مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_نبيل_العتوم_العرب_بين_معزوفة_أراب_آيدول_ومطرقة_القواعد_البحرية_الإيرانية_في_المنطقة
أكد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، أن إيران باتت بحاجة مُلِحَّة إلى قواعد بحرية في اليمن وسورية.
وأضاف ’’أن امتلاك قواعد خارج الحدود هي أقوى بعشر مرات من القوة النووية، واعترف أن لدى إيران قدرة نووية، مكنتها من الوصول إلى التخصيب بنسبة 95 بالمائة‘‘، وبهذا تمكنت من إجبار العالم على أن يجلس على طاولة التفاوض.
لا شك بأن الإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في 9نيسان / أبريل عام 2003م، وما أعقب ذلك من تداعيات دراماتيكية مدمرة بعد الأزمات في المنطقة بدءا من مصر، تونس، ليبيا، سورية، واليمن ….. مما شَكَّلَ فرصة تاريخية لإيران لتوسيع نفوذها وامتداد أَخْطبوطها الشيطاني في المنطقة، بعد أن نجحت عنوة ورغم أنف الجميع في تحويل الإقليم إلى ساحة لتبادل إطلاق النار وسحق الخصوم، لتمارس بعدها بسط هيمنتها ونفوذها وتأثيرها على المنطقة وبناء مجالها الحيوي دون مقاومة رسمية عربية تُذْكَر، حيث سعت طهران إلى بلورة مشروعها بما ينسجم مع هندستها لأمنها القومي، ومرتكزاً لتعزيز نفوذها الإقليمي، إذ أضحى العراق وسورية ولبنان منطقة مُثْلَى لِتَحَرُّكْ إيران، مُحَاوِلةً فرض شروط الاستسلام على الدول العربية، والسؤال المهم والمحوري كيف يمكن للدول العربية والإقليمية مواجهة إيران من خلال مداخل الأزمات الإقليمية مع حالة الضعف والانحطاط العربي، ومحاولات إيران للاستفراد بمن تبقى؟ الإجابة على هذا التساؤل بات أصعب من أي وقت مضى، لأن ما يجب القيام به لمواجهة النفوذ الإيراني المتعاظم مع حالة السيولة الدولية المقصودة وغير المسبوقة صارت بعيدة المنال بعد أن تشعب السرطان الإيراني في الأزمة العراقية والسورية واليمنية واللبنانية …….
بأمانة نقول أننا نعيش حالة كوما ’’غيبوبة‘‘ عربية غير مسبوقة، في وقت ارتكزت استراتيجية النفوذ الإيرانية بناء التحالفات والمحاور وتعزيز مقومات قوتها الذاتية، مما مكّنها للتحدث بوقاحة عن عزمها بناء قواعد بحرية داخل العمق العربي، وكأن الأرض العربية باتت إقليم جغرافي مشاع لها ولغيرها لتستبيحه، فنشطت في إنشاء الميليشيات والخلايا النائمة وزرعتها في جسد الأمة العربية الواهن أصلا، وزرعت قنابلها الطائفية التي تريد إحداث أكبر عملية تغيير ديموغرافي لصالح تعزيز فكرة القيمومة على شيعة الشتات، وإعادة هندسة مشروع توزيعهم، وترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي واستراتيجي غير مسبوق في ظل حالة الصدع المذهبي الذي نجحت في خلخلته أصلا، وبالتالي تعزيز السيادة على شيعة الشتات وفق رؤية مذهبية لن تبقي ولن تذر. الأمر الثاني أن طهران أعادت رسم التعامل في بناء التحالفات بهدف الاستفادة منها وتوظيفها لتشكيل المؤسسات الناشئة في اليمن وسورية مستقبلا كما حدث معها في العراق، فبدأنا نشهد الندوات تلو الندوات في طهران التي تتحدث عن سورية ويمن المستقبل والدور المناط بإيران للقيام به، لتعزيز مقومات بقائها، وأهمية التحالف مع الأحزاب والتنظيمات المختلفة لتوسيع خياراتها وضمان أمنها ومصالحها القومية .
المثير أن استراتيجية طهران تحولت إلى فكرة بناء الميليشيات العابرة للحدود لتكون أدوات إيران الجديدة الضاربة في المنطقة، وقد تمثل ذلك من خلال نجاحها في بناء الحشد الشعبي الطائفي الذي بات اليوم خارج المساءلة القانونية والجنائية ببركة دولة الولي الفقيه، واستعداده للاندفاع بكامل طاقته وقوته نحو أراضي السعودية والكويت والبحرين، حيث تعهد الحرس الثوري وفيلق القدس التابع له، بتسليح وتدريب وتمويل هذه الميليشيا الدموية، حتى بأسلحة الدمار الشامل – كما ذكر آية الله محمد مصباح يزدي – والتي لعبت دورا بارزا في تأسيس للطائفية والمذهبية وتقسيم العراق، وإبادة أهل السُنّة، والحبل على الجَرّْار.
من المؤكد أن إيران ماضية على قدم وساق إلى وضع آليات جديدة مبتكرة لتنفيذ استراتيجية النفوذ الجديدة من خلال حشد جُلَّ إمكاناتها وطاقاتها وذلك عبر توظيف كل مؤسساتها، ومحاولة توظيف مراجع إيران والعراق في كل مكان يُذكر فيه اسم طائفة شيعية لتدمير العرب .
في الوقت الذي أسست فيه طهران القنوات الطائفية الناطقة بالعربية باللغة العربية للسيطرة على عقول وقلوب الشيعة وتعبئتهم ضد يزيدي العصر في كل مكان، وقد عكست هذه القنوات سياسة إيران الإعلامية وما ترغب ترويجه للشيعة بشكل خاص لذبح الأمة السُنّية من الوريد إلى الوريد، تنشغل فضائياتنا العتيدة بـ (أراب آيدول) لاختيار أعذب صوت وأجمل إطلالة، والتبشير بعرض موسم جديد من ستار أكاديمي، وكأننا أصبحنا أمام مؤسسات وأنظمة رسمية عربية ترعى العهر والرذيلة وتتفنن بها، لتسهيل مهمة إيران للإجهاز علينا .
ولم يقف الأمر عند ذلك، فقد وَفّْرَت بعض الدول العربية عمداً المقومات الفعلية والعملية لضمان نجاح مرتكزات وآليات استراتيجية النفوذ الإيرانية في المنطقة أهمها: على الجانب الاقتصادي أصبحت بعض الدول العربية من الشركاء الرئيسيين لإيران في مجال التجارة ؛ مما ساهم بتخفيف حدة العقوبات الدولية، لتتمكن طهران من بناء برنامجها النووي، والذي سيكون وبالا عليهم، ولم يقف الأمر عند ذلك فحسب فقد قامت بتسهيل حركة السيولة وتدوير أموال الخمس وغسيل الأموال من إيران وإليها لذبح سُنّة العراق وسورية واليمن ولبنان….، وباتت اللغة الفارسية اللغة الرسمية الثالثة فيها. أضف إلى ذلك أن بعض الدول العربية الأخرى قد فتحت موانئها وأجوائها لتخفيف الضغط عن النظام الإيراني، بل والالتفاف على خط العقوبات الدولية لإنعاش الاقتصاد الإيراني، أما البعض الأخر فقد سَابَقَ الخطى للدخول على خط الوساطة وتلطيف الأجواء بين طهران وواشنطن حتى لا ينهار نظام الملالي.
في حين انشغلت بعض الدول العربية بنسج خيوط للعلاقات السياسية بالسر والعلن، تحت حجة محاربة الإرهاب، وفي هذا حَدّثْ ولا حَرَجْ، ويمكن أن نلمس مؤشراته بوضوح في تصريح رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشورى أول أمس بأن علاقات إيران الخارجية ستشهد تحالفات استراتيجية مع بعض الدول العربية المحورية، ويا لها من بشارة .
بعد اليوم بات لا مكان للحديث عن بناء مشروع عربي لمواجهة المشروع الإيراني ولو من باب المجاملة، وكفانا كذبا واستهتارا بعقول الغلابى والمستضعفين والمقهورين والمكلومين والثكالى من الأمهات والأطفال والشيوخ …كفانا …. باختصار لأن مواجهة دولة ولي الفقيه من الشعوب وقواه الحية تبدأ وإليه تنتهي، عظم الله أجركم في أنظمتنا العربية. وحسبنا الله ونعم الوكيل .