الخميس, نوفمبر 21, 2024
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيماذا يريد العالم منا نحن السوريين

ماذا يريد العالم منا نحن السوريين

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_عبد_العزيز_الحاج_مصطفى_ماذا_يريد_العالم_منا_نحن_السوريين

 

       مع مسلسل القتل، ومسلسل التدمير، والمسلسل الدبلوماسي المستمر، قصد التغطية على كل مايحدث في سورية، يثور في داخل كل سوري وسورية سؤال محرج جدا للأطراف المشاركة في تلك المسلسلات.(ماذا يريد العالم منا؟).

      فمنذ العام2011م، وهو تاريخ اندلاع الثورة السورية، ومسلسل القتل والتدمير واللعب بالقضية السورية في تصاعد مستمر. و(الغريب العجيب) أن المشاركين في ذلك المسلسل بعضهم من الأشقاء، وبعضهم من الأصدقاء، والبعض الآخر من الأعداء، وجميعهم يلتقون عند مخطط واحد، تضطلع بتنفيذه غرفة عمليات مشتركة. والتحالف الدولي الذي يكثر الحديث عنه، هو ممن يأتمر بأمر تلك الغرفة، ومن يعمل لحسابها بشكل خاص.

     ومن تلك الغرفة تتوزع المهام والمسؤوليات ولاتقتصر مهامها على بلد بعينه. بل قد تتخطى الحدود والقيود، لتضرب حيث يراد لها أن تضرب، دون أن ينبعث في ذات الفاعلين ضمير يؤنب، أو شعور يتوجس، أو فكر يراجع، وذلك هو سبب السؤال الكبير الذي يسأله السوري. (ماذا يريد العالم منا؟)!!!

     إنّ بعضهم يدرس القضية السورية في حدودها الإقليمية فيعدها: مشكلة نظام مع شعبه. وهي بالتالي مشكلة سورية محددة، ولاداعي لهذا القتل والتدمير. والذي يريد أن يحكم شعبا بعينه لايمكن له أن يرسم مسلسل قتله وتدميره سيما أنه في حاجة إلى صناديق الاقتراع التي ستقرر من الذي سيكون الحاكم. وإلى رضى ذلك الشعب الذي سيحكمه.

      وبعضهم الآخر يعدها مشكلة اجتماعية تعود لطبيعة التنوع الديموغرافي في بنية الشعب السوري. حيث يقود التعدد في سورية إلى التصادم. ويبرورن ذلك بالخلافات المذهبية العميقة بين مكوّنات الشعب السوري. وهذا هو الذي يجعل الأطراف مجتمعة تتصارع بعنف وبخلافات ليس أعنف منها. وعلى شاكلة ذلك الخلاف القومي بين العرب والكرد. حيث قاد الشعور بالغبن عند الأكراد إلى الانبعاث الموتور والحاقد ضد الوطنية السورية. وما تفعله قوات سورية الديمقراطية لايخرج عن هذه الدائرة. وكذلك الخلاف بين العلويين والسُنّة وهو خلاف ناشب قد يكون مضى عليه قرن من الزمان.

     وفي مقابل ذلك من يرى أن القضية السورية تخرج من كونها قضية نظام أو قضية اجتماعية، لتقع في أسر المخطط الصهيوني الصليبي، الذي التحالف الدولي من بعض أدواته في المنطقة العربية كلها، وليس في سورية فحسب.

     ويضاف إلى المخطط الصهيوني الصليبي، المخطط الصفوي الإيراني، الذي يريد أن يمد مشروعه إلى ماهو أبعد من سورية من بلدان العالم الإسلامي. حيث تبدو آثاره واضحة في أكثر من بلد إسلامي.

     والمخططان الصهيوني الصليبي، والصفوي الإيراني؛ وهما حقيقة واقعة، يعدان من الفاعلين جدا على الساحة السورية وممن بأيديهم الحل والعقد بصورة عامة بسبب من تحالفهم القوي، ومن القوة الهائلة التي يتسلحون بها.

     وإذا اعتبرنا أن مشكلة النظام والمشكلة الاجتماعية حقيقة واقعة، كنا أمام مشكلة مركبة أقل ماتوصف به أنها: داخلية وخارجبة. وأن الحاكم فيها وبشكل مطلق غرفة العمليات المشتركة التي تخطط بدقة متناهية لتنفيذ المهام الموكولة إليها، بصرف النظر عن الحقوق العامة والخاصة، وعمّا يتعلق بذلك من تبعات.

     ولذلك فإن قول السوري والسورية، الكبار والصغار والعوام والخواص. (ماذا يريد العالم منا؟) لايفهم إلا في سياقه. وسياقه دراما خاصة. يمثلها ممثلون كبارا، أقل مايقال عنهم: أنهم محترفون. ويجيدون التمثيل إلى درجة كبيرة.

     وكل ماقيل أو يقال عن الشخصيات الرئيسة التي كان لها دور أو مشاركة في القضية السورية لايخرج قيد أنملة عن كونها دراما، وأن تلك الشخصيات كانت ولاتزال تنضم تباعا إلى جوقة الممثلين، أو تخرج منها وهي خجولة، دون أن تحقق لشعب سورية مايحفظ لها ماء وجهها على أقل تققدير.

     وبناء على ماتقدم يمكن أن نجيب على سؤال السوريين (ماذا يريد العالم منا؟). فالذي يريده العالم منك أيها السوري المبتلى بنظامه أولا، وبالمكوّنات الموتورة ضده ثانيا وبالمخططات العدوة التي تستهدفه ثالثا أمورا ثلاثة:

     أولا- أن يقتلك: ومسلسلات القتل الممنهج في طول البلاد وعرضها شاهد على ذلك. وليس في حاجة إلى بينة. فالشمس لاتحجب بغربال.

     ثانيا- أن يدمر بناك التحتية والفوقية: وأن يدخلك في خانة الصفر، فيمسح معالمك الحضارية من الوجود، ويعيدك إلى بدائية الحياة، في عصر لم تعد فيه للبدائية أية قيمة تذكر.

    ثالثا- أن يدفعك إلى الخروج من بلدك: إلى بلدان أخرى لتذوب في مجتمعاتها إذا أمكن، أو لتعيش عيشة الغرباء المستضعفين، أو الضعفاء المنبوذين، وهذا هو الذي يحدث اليوم. وجميعه ليس في حاجة إلى دليل، وقد أصبح حديث الناس. قاصيهم ودانيهم. وفي كل مكان وصل إليه السوريون.

    ولوسألنا أنفسنا عن الخاسر في هذه المسألة لوجدنا أنه ينحصر في اثنين:

     الأول – النظام: الذي فقد مبررات وجوده. بعد ضلوعه في الجريمة إلى جانب القوات الغازية، وبعد استقدامه تلك القوات إلى البلاد السورية، لتقتل الشعب السوري، ولتعمل على تهجيره وتشريده.

     والثاني – الشعب السوري: الذي كُتِبَ عليه أن يكون الضحية ومن جانب واحد، وعلى أيدي قتلة ومجرمين كل همهم أن يقتل ذلك الشعب، وأن يخرج من أرضه صاغرا.

     وإذا ماحذفنا من الواقع (الشعب والنظام) كنا أمام فراغ لايلبث أن يملأ من قبل الغرباء الذين استقدموا كميليشيات أو الذين انبعثوا من جحورهم كما تنبعث الأفاعي، فكانوا أخطر منها، وأشد تنكيلا بسورية وبشعبها الجريح.

     وهذا الفراغ هو الذي يسعى من أجله أصحاب المخطط الأجنبي الذي تضطلع بتنفيذه غرفة العمليات المشتركة التي تنفذ مهامها ضد الشعب السوري، بدم بارد، وببعد عن العواطف.

     وحصاد ذلك واحد من ثلاثة:

  • إخراج سورية: من كونها بلد مواجهة مع الدولة الصهيونية في فلسطين إلى كونها مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية المتخاصمة فيما بينها، والمحكومة بهيمنة الدولة اليهودية في فلسطين.
  • أو بتحويل اسم (الجمهورية العربية السورية إلى الجمهورية السورية): المقطوعة عن العرب والمسلمين، صلة ونسبا. وبذلك يلغى التاريخ الإسلامي لسورية الذي مضى عليه أكثر من ألف وأربع مئة سنة، لتبدأ حقبة جديدة من حقب التاريخ، التي كل مايقال عنها: أنها ليست عربية وليست مسلمة. وأقل ماتوصف به: أنها عدوة للعرب والمسلمين. وبقيادة البطل بشار الأسد!!! أو من يخلفه من القيادات البطلة!!! قبح الله ذكرهم.
  • أو بهيمنة القوى الخارجية عليها: وبتحويلها إلى مناطق نفوذ بين تلك القوى، وبشغلها بالتراث والأحقاد التي تكونت قبل أو بعد 2011م. وبجعلها تابعا يأتمر بأمرها، وينفذ المهام الموكولة إليه بدون تردد أو تذمر.

وفي الختام:

      فإن الفهم الصحيحح لطبيعة سؤال (ماذا يريد العالم منا؟) وكذلك الإجابة عليه، يضعنا نحن السوريين جميعا على المحك مع قضيتنا العادلة، ذات الأبعاد الثلاثة؛ الوطنية، والقومية، والدينية، ويوجب علينا بعد أن غزت ديارنا، وآذنها أعداؤها بالحرب، أن نعد أنفسنا: أننا واقعون في دائرة النفير العام، ومطلوبون إلى المشاركة في المعارك الفاصلة، التي كانت ولاتزال تنشأ بين المقاتلين الأبطال وخصومهم. وإلى دعمهم بالمدد والعدد ماوسعنا إلى ذلك السبيل.

     وعلينا أن نضع بين أعيننا وفي أذهاننا: أن الحقوق تؤخذ ولاتعطى، وأن من يطلب الموت توهب له الحياة وأنه في المواقف المصيرية والصعبة تناط المهام بالرجال الشجعان الذين يبتدرون الساحات بهمّة، ويقاتلون بصدق، وقد وضعوا في اعتبارهم إحدى الحسنيين اللتين يتعشقهم الشهداء، ويضحون من أجل بلوغهما، وفي ذلك الخلاص المشرف، أو الفوز الكبير بالجنة والرضوان.

المادة السابقة
المقالة القادمة
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات