الأربعاء, ديسمبر 25, 2024
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةتضارب المصالح الصهيونية الإيرانية في سورية واتهام إيراني باختراق الأمن السوري

تضارب المصالح الصهيونية الإيرانية في سورية واتهام إيراني باختراق الأمن السوري

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_تضارب_المصالح_الصهيونية_الإيرانية_في_سورية

أكدت الضربة التي تلقَّتها إيران في سورية في 20 يناير / كانون الثاني الحالي، من خلال مقتل خمسة قادة إيرانيين من الحرس الثوري بضربة صهيونية في دمشق، أكدت وجود اختراق أمني للميليشيات الإيرانية في سورية.

ويُسَجَّل على الحرس الثوري والوجود الإيراني في سورية عدم الثقة بقوات النظام السوري وأجهزته الأمنية، إذ وَجَّهَ ضباط إيرانيون – عملوا في سورية سابقاً – انتقادات إلى قوات النظام تتعلق بكفاءتها وإخلاصها في القتال، فيما يغلب الانغلاق على معظم التحركات الإيرانية، لاسِيَّما على مستوى القادة، لجهة التقليل من الانكشاف الأمني أمام أجهزة النظام التي تعتقد إيران أنها مخترقة، على الأقل من قِبَلِ روسيا.

وفي مقابل دعاوي إيران وشكوكها باختراق الأمن السوري من قِبَلِ الدولة العِبْرِيَّة أقدمت دمشق على إجراءات غير مسبوقة داخل الفريق الأمني وعلى أعلى المستويات، فقد جرى تعيين اللواء علي مملوك مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، وتعيين اللواء كفاح الملحم خَلفاً له في رئاسة مكتب الأمن الوطني، في حين نُقِلَ اللواء كمال حسن من رئاسة فرع فلسطين ليصبح رئيس شعبة المخابرات العسكرية، خَلفاً للواء كفاح الملحم.

ومن هنا فإن إيران تعمل عبر سياساتها المتتابعة والمبنية على أهمية إنجاز المشروع الفارسي، بحيث يتم من خلاله تشييد البناء المُنهار أصلا، لتتم الهيمنة على دول الجوار العربية والإسلامية، وبالتالي فإن إيران لن تسمح لأدواتها بأن تخرب ما بنته عبر عشرات السنين، وتجاوزت فيه وعَبْرَهُ كثيرا من العقبات، حتى باتت تهيمن على أربع عواصم عربية (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء)، في ظِلِّ صمت عربي ومراقبة أمريكية، دون الاعتراض الجدي على ذلك.

من هنا كان التمسك بما أنجزته يجعلها تشرب كؤوس السم واحدة تلو الأخرى من أجل المحافظة على المشروع المستقبلي بالغ الأهمية، وهو بناء الإمبراطورية الفارسية في المنطقة.

ولم يكن يناير / كانون الثاني 2024م الأول بين الشهور التي تمر أيامها ثقيلة جدا على الإيرانيين، إذ ارتبط اسمه بأحداث دامية على مر التاريخ، وأضحى الإيرانيون يخشونه على غرار رهبتهم من نحس الرقم (13) فكيف يكون وَقْعُ الشهر الذي تبدأه بلاد فارس بمقتل نحو مئة وجرح المئات من مواطنيها، في تفجير مزدوج استهدف حفلاً بمدينة كرمان.

وبعد التوتر الطارئ على علاقات طهران مع كل من أربيل وإسلام آباد إثر القصف الصاروخي للحرس الثوري على ما أسماه ’’معاقل الإرهابيين في باكستان، ومقر للموساد شمالي العراق‘‘ يتلقَّى الإيرانيون، نبأً صادماً بمقتل 5 من كبار المستشارين العسكريين، بغارة صهيونية على حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، بينهم يوسف أميد زاده مسؤول وحدة الاستخبارات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، ونائبه الحاج غلام.

يأتي ذلك بعد مرور أقل من شهر على اغتيال الجنرال رضى موسوي، المسؤول عن وحدة إسناد ما يُعرف بـ ’’محور المقاومة‘‘ في سورية، جراء قصف صاروخي صهيوني على منزله بمنطقة السيدة زينب بالعاصمة السورية أيضا، وذلك بعد مُضي شهر تقريبا من مقتل مستشارين اثنين آخرين في غارة مماثلة بضاحية دمشق.

وأعادت عملية الاغتيال تلك التساؤل القديم الجديد عن سبب الانكشاف الأمني للوجود الإيراني على الأراضي السورية، إذ سبق أن شنَّت الدولة العِبْرِيَّة خلال العقد الماضي مئات الغارات الجوية على أهداف إيرانية على الأراضي السورية، فضلا عن الاغتيالات التي طالت علماء إيرانيين وعمليات تدميرية استهدفت منشآتها النووية والعسكرية داخل إيران، أدَّت إلى مقتل عشرين مستشارا عسكرياً إيرانياً على أقل تقدير في الغارات التي شنتها الدولة العِبْرِيَّة على سورية خلال العقد الأخير.

وعلاوة على قتلى حي المزة، والنافق موسوي في منطقة السيدة زينب، فإن أربع مستشارين عسكريين قُتِلوا في قصف صهيوني على ريف دمشق، وآخر على جنوبي حي السيدة زينب، فقط خلال العام الجاري (بدأ في 21 مارس / آذار 2023م).

وهكذا تحولت سورية إلى مسرح لأجهزة الأمن الأجنبية، وأن بعضاً من الدول الصديقة التي تربطها علاقات بطهران ودمشق على تعاون وثيق بالكيان الصهيوني، مما يفتح الباب على مصراعيه بإمكانية تسريب تلك الدول بيانات عن الأهداف الإيرانية في سورية إلى الدولة العِبْرِيَّة.

وتعمل الدولة العِبْرِيَّة حاليا على معادلات جديدة منها معادلة تطلق عليها تسمية ’’عقيدة الأخطبوط‘‘ وهو يؤشر إلى أن الدولة العِبْرِيَّة باتت تستهدف إيران مباشرة لا كما كان سابقا عبر أذرعها وأدواتها في المنطقة المحيطة، وهو ما يعيدنا إلى الوقوف مع السياسات الأمنية الصهيونية تجاه إيران في مجمل الجغرافية السورية، إذ يقال بأن الدولة العِبْرِيَّة تعمل حاليا على معادلات جديدة منها معادلة تطلق عليها تسمية ’’عقيدة الأخطبوط‘‘ وهو يؤشر إلى أن الدولة العِبْرِيَّة باتت تستهدف إيران مباشرة لا كما كان سابقا عبر أذرعها وأدواتها في المنطقة المحيطة.

ولعل ما خاضته الدولة العِبْرِيَّة سابقا كان صراعا بالخفاء أو ما يطلق عليه ’’حرب الظل‘‘، حيث قام كل منهما بمهاجمة الآخر في غير مكان، عبر الجو والبر والبحر كذلك، وفي كثير من الحالات بالوكالة من خلال أدواتها في المنطقة.

بالفعل فقد راحت الدولة العِبْرِيَّة وبدعم أمريكي واضح المعالم، تستهدف الرؤوس الأمنية الإيرانية، وقيادات مهمة في لعبة الصراع القائمة في المنطقة، بين المشروعين الخطيرين على العرب والمسلمين كافة، وهما المشروع الصهيوني، والمشروع الإيراني.

وقد تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تصفية أهم الرؤوس الأمنية الإيرانية، وأيضا اللبنانية التابعة لولاية الفقيه، وهي كما يبدو تتابع هذه الاستهدافات حيث تنخر المخابرات الصهيونية في جسم النظام الأمني السوري وأدواته، وتفتك فتكاً به عبر الوصول إلى شخصيات ذات أهمية، وتؤثّر في تقهقر المشروع الفارسي الإيراني في المنطقة، حيث تسجل الدولة العِبْرِيَّة أرباحها في سياسة النقاط، وليس بالضربة القاضية، مما يؤثر على الخصم ويجعل محور (المقاومة والممانعة) وادعاءاته أداة طَيِّعَة، وأدواته آيلة للسقوط، وغير قادرة على المواجهة، بينما تعجز كل آلة الأمن و(العسكريتاريا) الإيرانية وتوابعها، من ميليشيات طائفية كانت قد جُهزت من أجل إنفاذ مصالح إيران واستطالاتها وتوجهات مصالحها النفعية البراغماتية على حساب الآخرين.

أما لماذا مازالت إيران تسكت بل وتعجز عن ملاقاة الدولة العِبْرِيَّة والاقتناص منها بشكل مباشر ومتابعة استراتيجياتها في (الصمت الاستراتيجي) المُدَّعَى، فإن ذلك يعود إلى أنه ليس هناك عداء حقيقي وجدي بين المشروعين الصهيوني والإيراني، ولم ترتق كل الصراعات المصلحية بينهما إلى مرتبة العداء أو القطيعة، التي لا عودة عنها، حيث تتوافق السياسات الإيرانية في المنطقة بشكل واضح على ذلك، وتشتغل واقعيا على مبدأ أن ليس من تنافس يُفضي للعداء، بل لعله الصراع التنافسي الذي يستفيد منه الطرفان، على حساب أهل المنطقة من النظام العربي الرسمي، الذي مازال منشغلا بمناكفاته مع الآخرين، وكذلك خلافاته البينية دون الإعداد الحقيقي لبناء مشروع يواجه به أعداءه من إيرانيين وصهاينة.

كما أن شعار وفكرة (وحدة الساحات) كانت وما تزال مجرد صياغات شكلية غايتها الاستمرار في صياغة وإنجاز مصالحها دون السماح بتقويض هذه المصالح مهما كانت الأثمان باهظة في الجسد الإيراني، أو في الموالين الأكثر سهولة في استثمارهم والتفريط بهم، كحال نظام بشار الأسد، أو الحوثيين، أو حتى الحشد الشعبي، أو الأداة الألعوبة الأهم حزب اللَّات اللبناني.

المراجع

– الجزيرة – 21/1/2024م.

– تلفزيون سوريا – 28/1/2024م.

– العربي الجديد – 20/1/2024م.

– الشرق الأوسط – 26/1/2024م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_تضارب_المصالح_الصهيونية_الإيرانية_في_سورية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات