع وحدة الفصائل المقاتلة: على الأرض السورية، والفصل بينها وبين المسائل الإقليمية والدولية التي جلبت على السوريين الأَمَرّين.

             المسألة الرابعة  بالانتباه إلى ما يجب أن يكون عليه الثوار من خلق أو دين: وعدم الفصل بين الدين والثورة، واعتبار السمت الإسلامي هو المهاد الأوسع الذي يجب أن تتشكل منه ثقافة الشباب المسلم الذي يخوض معركة الحياة أو الموت ضد أولئك الذي يغزونه في عقر داره ويحاولون سلبه حقوقه، فضلا عن دعمهم المطلق للنظام الذي يعد بحكم القاتل والمجرم والمعتدي على الحريات العامة والخاصة. وهي مسألة  لم تعد مقبولة عند السوريين الذين قرورا انتزاع حقوقهم من حاكمهم المجرم بالقوة المسلحة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات